فيلتمان: الأسد انتهى ويدمر سوريا.. وقادة عرب عرضوا عليه اللجوء

مساعد وزيرة الخارجية الأميركية عبر أمام مجلس النواب عن قلقه من مرحلة ما بعد الأسد ووصفها بـ«الصعبة»

مظاهرة في إدلب ترفض تمثيل هيئة التنسيق للثورة
TT

اتهم جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية الرئيس السوري بشار الأسد بأنه يعمل على تدمير سوريا وزعزعة الاستقرار في المنطقة، وجدد مطالبة واشنطن للأسد بالرحيل والتنحي عن السلطة حتى يبدأ الشعب السوري في عملية الانتقال نحو الديمقراطية.

وقال فيلتمان في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية الفرعية بمجلس الشيوخ الأميركي يوم الأربعاء حول الأوضاع في سوريا، إن الأسد «يدمر سوريا ويزعزع استقرار المنطقة بسبب رفضه التغيير، وما يحاول القيام به هو تصوير الاحتجاج السلمي على أنه تمرد، واستخدام العنف ضد المتظاهرين لتشجيعهم على التحول من الاحتجاج السلمي إلى التسلح، رغم أن المتظاهرين يرددون: (سلمية سلمية)، وهذا ما يربك الأسد؛ أنهم مستمرون في الالتزام بالمبادئ السلمية»، وأضاف أن الأسد يترأس حكومة «هي في الأساس مافيا تقودها عائلة».

كما أعلن فيلتمان أن قادة عربا عرضوا اللجوء السياسي للرئيس الأسد كحل حاسم للمشكلة. وقال: «بعض القادة العرب بدأوا بالفعل في تقديم ملاذات أمنة للأسد، في جهود لتشجيعه على مغادرة سوريا في سلام وسريعا». وأضاف: «تقريبا جميع القادة العرب قالوا الشيء نفسه: نظام الأسد على وشك الانتهاء. التغيير في سوريا الآن لا مفر منه». واستبعد فيلتمان «انقلاب قصر» في دمشق، وقال: «أعتقد أن هذا غير محتمل جدا».

وعندما سئل عن تنبؤاته إلى متى يمكن للمحتجين السوريين الصمود أجاب فيلتمان: «لا أعرف». وأضاف: «لقد دعونا الأسد ليتنحى عن السلطة، ورغم أننا نريد أن تجري العملية الانتقالية بشكل سريع بقدر الإمكان، فإنه ينبغي أن نكون مستعدين لهذه العملية التي ستكون لسوء الحظ طويلة وصعبة». وتابع يقول: «لقد تخطى الأسد نقطة اللاعودة، وإذا رحل سنواجه تحديا آخر لأن المعارضة السورية غير موحدة، وهناك انقسامات بين المعارضين، ولا توجد خطة واضحة لديهم لما بعد الأسد تستند إلى إرساء دور القانون».

وأشار مساعد وزيرة الخارجية إلى أن الدول العربية أدركت أن أيام الأسد في الحكم معدودة، وقال: «لم ينجح نظام الأسد في قمع المتظاهرين، وأصبح الأسد عنصر خطر في نظر العرب، ومعظم الزعماء العرب يريدون من الأسد وقف تدمير سوريا، وهم مقتنعون أن حكم الأسد يشهد نهايته.. وعدد من القادة اقترح على الأسد توفير ملاذ آمن له لدفعه للتخلي عن السلطة بهدوء وبسرعة».

وقال فيلتمان إن واشنطن ستواصل دعم المعارضة السورية مع استمرار الضغوط الدبلوماسية والمالية على النظام «حتى يرحل الأسد»، وأضاف قائلا إن العقوبات الأميركية والأوروبية «تشدد الخناق» حول النظام الحاكم في سوريا. لكنه أوضح أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى عسكرة الصراع قائلا: «سوريا ليست ليبيا».

وحول دور الجامعة العربية ومبادرتها لوقف العنف في سوريا، قال فيلتمان: «سوريا مهمة في العالم العربي ولها وزن سياسي ثقيل، والقادة العرب يريدون إظهار أنفسهم على أنهم قادرون على إدارة الأزمة، وعندما أتحدث إلى الوزراء العرب، يقولون بعض المقترحات عن تجميد عضوية سوريا بالجامعة العربية». ورأى مساعد وزيرة الخارجية أن «مصداقية الجامعة العربية أصبحت على المحك أمام شعوبها».

ودعا فيلتمان شركاء الولايات المتحدة إلى إدانة النظام السوري والانضمام إلى حملة الضغط الدولية لدفع الأسد إلى التنحي عن السلطة، مشيرا إلى أن العقوبات نجحت في تحقيق عزلة سوريا عن الاقتصاد العالمي، وأن السيولة لدى النظام السوري تتناقص. ودعا روسيا والصين إلى مراجعة موقفيهما من إدانة سوريا في مجلس الأمن، وأشار إلى جهود أميركية لإقناع كل من الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا بتغيير موقفهم من مساندة النظام السوري.

