أجواء ضبابية تخيم على اجتماع مجلس الجامعة العربية والمعلم يؤكد أن سوريا نفذت معظم بنودها

مصادر دبلوماسية عربية: جميع السيناريوهات مطروحة

مظاهرة في حي الحجر في دمشق أمس (موقع أوغاريت)
TT

يعقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعه غير العادي على مستوى وزراء الخارجية غدا لبحث آخر المستجدات على الساحة السورية إثر تصاعد أعمال العنف هناك رغم المبادرة العربية التي أعلن النظام السوري قبولها. ويسبق اجتماع وزراء الخارجية العرب اجتماع آخر للجنة العربية المعنية بسوريا والتي تضم قطر ومصر والسودان والجزائر وسلطنة عمان بالإضافة للأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي من أجل تقييم الموقف في سوريا.

ويأتي هذا الاجتماع وسط أجواء ضبابية تحيط بالأزمة السورية حيث يجد وزراء الخارجية العرب أنفسهم في موقف صعب بعد أن اختاروا حل الأزمة عربيا دون تدخل من حلف الناتو أو تدويل القضية عبر مجلس الأمن. وقالت مصادر دبلوماسية عربية إن جميع السيناريوهات مطروحة أمام الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية العرب بما في ذلك تجميد عضوية سوريا لدى الجامعة ومنظماتها رغم أنه إجراء صعب التحقيق خاصة أنه يتعارض مع الخيار العربي في حل الأزمة عربيا، باعتبار أن التجميد يعني قطع الاتصالات بين الجامعة العربية وسوريا وهو ما يحول دون تقديم أي حلول عربية.

وترى هذه المصادر أن تدويل أزمة سوريا عبر نقلها إلى مجلس الأمن هو خيار محكوم عليه بالفشل، خاصة أن روسيا والصين تهددان باستخدام حق النقض ضد أي إجراء في هذا الخصوص، وتصران على ضرورة حشد الدعم للمبادرة العربية لإيجاد مخرج سلمي للوضع في سوريا. أما فرض منطقة حظر جوي على سوريا، وفقا لنفس المصادر، فهو أمر لا يحظى في الأساس بأي موافقة عربية لاقتناع العرب بضرورة عدم تطبيق النموذج الليبي في سوريا واعتقادهم بأن تدمير سوريا يعني تعريض الأمن القومي العربي للخطر لأنه سيفتح الساحة السورية لقوى إقليمية كثيرة تتربص بالمنطقة ومستقبلها.

وكشفت المصادر العربية عن أنه على «الرغم من الوضع الصعب الذي يعقد فيه وزراء الخارجية العرب اجتماعهم غير العادي، فإن هناك الكثير من البدائل والإجراءات التي يمكن اللجوء إليها للضغط على النظام السوري من أجل تنفيذ المبادرة العربية فورا ودون إبطاء، ومن بينها تشكيل آلية عربية أو لجنة حكماء مهمتها التوجه فورا إلى دمشق للوقوف على تنفيذ بنود المبادرة العربية على الأرض وتقييم الوضع أولا بأول وموافاة اللجنة الوزارية بتقارير سريعة عن ذلك». وقالت المصادر: «إذا تم التضييق على عمل هذه الآلية أو في حالة عدم وجود تقدم في تنفيذ البنود ستقوم الدول العربية بسحب سفرائها من دمشق للتشاور، وعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لتوجيه إنذار أخير لسوريا بتجميد عضويتها بالجامعة العربية بما يعني إعلان فشل الحل العربي للأزمة. ومن بين البدائل أيضا - وفقا للمصادر نفسها - السعي العربي لدى القوى الإقليمية والدولية التي لها تأثير على سوريا من أجل الضغط عليها للالتزام بالتنفيذ الفوري والدقيق للمبادرة العربية».

وأعربت سوريا، على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم، عن استغرابها من تصريح مصدر في وزارة الخارجية الأميركية شجع عبره الدول العربية على الانضمام إلى المقاطعة السياسية والاقتصادية ضد سوريا.

وأوضح المعلم، في رسالة بعث بها إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، أن هذا التحريض «قد يشكل مؤشرا لتبرير تدخل خارجي وعقوبات اقتصادية وسياسية ضد سوريا بموافقة بعض الدول العربية»، معربا عن أمله في «عدم الالتفات إليه»، ومؤكدا في نفس الوقت «خطورة تلك التصريحات على مستقبل العمل العربي المشترك برعاية جامعة الدول العربية».

ونقلت وكالة «سانا» عن المعلم تأكيده أن سوريا نفذت خلال أسبوع معظم بنود الخطة العربية من خلال التزامها بخطة العمل المتفق عليها، وذلك «خلافا لما تروج له بعض الفضائيات المغرضة»، وأن مندوب سوريا الدائم لدى الجامعة «سيطلع مجلس وزراء جامعة الدول العربية على الخطوات التي اتخذت بهذا الصدد».

وعلى صعيد متصل، استقبل الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي أمس بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية وفد هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديمقراطي في سوريا. وأكد هيثم مناع رئيس الوفد ضرورة التمسك بخطة العمل العربية لما تتضمن من بنود فعالة يمكن من خلالها تجنب السيناريوهات التي تحاك لسوريا من الخارج. وقال مناع عقب لقاء وفد هيئة التنسيق بالدكتور نبيل العربي استكمالا للمباحثات التي جرت مع أمين عام الهيئة حسن عبد العظيم «إنهم متمسكون بوقف إراقة الدماء وأعمال العنف في المدن السورية»، وإنهم «أبلغوا العربي بضرورة اتخاذ إجراءات لتنفيذ الخطة العربية خاصة بندها الأول المتعلق بوقف أعمال العنف وإراقة الدماء»، مشيرا إلى أن البنود السياسية الأخرى تأتي لاحقا بعد هذا البند، رافضا الإشارة إلى فشل خطة العمل العربية. وقال: «نتمسك بالمبادرة العربية حتى ولو بـ(5 في المائة) من هذه الخطة حتى نتجنب السيناريوهات الأخرى التي نراها أسوأ، وأنه لولا تمسكنا بهذه الخطة لما تحملنا مشاق الإهانة من بعض المتطرفين (في إشارة إلى رشقهم بالبيض من قبل متظاهرين سوريين أول من أمس)».