المالكي يخير البعثيين بين البراءة من «البعث» أو مواجهة اعتقالات جديدة.. ويدعو إلى «تجميد الدستور»

قيادي كردي لـ «الشرق الأوسط»: كلنا انتقائيون في الدستور ورئيس الوزراء أكثرنا عدم التزام به

TT

فاجأ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي كلا من البعثيين من جهة وشركائه السياسيين من جهة أخرى، عندما طالب بـ«تجميد الدستور» والعمل وفق مبدأ التوافق ما دام هو مصدر للخلافات بين الفرقاء السياسيين، كما حث البعثيين إما على التوبة وإعلان البراءة من حزب البعث أو مواجهة حملة جديدة من الاعتقالات في الأيام القريبة المقبلة. وقال المالكي في كلمة ألقاها في مسقط رأسه مدينة كربلاء (110 جنوب بغداد)، إنه يريد «عراقا خاليا من الديكتاتورية والبعث الصدامي والمنظمات الإرهابية» من منطلق أن «هؤلاء هم من ارتكبوا جرائم بشعة ضد الشعب، وأدخلوا العراق في حروب». كما دعا المالكي البعثيين إلى «إعلان توبتهم وبراءتهم من البعث أمام مؤسساتهم، وأن يوقعوا براءتهم أمام أجهزة الدولة المختصة، وإلا فإنهم تحت طائلة المسؤولية والملاحقة القانونية»، لكنه في الوقت نفسه أشاد بالبعثيين «الذين عادوا إلى خدمة البلاد». وأشار المالكي في كلمته أمام حشد من شيوخ كربلاء ووجهائها ومثقفيها إلى أن «حزب البعث يعد محظورا وفقا للدستور العراقي».

وفي الوقت الذي لا يزال الجدل السياسي يدور بين الفرقاء السياسيين بشأن دستورية أو لا دستورية تشكيل الأقاليم الفيدرالية في العراق، على أعتاب نهايات الانسحاب الأميركي من العراق نهاية العام الحالي، اقترح المالكي على شركائه السياسيين «العمل بالتوافق أو تجميد الدستور»، متعهدا في الوقت نفسه بزيادة صلاحيات المحافظات لتنفيذ المشاريع التي يجب أن تتعهد بتنفيذها بدلا من أن تمنح الأموال ولا تتمكن من إنفاقها. كما أعلن المالكي رفضه ما يتحدث به السياسيون عن التهميش وعدم وجود شركاء، مؤكدا أن «محاكمة الشعب للسياسيين ستكون من خلال الانتخابات القادمة، فالشعب صاحب القرار، وصناديق الاقتراع هي التي ستحاكم الجميع». كما دعا إلى ضرورة حل الخلافات السياسية والتوجه نحو الإعمار والبناء، «وهذا لا يتم إلا من خلال خلق شركاء يعملون بصدق، فضلا عن القضاء على الطائفية». وجدد المالكي التأكيد على أنه في الوقت الذي لا يعترض فيه على تشكيل الأقاليم إلا أنه اعتبر أن تشكيلها الآن سيكون بداية لتقسيم العراق. وبينما أعلن مجلس محافظة صلاح الدين جعل المحافظة إقليما فيدراليا، أعلن أنه سيبدأ مباحثات مع المالكي بعد عطلة العيد، وهو ما أكده النائب الوسيط بين الطرفين قتيبة الجبوري، فقد جدد المالكي رفضه الصريح لتشكيل إقليم صلاح الدين قائلا إننا «نسمع اليوم كثيرا حول ضرورة إقامة الأقاليم ومنها إقليم صلاح الدين، الذي نجدد على أنه إقليم جاء بأجندة طائفية ومخالف للدستور، وشكل ليكون ملاذا آمنا للبعثيين القادمين من سوريا ومصر واليمن وغيرها من الدول للتحرك بحرية والعمل على تخريب الأمن وتقويضه والتفكير في العودة للسلطة». وأضاف أنه «على الرغم من أن الدستور نص على تشكيل الأقاليم، لكن على أساس أن يكون إقليما اقتصاديا إداريا، وليس على أساس المناكفة السياسية مع الحكومة الاتحادية أو كرد فعل لإجراء من حكومة المركز، هذه ليست فيدرالية، ونحن نؤكد أن التوجه نحو الأقاليم في الوقت الحالي سيكون كارثيا على وحدة العراق وأبناء شعبه».

من جهته، اعتبر القيادي الكردي وعضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني محمود عثمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، في أول رد فعل كردي على اقتراح المالكي تجميد العمل بالدستور، أن «المشكلة التي تواجهها الطبقة السياسية الحالية في العراق هي أننا جميعا انتقائيون في الدستور، نركز على ما يعجبنا من مواد ولا نهتم بمواد أخرى لا نرى فيها مصلحة لنا، وهو ما ينطبق على الجميع دون استثناء، وهو أساس المشاكل التي نعانيها في العراق اليوم». وفي الوقت الذي عبر فيه عثمان عن استغرابه من دعوة المالكي إلى تجميد الدستور أو العمل بروح التوافق، فإنه أكد أن «المالكي بوصفه رئيسا للوزراء يبدو أن لديه معاناة من الدستور لأنه عبر أكثر من مرة عن عدم رضاه عنه من قبيل القول إن فيه ألغاما أو غيرها، وهو أمر غريب في الواقع، كما أنني أستطيع القول إن المالكي هو أكثرنا عدم التزام بالدستور».

وأشار عثمان إلى أنه «من غير المقبول تجميد الدستور لأن من شأن ذلك فتح الباب أمام قضايا لا حدود لها»، معتبرا أن «المشكلة ليست في الدستور، ولكن في عدم الالتزام به أولا وافتقاد روح التوافق لأن تطبيق الدستور يحتاج هو الآخر إلى توافق». واعتبر عثمان أن «الوضع السياسي مرتبك، وكان من المفروض عدم تشكيل حكومة شراكة وطنية لأنها فشلت، بل تشكيل حكومة أكثرية».