سلفا كير يتهم البشير بمحاولة غزو بلاده.. والجيش السوداني ينفي قصف مخيم للاجئين في السودان الجنوبي

زعيم الأغلبية في برلمان الجنوب لـ «الشرق الأوسط» : الرئيس السوداني ووالي جنوب كردفان أدمنا الحروب وهما مطلوبان دوليا

سلفا كير خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في جوبا أمس (إ.ب.أ)
TT

في تطور للاتهامات المتبادلة بين الخرطوم وجوبا، أكد سلفا كير ميارديت رئيس السودان الجنوبي، أمس، أن السودان يتهمه بدعم المتمردين على طول حدودهما المشتركة لتبرير «تحركات جارية» ضد جوبا ولإعادة إغراق البلاد التي حصلت حديثا على استقلالها في «حروب لا جدوى منها».

واتهم سلفا كير الحكومة السودانية بالتخطيط لغزو بلاده، رافضا مزاعم الرئيس عمر البشير بأن جوبا تدعم المتمردين والمعارضين لحكومة الخرطوم، مقللا من المذكرة التي تقدمت بها بعثة السودان إلى مجلس الأمن الدولي ضد حكومته. وشدد على أن بلاده لن تسمح لأي جهة بانتهاك سيادتها وزعزعة الأمن والاستقرار فيها، في وقت اعتبر فيه مسؤول في برلمان الجنوب أن البشير قد أخطأ في حق الجنوبيين بتصريحاته غير المسؤولة في الكرمك، الأحد الماضي، وقال إن البشير ووالي جنوب كردفان أحمد هارون أدمنا الحروب وهما من المطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولية لاتهامهما بارتكاب جرائم حرب في دارفور.

وقال كير في مؤتمر صحافي حضره الدبلوماسيون المقيمون في جوبا، إن الاتهامات التي ساقتها البشير ضد جنوب السودان بأنها تدعم المعارضين في جنوب كردفان والنيل الأزرق ما هي إلا مقدمة منه لتبرير أفعالهم ضد الجنوبيين. وأضاف «عندما يغزو البشير غدا جنوب السودان سوف يقول نعم إنه اتخذ هذا الإجراء للانتقام مما كان يجري له من الجنوب.. إنه يريد أن يبرر ما يفكر فيه». وقال إن ما يقوم به البشير وحكومته في الخرطوم دليل على سوء الأوضاع في السودان. وتابع «البشير يريد أن يتهرب من مشاكله الداخلية، ولذلك نحن نرفض اتهاماته»، متهما الخرطوم بزعزعة الأمن والاستقرار في الجنوب عبر دعمها المستمر للميليشيات لاحتلال مناطق النفط، مشيرا إلى أن قصف القوات المسلحة السودانية لمنطقة قفة في شمال شرقي أعالي النيل قتل فيه سبعة مدنيين. وقال «الآن هناك ميليشيات تسعى للتوغل إلى داخل مناطق النفط في فلوج وملوط إلى جانب بلدة المابان في أعالي النيل».

وقال سلفا كير إن بلاده حريصة على إيجاد حلول سلمية مع السودان، لكنه شدد بالقول «لكن لن نسمح بأي انتهاكات على سيادتنا من أي جهة كانت ولن نصمت على ذلك»، مشككا في ادعاءات الخرطوم التي تقدمت بها إلى مجلس الأمن الدولي قبل أسبوعين بأن الجنوب يقوم بدعم التمرد في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وقال «جنوب السودان ملتزم بحل كل القضايا العالقة سلميا مع السودان». وأضاف «هذا ما أوضحته للبشير عند زيارتي الأخيرة للخرطوم»، معتبرا أن الحاكمين في السودان يخرقون باستمرار اتفاقية السلام. وقال إن اللجنة المشتركة بين البلدين ستعقد اجتماعها بعد يومين في جوبا للتشاور حول كيفية حل القضايا العالقة.

