محام: القضية تعكس صراعا حادا بين عصب النظام

الجزائر: القضاء يدين قاتل مدير عام جهاز الأمن بالسجن مدة 7 سنوات في قضية فساد

TT

أدان القضاء الجزائري مسؤولا بارزا في جهاز الشرطة المركزية، بالسجن مدة سبع سنوات مع التنفيذ، بناء على تهمة تتعلق بالفساد. ويتابع نفس الشخص باغتيال العقيد علي تونسي، المدير السابق للأمن الوطني. ويوجد بين القضيتين صلة قوية، تعكس صراعا حادا داخل سرايا النظام، حسب المتابعين.

ونطقت محكمة الجزائر العاصمة أمس بأحكامها، في قضية مثيرة تتعلق بصفقة شراء عتاد للإعلام الآلي أبرمتها المديرية العامة للأمن الوطني عام 2007 مع شركة خاصة. وأشرف على الصفقة حينها العقيد شعيب ولطاش بصفته رئيس برنامج تحديث جهاز الأمن، ومدير الوحدة الجوية به. وكلفه ذلك مديره المباشر، العقيد تونسي. والرجلان متقاعدان من الجيش، وتجمعهما صداقة طويلة.

وأدانت المحكمة ولطاش بالسجن مدة سبع سنوات. وكان نفس الحكم من نصيب مدير الإدارة العامة بجهاز الشرطة. وعاقبت مدير الشركة التي توزع أجهزة الإعلام الآلي، ونائبه (صهر ولطاش) بالسجن مدة ست سنوات. وتمت إدانة المدير الإداري للشرطة بالسجن مدة أربع سنوات، وإدانة كادر أمني آخر بالسجن مدة خمس سنوات سجنا على التوالي. والمتهمون الستة كانوا محبوسين طيلة شهور على ذمة التحقيق.

وأدانت المحكمة 16 كادرا آخرا من الشرطة متهمين أيضا بالفساد، بالسجن مدة أربع سنوات. بينما أبطلت المتابعة عن كادرين أحدهما امرأة. وتتمثل التهم الموجهة إليهم في: «تبديد المال العام» ، و«إبرام صفقات مخالفة للتشريع المعمول به»، و«إساءة استعمال السلطة»، و«التزوير واستعمال المزور».

وجاء في مرافعات أكثر من 30 محاميا، أن العقيد تونسي أمر بفتح تحقيق في ظروف منح الصفقة للشركة «لا لشيء إلا لكونه راودته شكوك في أن ولطاش أراد أن ينفع صهره من الصفقة»، التي تقدر قيمتها بنحو 120 ألف دولار. وبناء على هذه الشكوك، طلب تونسي من المفتشية العامة للأمن إجراء تحقيق، دون علم ولطاش الذي كان أمين سره، بحسب كوادر بالأمن الوطني يعرفون جيدا الصلة التي كانت تربط الرجلين.

وعبر ولطاش عن استياء شديد لما استمع إلى الحكم، وقال للقاضية: «سوف يحاسبك الله على ما فعلت». وانهار أفراد أسر غالبية المتهمين بمجرد النطق بالأحكام التي وصفوها بـ«القاسية». واحتج العديد من المحامين على عدم تمكينهم من تقرير المفتشية العامة، الذي على أساسه حرك القضاء الدعوى ضد ولطاش وبقية كوادر الشرطة وشركة الإعلام الآلي.

وقال المحامي الطيب بلعريف، من هيئة الدفاع عن ولطاش لـ«الشرق الأوسط»، إن كل المدانين سيستأنفون الأحكام. وأوضح أن قرارات المحكمة «كانت محضرة سلفا، والهدف هو تحضير الرأي العام لحكم أكثر قسوة سيصدر في حق موكلي»، يقصد عملية اغتيال العقيد تونسي على يدي ولطاش، التي وقعت في 25 فبراير (شباط) 2010 .

والشائع في الأوساط السياسية، أن ولطاش غضب غضبا شديدا لما تناهى إلى سمعه، أن صديقة ورئيسه في العمل فتح تحقيقا في الصفقة التي كلفه إياها. ونقل عن عائلة ولطاش أن تونسي كان بصدد جمع أدلة تدينه بالفساد لتقديمها إلى القضاء. وعلى أساس هذه المعلومات، توجه ولطاش صباح يوم الخميس 25 فبراير 2011 إلى مكتب تونسي، فقتله برصاصتين واحدة في الرأس والثانية في الصدر. لكن بالنسبة للكثيرين، قضية تصفية تونسي أعمق من كونها خلافا بين شخصين، فهي تعكس «صراع عصب حاد بين أجنحة النظام»، بحسب أحد المحامين.