نتنياهو: لا أنتظر شهادات تقدير من أحد.. «هآرتس»: ولقد فقد احترام العالم

بعد انفضاح أمر الحديث بين ساركوزي وأوباما.. واشنطن ترفض التعليق.. والصحافة تتحدث عن «مطبات» الرئيس الفرنسي

TT

على الرغم من محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التقليل من خطورة التصريحات التي أطلقها ضده الرئيسان الفرنسي، نيكولا ساركوزي، والأميركي، باراك أوباما، بالقول: «أنا أعمل من أجل مصلحة إسرائيل وأمنها، ولا أنتظر شهادات تقدير على ذلك من أحد ولا أنتظر مدائح من الآخرين»، أثارت تلك التصريحات قلقا في إسرائيل. وعقبت صحيفة «هآرتس» بالقول إن رئيس الحكومة يفقد احترام زعماء العالم.

وقال ساركوزي، خلال لقائه أوباما: «لا أتحمل رؤيته أكثر.. إنه كذاب». فرد عليه أوباما بقوله: «قد تكون ضجرت منه، لكن أنا أضطر إلى التعامل معه كل يوم».

وأضافت الصحيفة أن ساركوزي وأوباما وغيرهما من الزعماء الغربيين يمثلون الرأي السائد في العالم ضد نتنياهو؛ وذلك لأنه «خدعهم؛ فهو طيلة 3 سنوات يطمئنهم بأنه ينوي مفاجأتهم بإعطاء دفعة قوية لعملية السلام مع الفلسطينيين، لكن يتجلى لهم أنه غير صادق؛ فأوباما يشاهده وهو ليس فقط يتنكر لعملية السلام بل يتدخل في السياسة الداخلية الأميركية ويحرض ضده، والسبب الوحيد الذي يجعل أوباما لا ينفلت ضده هو أنه لا يريد أن يمس في حملته الانتخابية، لكنه أرسل وزير دفاعه روبرت غيتس ليقول إن نتنياهو ناكر للجميل وإنه يهدد مصالح إسرائيل الاستراتيجية».

واستذكرت الصحيفة تصريحات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن نتنياهو «لا يطلق كلمة صادقة واحدة من فيه». وقالت إن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، لا يكلم نتنياهو بتاتا وكذلك ملك الأردن عبد الله والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. والوحيدان اللذان يكلمانه هما رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني ونظيره اليوناني جورج باباندريو، وكلاهما سيغيب عن الساحة السياسية بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في بلديهما.

وكما رفض قصر الإليزيه التعليق على ما نشر عن الحادث، رفض أيضا البيت الأبيض والخارجية الأميركية التعليق على ما نُسب إلى أوباما. وداخل الطائرة الرئاسية خلال زيارة أوباما لولاية أوكلاهوما، سأل صحافيون جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، عن الموضوع، وقال: «ليس لديَّ أي تعليق على المحادثة التي يبدو أنها كانت بين الاثنين فقط. ليس لديَّ أي تعليق على المحادثة نفسها».

ورفض كارني أيضا الإجابة عن سؤال عما إذا كان ذلك يعكس «توترا متزايدا من قبل قادة عالميين عند التعامل مع أوباما»، كما يعكس «كراهية من جانب أوباما».

وفي وزارة الخارجية الأميركية، أيضا رفضت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسمها، التعليق. ومزحت عندما سألها صحافي إذا كان رأي أوباما في نتنياهو يعني أن «تفاوض الولايات المتحدة مع نتنياهو غير مفيد». وقالت: «هل حقا تريدون مني توريط نفسي في هذا الموضوع؟».

في الوقت نفسه، تعرض أوباما لهجوم من قادة جمهوريين. وقالوا إن هذا الرأي يعكس سياسة أوباما تجاه إسرائيل. وقال جون ماكين، أحد كبار الجمهوريين في لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، في قناة «فوكس»: إن تعليقات أوباما «تعكس موقف إدارته تجاه إسرائيل». وأضاف أنه معجب كبير بنتنياهو، و«ظللت أعرفه لسنوات. والآن، إسرائيل تحت ضغوط كثيرة، وربما تواجه خطرا أكثر من أي خطر آخر واجهته منذ حرب سنة 1967». وأضاف ماكين: «هذا النوع من التعليقات غير مفيد، بل يدل على بعض السياسات تجاه إسرائيل من جانب هذه الإدارة». وتابع: «الفرنسيون كانوا دائما يرون هذا» تجاه إسرائيل، لكن يجب أن تكون الولايات المتحدة أفضل.

وهذه ليست المرة الأولى التي يقع فيها ساركوزي في مثل هذا المطب، بل ستكون دليلا إضافيا على أن الدبلوماسية ليست أفضل صفات ساركوزي. ونقلت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية عن «الليموند» الفرنسية القول: إن القادة الأوروبيين يتبادلون الملاحظات حول التعليقات المهينة التي تصدر عن ساركوزي بحقهم في غيابهم.

وحسب مراسل «الليموند» في قصر الرئاسة أرنود ليبرمانتييه فقد نقل عن مسؤول أوروبي رفيع المستوى القول: «نبدأ الحديث بالسؤال: هل ستبلغني بالأشياء السيئة التي قالها ساركوزي بحقي في غيابي.. أم أبدأ أنا بالحديث عما قاله عنك؟». ففي قمة قادة الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل، الشهر الماضي، حاول ساركوزي إسكات رئيس الوراء البريطاني ديفيد كاميرون عندما تحدث عن حق بريطانيا في طلب رأيها بشأن عدد من النواحي في مفاوضات إنقاذ منطقة اليورو. فقال له ساركوزي بصوت عال من بين عدة أشياء أخرى: «فقدت فرصة جيدة لكي تلتزم الصمت».

ويشير ساركوزي إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعبارة عامية تستخدم لتحقير الألمان «لا بوش» بينما ميركل تشير إليه بـ«مستر بين» الشخصية الكوميدية البريطانية التي يؤديها الممثل روان أتكينسون.

وليس القادة الأوروبيون وغيرهم الذين يقعون ضحايا مزاجية ساركوزي وحدة لسانه، بل حتى الصحافيون والعاملون في قصر الإليزيه؛ فقد نقل عنه غضبه في لقاء خاص مع صحافيين فرنسيين، في مؤتمر قادة الحلف الأطلسي الذي عقد في العاصمة البرتغالية لشبونة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010، عندما سئل عن تقارير تتحدث عن تورطه في عمليات تمويل سياسي غير قانوني في التسعينات. فثارت ثائرته وانفجر يتحدث عن أخلاقيات العمل الصحافي واستخدام تعابير مثل «مصادر طلبت عدم ذكر اسمها». وقال إنكم تقولون أشياء سخيفة ولا تتأكدون من معلوماتكم.. وتابع: «أنت مثلا ليس لدي شيء ضدك، لكن وكأنك من المعتدين على الأطفال.. أنا شخصيا مقتنع بهذه الحقيقة.. تحدثت للأجهزة الأمنية عن الموضوع.. لكنني لن أقول لك من تلك الأجهزة».