من جانبه قال اتيم قرنق زعيم الأغلبية في برلمان السودان الجنوبي والقيادي في الحركة الشعبية (الحزب الحاكم في الدولة حديثة الاستقلال) إن حكومة بلاده وعلى أعلى مستوى تريد أن تضع النقاط فوق الحروف وأن تنبه البشير لخطئه في حق شعب الجنوب في التهديدات التي أصدرها الأحد الماضي من الكرمك بإمكانية غزوه الجنوب. وأضاف أن أعز ما يملكه الجنوبيون هو سيادة أراضيهم، وضحوا طوال خمسين عاما من أجل كرامتهم وسيادة أراضيهم. وقال قرنق: «لذلك حديث البشير غير مقبول لكل جنوبي حر، وسندافع عن أراضينا وقد فعلنا ذلك من قبل»، مشددا على أن بلاده لم تقدم أي دعم إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق. وقال إنها قضية شمالية ويجب أن تحل داخل دولة السودان ولا علاقة لجوبا بما يحدث هناك. وأضاف «نحن لا نسعى للعودة إلى الحرب لأننا نلنا استقلالنا قبل ثلاثة أشهر، ولكن الحرب ضد الجنوب لم تتوقف منذ اتفاقية السلام بدعم الخرطوم للميليشيات». وتابع «البشير وأحمد هارون المطلوبان للمحكمة الجنائية الدولية أدمنا الحروب لذلك هما يدخلان من حرب إلى أخرى وعلى المجتمع الدولي أن يقوم بدوره»، في إشارة لطلب المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على البشير وأحمد هارون باتهامهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.

من جهة أخرى، قال شهود ومسؤولون إن غارة جوية استهدفت مخيما للاجئين في ولاية الوحدة في السودان الجنوبي أمس على بعد أقل من 50 كيلومترا من الحدود مع السودان، حسبما ذكرت وكالة «رويترز» أمس. وأدى العنف على الحدود غير المحددة بشكل دقيق منذ استقلال السودان الجنوبي في يوليو (تموز) الماضي إلى زيادة التوترات بين خصمي الحرب الأهلية السابقين منذ ذلك الحين، ويتهم بعضهما بعضا بدعم جماعات متمردة على جانبي الحدود.

وسمع مراسل لـ«رويترز» انفجارا ضخما ثم شاهد حفرة بعرض نحو مترين وقنبلة لم تنفجر اخترقت بشكل غير كامل جدار مبنى مدرسة وطائرة بيضاء اللون تنطلق شمالا من مخيم ييدا للاجئين. وقال شهود إن 3 انفجارات أخرى وقعت الساعة الثالثة عصرا (12.00 بتوقيت غرينتش).

واتهم مسؤول سوداني جنوبي الخرطوم بتنفيذ القصف. ونفى الجيش السوداني الاتهام. ولم ترد تقارير عن سقوط ضحايا.

وانفصل جنوب السودان إلى دولة مستقلة في يوليو الماضي بعد التصويت بأغلبية كبيرة لصالح الانفصال في استفتاء أجري في يناير (كانون الثاني) الماضي في تتويج لاتفاق سلام أبرم في عام 2005 وأنهى عقودا من الحرب بين الشمال والجنوب.

واتهم تعبان دينق حاكم ولاية الوحدة الخرطوم بتنفيذ الهجوم. وقال للصحافيين في بانتيو إنه يتعين أن تلتزم الخرطوم بالقوانين والقواعد الدولية.

وأضاف أن اللاجئين يحتاجون إلى الأمن والحماية، مشيرا إلى أنهم فروا من الحرب ويتعين عدم تعقبهم في أراضي السودان الجنوبي.

وقال العقيد الصوارمي خالد سعد المتحدث باسم الجيش السوداني إن السودان لم يقصف أي مكان من أراضي السودان.

وأضاف أن السودان لم يقصف أي مخيم أو أي مكان في السودان الجنوبي، موضحا أن السودان الجنوبي دولة عضو في الأمم المتحدة وأن الخرطوم تحترم القانون الدولي، ومن المستحيل أن تفعل ذلك.