الاتحاد الأوروبي يمنع سوريا من الحصول على أموال من بنك الاستثمار الأوروبي

دبلوماسيون: قد نناقش عقوبات اقتصادية جديدة بعد اجتماع الجامعة العربية غدا

TT

قال دبلوماسيون إن حكومات الاتحاد الأوروبي اتفقت يوم أول من أمس على منع سوريا من الحصول على أموال من بنك الاستثمار الأوروبي، وذلك في أحدث مساعيها للضغط على دمشق لوقف حملة العنف ضد المحتجين المطالبين بالديمقراطية. ويعني القرار الذي ينتظر موافقة رسمية من وزراء خارجية دول الاتحاد يوم الاثنين المقبل، أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد لن تتلقى أي تمويل نقدي بمقتضى اتفاقات القروض الحالية مع بنك الاستثمار الأوروبي.

وقالت حكومات الاتحاد الأوروبي في مسودة بيان سيتبناه وزراء الخارجية يوم الاثنين: «أي صرف أو مدفوعات أموال من بنك الاستثمار الأوروبي بمقتضى أو فيما يتصل باتفاقات الإقراض القائمة بين سوريا وبنك الاستثمار الأوروبي.. سيجري حظرها».

وحذر زعماء الاتحاد الشهر الماضي من أن سوريا قد تواجه المزيد من العقوبات إذا لم يتوقف العنف الذي تقول الأمم المتحدة إنه أدى إلى مقتل أكثر من 3500 محتج.

وقال دبلوماسيون، بحسب وكالة رويترز، إن أي مناقشات بشأن عقوبات اقتصادية إضافية تتعدى الحظر الخاص ببنك الاستثمار الأوروبي، لن تحدث إلا بعد اجتماع طارئ للجامعة العربية يوم غد لمناقشة العنف في سوريا.

وشدد الاتحاد الأوروبي بالفعل العقوبات على سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) بإضافة المصرف التجاري السوري إلى قائمة شركات وهيئات تشملها العقوبات احتجاجا على قمع المحتجين.

وفي سبتمبر (أيلول) فرض الاتحاد حظرا على واردات النفط الخام من سوريا وحظرا على الاستثمارات الجديدة للشركات من دول الاتحاد في صناعة النفط السورية. وفرض أيضا عقوبات على أكبر شركة لتشغيل الهاتف الجوال في سوريا «سيريتل» وشركة شام القابضة أكبر شركات القطاع الخاص في البلاد.

ومنذ بداية عملياته في سوريا في 1978 وقع بنك الاستثمار الأوروبي قروضا قيمتها 1.6 مليار يورو صرف منها حتى الآن نحو ثلث هذا المبلغ.

وتعرض الاقتصاد السوري لضربة قوية سددتها قرابة ثمانية أشهر من قمع حركة الاحتجاج ضد الرئيس بشار الأسد والعقوبات الاقتصادية الغربية الرامية إلى الضغط على النظام السوري لوقف أعمال العنف.

وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الأماكن التي تشهد أعتى حركات الاحتجاج حيث تقمع المظاهرات بصورة شبه يومية «لا تشهد نشاطا تجاريا طبيعيا».

وأوضح أن «العائلات تؤمن بقاءها بفضل تضامن الأقرباء». وأكد عبد الرحمن أن الناس في جبل الزاوية وفي إدلب (شمال غرب) وبعض أحياء حمص وبانياس واللاذقية «تنقصهم الأموال ويعيشون في الفقر».

وأضاف الناشط في مجال حقوق الإنسان أن «العائلات تعاني من نقص في مازوت التدفئة» لأن الوقود تستخدمه الدبابات السورية المنتشرة في كافة أرجاء البلاد.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها، أن سائق سيارة أجرة في دمشق، شكا وقال إنه بات يستخدم مدفأة كهربائية لتامين التدفئة «يتعين أن ننتظر ثلاث إلى أربع ساعات للحصول على بضعة ليترات من المازوت».

واعتبر معارضون أن «النظام يحاول تضييق الخناق على هذه المناطق بهدف إشعارها بتأثير العقوبات الدولية» المفروضة على سوريا. والنشاط الاقتصادي بات بطيئا في سوريا. فحركة شراء السلع الاستهلاكية في أدنى مستوياتها والفنادق خالية. وقد ألحقت أعمال العنف الضرر بالقطاع السياحي الذي كان يستخدم 11% من اليد العاملة وجنى أكثر من 7,6 مليار دولار في 2010، أي 12% من إجمالي الناتج الداخلي، بحسب بول سالم مدير مركز كارنيغي للشرق الأوسط. وأكد سالم لوكالة الصحافة الفرنسية أن «التجارة الخارجية انخفضت أكثر من خمسين في المائة والاستثمارات الأجنبية توقفت، وتسارعت وتيرة هروب الرساميل» وخصوصا نحو دبي.

وتحدث خبراء اقتصاديون ورجال أعمال سوريون عن تحويلات تفوق قيمتها أربعة مليارات دولار إلى خارج سوريا منذ بدء حركة الاحتجاج في مارس (آذار)، في حين فقدت الليرة السورية 10% من قيمتها أمام الدولار الأميركي.

وفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات تجارية قاسية ضد النظام السوري للتنديد بالقمع الذي أوقع أكثر من 3500 قتيل في صفوف المدنيين بحسب الأمم المتحدة.

وبلغ الربح الفائت قرابة 450 مليون دولار شهريا منذ الحظر الأوروبي الذي تقرر في سبتمبر (أيلول) على شحنات النفط السوري الذي يشكل مصدرا رئيسيا للعائدات، بحسب خبراء.

ويعد الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى تجميدا لقروض بنك الاستثمار الأوروبي لسوريا في إطار مجموعة عقوبات جديدة.

وفي 2009، قدم بنك الاستثمار الأوروبي 275 مليون يورو من القروض لقطاع الكهرباء في سوريا وخمسين مليونا لتحسين وضع البنى التحتية المدنية.

وفي سبتمبر (أيلول)، اعتبر وزير المالية السوري محمد جليلاتي أن معدل النمو سيتراجع نحو 1 في المائة وأقر بأنه سيكون للعقوبات الأوروبية «انعكاس على التجارة والصناعة».

وكان حاكم البنك المركزي السوري أديب ميالة أوضح من جهته في نهاية أغسطس (آب) أن «القطاع الأول الذي أصابته الضربة هو قطاع السياحة الذي انخفضت عائداته بواقع 90 في المائة وسيكون المواطن أول المتضررين. والنقل والواردات والصناعة، كل شيء سيتعرض أكثر فأكثر للإرباك وستزداد البطالة والفقر». لكن الاقتصاد السوري كان يواجه قبل حركة الاحتجاج تحديات كبيرة على علاقة بالفقر الذي يطال 14% من 22 مليون نسمة والبطالة التي تصيب أكثر من 20% من اليد العاملة الفعلية.

وكشف وزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) أن «دعم السلع الأساسية لن يدوم والاقتصاد يمر بحالة طوارئ».

وأشار إلى «ضرورة إيجاد وسائل ناجعة وسريعة لتنشيط الطلب والنهوض بالاقتصاد السوري من خلال تمويل العجز ودعم الصادرات التي تراجعت مؤخرا إلى مستويات ملحوظة».