وأثنى فيلتمان على جهود السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد، مشيرا إلى عودته القريبة إلى دمشق وقال: «لا بد من حماية المدنيين ودخول المراقبين الدوليين ووسائل الإعلام إلى سوريا والقيام بمزيد من الضغط حتى يرحل الأسد». وأضاف: «الأسد قد يؤخر التغيير، لكنه لا يستطيع إيقافه، فالأسد قد انتهى». ولم يذكر فيلتمان موعدا لعودة السفير فورد، لكن المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند كانت قد صرحت سابقا أن فورد يستعد لقضاء «عيد الشكر» الأميركي (24 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي) مع أعضاء السفارة الأميركية في دمشق. وفي رده على تساؤلات السناتور الديمقراطي بوب كيسي حول دور تركيا، قال فيلتمان إن «العلاقات التركية - السورية كانت إيجابية وحميمة منذ عام، وانتهت الآن، كما انخفض حجم التبادل التجاري بين البلدين، وتلعب تركيا دورا مهمّا في توفير ملاذات آمنة للاجئين السوريين عبر الحدود، كما توفر تسهيلات للمعارضة السورية لتتحدث وتجتمع في الأراضي التركية».

وتحدث مساعد وزير الخزانة لوك برونين عن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على سوريا وتأثيرها، وقال «أصدر الرئيس أوباما ثلاثة أوامر تنفيذية لفرض عقوبات على سوريا: الأول في أبريل (نيسان) واستهدف المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا. والثاني في مايو (أيار) واستهدف الرئيس الأسد مباشرة ومسؤولين كبارا في نظامه. والثالث في أغسطس (آب) الماضي ويفرض حظرا على التعاملات مع الحكومة السورية وتجميد كل أرصدتها في الولايات المتحدة ووقف تصدير الخدمات إلى سوريا أو استيرادها أو شراء النفط السوري». وأكد نائب مساعد وزير الخزانة أن العقوبات الأوروبية كان لها تأثير كبير بسبب الحظر الأوروبي على صادرات سوريا من النفط والغاز، مما جعل سوريا في وضع صعب اليوم لأن 90% من صادرات النفط السوري تذهب إلى أوروبا. وقال برونين: «أرسلنا رسالة بذلك للأسد مغزاها أن القمع المستمر سيزيد من عزلة سوريا الدولية، ورسالة للنخبة من رجال الأعمال في سوريا بأن التكلفة عالية لمساندتهم الأسد». وأشار برونين إلى إدراك لبنان مخاطر عدم الامتثال للعقوبات الدولية المفروضة على سوريا، مؤكدا تعاون الأجهزة المصرفية اللبنانية.

وطلب عدد من أعضاء الكونغرس، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، التحقيق مع شركات أميركية لأن منتجاتها التي تستعمل لمتابعة اتصالات الإنترنت وصلت إلى حكومة الأسد. وقال مارك كيرك (جمهوري من ولاية إلينوي)، وروبرت كيسي (ديمقراطي من ولاية بنسلفانيا) إنهما سوف يرسلان رسالة إلى وزارات العدل والخارجية والتجارة للتحقيق مع شركتين أميركيتين؛ «بلوكوت» و«نيت أب» لأن منتجاتهما تستخدم «لمراقبة أنشطة المواطنين السوريين».

وقال مراقبون في واشنطن إن الخارجية كانت أعلنت قبل شهر أنها قلقة من أخبار بأن الاستخبارات السورية تستغل نظاما إلكترونيا أميركيا لمراقبة المعارضين، وللاطلاع على رسائلهم ونشاطاتهم. ونفت الشركة الأميركية التي تنتج التكنولوجيا أنها باعت النظام إلى الحكومة السورية، وقالت إن الحكومة السورية لا بد أن تكون حصلت عليه بطريقة غير قانونية. وقال مسؤول في الخارجية الأميركية إن تكنولوجيا «بلوكوت» إنتاج أميركي، وإن التحقيقات سيقوم بها مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي)، وإن الخارجية تنظر «في جدية إلى موضوع (بلوكوت). نحن قلقون جدا»، وأضاف أن قانون العقوبات الخارجية الأميركية المفروض على سوريا يمنع الشركات الأميركية من التجارة مع سوريا، وأن القانون فرض في سنة 2004، في عهد الرئيس السابق بوش الابن.

في الجانب الآخر، قال ستيف شينك، المتحدث باسم شركة «بلوكوت»، ومقرها في صنديفيل (ولاية كاليفورنيا) إن الشركة لم تبع المعدات أو البرامج للحكومة السورية، وإن سوريا ربما حصلت عليها عن طريق طرف ثالث. وأضاف: «نحن مع الامتثال لقوانين التصدير في الولايات المتحدة. نحن لا نسمح لشركائنا ببيع منتجاتنا إلى الدول الخاضعة للحظر».