مصر: الثورة تغري الأكاديميين بخوض معترك الانتخابات البرلمانية

أكدوا أن نزولهم للشارع زادهم طاقة

TT

فتحت ثورة «25 يناير» في مصر أبواب السياسة للجميع، وساعدت على تغيير خارطة الحياة السياسية. ولم يقتصر التغيير في هذه الخارطة على مشاركة الشباب أو المرأة أو حتى التيارات الإسلامية (التي كانت محظورة أو مغضوبا عليها في السابق) من دخول معترك الحياة السياسية أو المشاركة في انتخابات البرلمان، بل أيضا فتحت الباب أمام فئات طالما غابت عن المشهد السياسي في مصر، كأساتذة الجامعات أو الأكاديميين والناشطين السياسيين، الذين قرر بعضهم الدخول في تجربة الانتخابات البرلمانية الجديدة، آملين أن يكون لهم صوت في برلمان الثورة وأن يشاركوا الجميع في صنع مستقبل البلاد.

ويبدو أن الأكاديميين المصريين سيبتعدون قليلا عن ضفاف الكتب وصفحات المجلات والجرائد استعدادا للنزول للشارع والاختلاط بالمواطنين وعرض برامجهم ومنافسة الآخرين على مقاعد البرلمان بعيدا عن قاعات الدروس وحرم الجامعات، ويعتقد مراقبون أن دخول فئة الأكاديميين إلى الحياة البرلمانية في مصر سيعطي للبرلمان الجديد زخما كبيرا، خاصة أن الكثير منهم متخصصون في الشؤون السياسية أو الاقتصادية أو القانونية أو المالية، مما سيجعل طريقة صدور التشريعات والقوانين مختلفة عن البرلمانات التي طالما سيطر عليها الرأي الواحد في عهد الحزب الوطني المنحل.

وعلى الرغم من اختلاف طريقة ترشح هؤلاء الأكاديميين للبرلمان، الذي ستبدأ أولى جولات الانتخابات به في الثامن والعشرين من الشهر الحالي، فإنهم جميعا اتفقوا على خوض هذه الانتخابات أملا في المشاركة في رسم مستقبل أفضل لمصر. يقول الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة - الباحث بمعهد كارنيغي للسلام: «الثورة هي من شجع النخبة، خاصة الأكاديميين المصريين، على الدخول لساحة الانتخابات بعدما ظل الكثير منهم يؤدي دوره سواء بالكلمة أو الكتابة قبل الثورة أو المشاركة في الثورة، وكان عليهم أن يكملوا دورهم بعد الثورة بالمشاركة في العملية الانتخابية وأن هذه الفرصة كان لا بد من اغتنامها».

حمزاوي، المرشح على مقعد الفئات بدائرة النزهة ومصر الجديدة، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه على المستوى الشخصي لا يجد صعوبة كأكاديمي في النزول للشارع وعقد المؤتمرات الشعبية وتعريف الناخبين ببرنامجه، وعلى العكس يراها طاقة جديدة لتعلم لغة الخطاب من خلال التعامل مع جميع أطياف وألوان الشعب المصري. وأضاف حمزاوي: «هناك من يشعر بالخوف من النزول للشارع بعدما ظل طويلا يتحدث عن السياسة ولا يمارسها، لكني أتمنى أن تنجح هذه التجربة وأن يدخل البرلمان مجموعة من الواعين بالتشريع والرقابة، مع الاحترام لكافة الأعضاء.. لكن الأكاديميين المصريين سيكونون، بلا شك، إضافة قوية للبرلمان، أيا ما كانت توجهاتهم، مما يثري البرلمان المقبل».

من جانبه، أكد الدكتور عماد جاد، الخبير الاستراتيجي بمركز الأهرام للدراسات، أن مرحلة تمرير النظام لما يريده من قوانين وتشريعات قد ولت، وأن الجميع لا بد أن يشارك في صنع مستقبل الوطن، وأن الناخبين يتطلعون الآن لمن يستطيع أن يخدم مصر بالفعل وليس بالكلام. ويقول جاد، مرشح الكتلة المصرية على دائرة الساحل بشمال القاهرة: «هناك تعاطف كبير من قبل الناخبين لأنهم يعلمون من يترشح لمصلحة شخصية ومن يترشح لصالح خدمتهم وتحقيق مطالبهم». وأكد جاد أن تركيبة البرلمان المقبل ستكون مختلفة؛ لأن هذه المجموعة من الأكاديميين - إذا فازوا في الانتخابات - سيكون لها تأثير كبير على قرارات البرلمان وطريقة وضع الدستور والتشريعات ومنع سيطرة فصيل واحد على البرلمان، مما يساعد على بناء مؤسسات ديمقراطية قوية في مصر تعبُر بمصر الفترة الحرجة التي تمر بها.

بجانب الأكاديميين الذين قرروا دخول الانتخابات سواء كمستقلين أو على قوائم بعض الأحزاب، قررت بعض الحركات الجامعية ترشيح أعضائها للبرلمان الجديد، وهو ما حدث مع حركة استقلال جامعة عين شمس، التي فازت قائمتها بانتخابات أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، كأول حركة جامعية منظمة تخوض الانتخابات البرلمانية بقائمة مرشحيها لممارسة السياسة على خلفيتها الأكاديمية. وقررت الحركة خوض ثلاثة من أعضائها للانتخابات على المقاعد الفردية، ويقول الدكتور عمرو الشلقامي، أحد أعضاء حركة استقلال عين شمس: «سنشارك في الانتخابات ليس سعيا وراء المناصب في مجلسي الشعب والشورى، وإنما رغبة في المشاركة واستعادة دور الأساتذة في الحياة السياسية، بالإضافة إلى دعم البرلمان بأساتذة جامعة محترمين».

وما بين آمال الأساتذة في دخول البرلمان وبين متطلبات الحياة النيابية في مصر، تظل الساحة السياسية في حاجة لكافة الأطياف والقوى والفئات لتحقيق حياة سياسية وبرلمانية صحية؛ من شأنها أن تنقل مصر لمرحلة ديمقراطية حقيقية وتنأى بها عن سيطرة الحزب أو الرأي الواحد.