قادة إسرائيليون يحذرون من تصاعد العداء للديمقراطية في ذكرى اغتيال رابين

رجل دين يهودي كبير ينعت اليسار بالشرير.. والصحافة تحذر من التحريض الدموي

بيريس يضيء شمعة في ذكرى اغتيال إسحاق رابين، أمس (إ.ب.أ)
TT

خلال نشاطات إحياء الذكرى السنوية الـ16 لاغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين، حسب التوقيت العبري، أمس، حذر عدد من الشخصيات السياسية والعسكرية من التدهور الذي تشهده إسرائيل؛ حيث تزداد ممارسات التطرف والإرهاب.

ودعت صحيفة «هآرتس» أنصار الديمقراطية من اليمين أن يهبوا في وجه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ليكف عن نهجه المعادي للديمقراطية. وقال رئيس أركان الجيش الأسبق، الجنرال أمنون لفكين شاحك: «إن الديمقراطية الإسرائيلية تراجعت إلى حد خطير، ومحلها تحل مناهج فوضى وإرهاب». وأضاف شاحك أن «الكثير لا يعرف أن أحد أهم أسرار قوة إسرائيل في المنطقة هو كونها دولة ديمقراطية، فإذا فقدناها سنرى تقويض أركاننا»، لافتا النظر إلى عدة مظاهر دوس على الديمقراطية، مؤكدا أن هذه لم تعد ممارسات لقلة قليلة من قوى التطرف، بل أصبحت جزءا لا يتجزأ من ممارسات الحكم، أكان ذلك في القوانين المعادية للديمقراطية أم في الاعتداءات التي تنفذ ضد العرب من سكان إسرائيل أو من الضفة الغربية وضد اليسار اليهودي وحتى ضد محكمة العدل العليا. وقال إن ما يقلقه هو السكوت على هذه الظواهر. وحذر: «لن يبقى أحد خارج دائرة الاعتداءات المعادية للديمقراطية، فما بدأ بالعرب يصل بسهولة إلى اليهود».

يُذكر أن رابين اغتيل في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 1995، لكن إحياء الذكرى رسميا يتم وفقا للتقويم العبري، الذي صادف أمس. وفي حينه اعتقل يغئال عمير، الناشط اليميني المتطرف، الذي اعترف أنه قتل رابين بسبب اتفاقيات أوسلو. وهناك من رأى أن رابين قُتل بأيدي المخابرات الإسرائيلية التي كانت هي أيضا ضد هذه الاتفاقيات. وأطلق عشرات القادة السياسيين الإسرائيليين، أمس، تصريحات قلقة بشدة على مستقبل إسرائيل جرَّاء التراجع في المفاهيم والقوانين والممارسات الديمقراطية. وقالت حفيدة إسحق رابين: «إن هناك من يحاول جعل مناسبة إحياء ذكرى رابين مجرد حفل حزين يستذكرون فيه زعيما سياسيا ويحاولون تناسي الحقيقة الرهيبة، وهي أن الرجل قتل بالرصاص لأنه قاد إسرائيل إلى بر السلام. فلمن توجد مصلحة في أن ننسى أن إسرائيل شهدت اغتيالا سياسيا؟ وما الدرس الذي ينبغي أن نتعلمه من هذه الجريمة؟».

وحاول وزير المعارف، جدعون ساعر، الدفاع عن حكومته وتبرئتها من التهمة. فراح يهاجم قوى التطرف اليميني كما لو أنها من خارج معسكره اليميني الحاكم، وقال: «هناك مجموعة قليلة من اليهود الذين يمارسون اعتداءات تخريب يجب أن نقول بملء الفم إنها إرهابية». وأضاف: «إنهم يمارسون اعتداءات إرهاب ضد المساجد وضد المواطنين الفلسطينيين وضد قوات الجيش الإسرائيلي وضد قوى سياسية معينة في مجتمعنا اليهودي، وعلينا أن نلفظ هؤلاء من بيننا ونحاسبهم بقسوة على أعمالهم. فما يقومون به هو كالسرطان في جسد الإنسان، مرض قاتل فتاك».

لكن اليمين الإسرائيلي الحاكم بشكل عام لا يتأثر من التحذيرات حول الأخطار على الديمقراطية، ففي يوم إحياء الذكرى تحاول الحكومة تمرير قانون جديد يقضي بفرض ضريبة بقيمة 45% على التبرعات التي تتلقاها جمعيات المجتمع المدني من دول أوروبا، وغالبيتها جمعيات عربية وجمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية في إسرائيل. وقد أنشأت صحيفة «هآرتس» مقالا افتتاحيا، أمس، حذرت فيه من هذا القانون وأخطاره وقالت فيه إن نتنياهو يحتاج إلى دورة في أصول الديمقراطية حتى يفهم أن قانونه هذا خطير على مستقبل النظام الديمقراطي السليم في إسرائيل.

واتخذ الائتلاف الحاكم في إسرائيل، أول من أمس، قرارا فُسر على أنه «انتقامي يستهدف كم الأفواه» ضد إحدى القناتين التلفزيونيتين التجاريتين المستقلتين (القناة العاشرة والقناة الثانية). فهاتان القناتان معروفتان باستقلاليتهما وانتقاداتهما الشديدة للحكومة. والقناة العاشرة، بالذات، كانت قد كشفت عن فضيحة الفساد ضد نتنياهو، التي حقق فيها مراقب الدولة وأوصى بإجراء تحقيق في الشرطة معه بسببها. وفي السنوات الأخيرة، ألمت أزمة مالية بهذه القناة منعتها من دفع الضرائب للحكومة. فطلبت جدولة ديونها. ووافقت الحكومة السابقة على تأجيل الدفع حتى نهاية السنة المقبلة. وطلبت مؤخرا تأجيل الدفع سنة أخرى (حتى نهاية 2013)، لكن الأكثرية اليمينية الحاكمة رفضت الطلب أول من أمس. ولمحت أنها مستعدة للتأجيل فقط إذا تم طرد الصحافي أفيفي دروكر، الذي كشف عن قضية الفساد المذكورة.

من جهة ثانية، هاجم رجل الدين اليهودي، عوفاديا يوسيف، الأب الروحي لحزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، حركة «سلام الآن» على دورها في كشف مشاريع الاستيطان الاستعماري اليهودي في الضفة الغربية، واعتبرها «شريرة»، الأمر الذي رأى فيه الكثيرون تحريضا دمويا على قادتها. وجاء هذا التصريح بعد يوم واحد من كتابة شعارات على بيت إحدى قائدات هذه الحركة، تقول: «رابين بانتظارك». وهو ما يفهم على أنه تحريض على قتلها، مثلما قتل رابين.