أول ظهور علني للناشري المتهم في تفجير المدمرة الأميركية «كول»

نظر إلى أقارب الضحايا وممثلي وسائل الإعلام ولوح بلا مبالاة

TT

بعد أكثر من تسع سنوات قضاها داخل المعتقلات الأميركية، أربع منها في سجون وكالة الاستخبارات المركزية، ظهر المتهم الرئيسي بتفجير المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» في اليمن عام 2000، إلى العلن مساء أول من أمس عندما مثل أمام أول لجنة عسكرية في ظل إدارة الرئيس أوباما. وكان عبد الرحيم الناشري، واحدا من بين ثلاثة معتقلين خضعوا للتعذيب بالإيهام بالغرق على يد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

بعد وقت قصير ألقى نظرة على الحشد الجالس في الخلف، حيث أقارب الضحايا ووسائل الإعلام ونشطاء حقوق الإنسان الذين جلسوا خلف ثلاثة ألواح من الزجاج. ثم رفع بعد ذلك ذراعه ولوح بلا مبالاة.

مثل الناشري الذي حضر الجلسة حليق الذقن، ممتلئ الجسم ويرتدي ملابس السجن البيضاء أمام المحكمة بتهم القتل والإرهاب وانتهاكات الحرب فيما يتصل بهجوم «القاعدة» الذي راح ضحيته 17 بحارا أميركيا.

واحتفظ الناشري الذي أراد العمل مع كل من محاميه المدنيين والعسكريين بالحق في التعليق على الاتهامات. وتابع الناشري الإجراءات عن طريق مترجم، مشيرا إلى أنه لا يتحدث الإنجليزية، على الرغم من استخدامه بعض الجمل باللغة الإنجليزية، فأجاب، عندما سأله القاضي عن اللغة التي يتحدث بها، بابتسامة واسعة «العربية».

ويقول جون كلودفلتر، من ميكانسفيل بولاية فيرجينيا والذي قتل ابنه كينيث 21 عاما في الهجوم: «يبدو لي مغرورا»، وكان كلودفلتر من بين أفراد العائلات الذين نقلوا جوا إلى كوبا لمتابعة وقائع القضية. كما بث الجيش فيديو للمحاكمة لأقارب الضحايا في نورفولك أيضا من توجيه الاتهام للأقارب في نورفولك. وأضاف كلودفلتر «أعتقد أنه يستحق الحصول على عقوبة الإعدام، إن لم يكن أسوأ».

وإلى جانب الخضوع لعملية الإيهام بالغرق، تعرض الناشري إلى عمليات إيهام بالإعدام عندما وضع عملاء وكالة الاستخبارات مثقابا كهربائيا ومسدسا بالقرب من رأسه. وكان محامو وزارة العدل قد أجازوا عمليات الإيهام بالغرق، لكن استخدام المثقاب والمسدس لم يكونا ضمن الأساليب التي تمت الموافقة عليها في ظل إدارة الرئيس جورج بوش الابن.

وكما هو مسموح به في القانون العسكري، سأل القاضي جيمس بوهل، العقيد بالجيش الأميركي محامي الناشري عما إذا كانوا يرغبون في الاعتراض عليه على أساس الحيادية. غير أن الدفاع عدل في النهاية عن الطعن فيه، لكن التساؤل بشأن عقوبة الموت والتعذيب تشير إلى أن معاملة الناشري خلال وجوده في سجون المخابرات المركزية سيشكل ركيزة الدفاع لمنع الحكم على المتهم بالإعدام.

وتساءل محامي الدفاع، ريتشارد كامن، المحامي المدني والمتخصص في قضايا الإعدام، من ولاية إنديانا: «هل تعتقد أن الولايات المتحدة عندما قامت بتعذيب الناشري دعمت حقها في إعدامه؟».

وقد رفض بوهل الإجابة عن غالبية الأسئلة، قائلا إن وجهة نظره الشخصية ليست ذات صلة وإنه سيقوم بتنفيذ القانون، فقال بوهل: «أنا شخص بسيط، أتبع ما تقوله القواعد».

وكان خالد شيخ محمد، الذي ادعى أنه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 وأربع من المشاركين في التخطيط للهجوم قد مثلوا أمام محاكم عسكرية بناء على اتهامات رئيسة في غوانتانامو خلال إدارة بوش. وقد تم سحب تلك الاتهامات من قبل إدارة أوباما تحسبا لمثولهم أمام محاكم فيدرالية، لكنهم عادوا ليحاكموا من جديد أمام مدعين عسكريين عندما انهارت خطة إجراء المحاكمة في نيويورك أمام معارضة السكان المحليين والكونغرس، ومن ثم يتوقع إجراء محاكمة ثانية في خليج غوانتانامو في قضية 11 سبتمبر في وقت قريب.

وقال الجنرال مارك مارتينز، رئيس الإدعاء العسكري: «بالنسبة للأميركيين الذين فقدوا صديقا أو قريبا في الهجوم على المدمرة (يو إس إس كول)، لا شيء يمكن أن يعيد هؤلاء الأشخاص الأعزاء إلينا مرة أخرى. لكننا نعلم أن الولايات المتحدة ملتزمة بمحاسبة الأفراد الذين خططوا للهجوم على أمتنا أو مصالحنا بالخارج وفق القانون».

ويتوقع أن يطول أجل القضية في نظام وصفه بوهل بالفريد، لأنه لم يختبر بعد، فقبل يومين من توجيه الاتهام أفرج الجيش عن 202 صفحة من الإجراءات الجديدة الخاصة بالمحاكم العسكرية. وأشار كامن في مقابلة إلى أن المحكمة قد تظل مجرد جلسات استماع حتى عام من الآن.

وقد واصلت جماعات حقوق الإنسان انتقاد الإجراءات، مؤكدة على أن اللجان ترقى كي تكون عدالة من الدرجة الثانية، بالمقارنة مع المحاكم الجنائية الفيدرالية أو المحاكم العسكرية العرفية.

فتقول ميلينا ميلازو، من منظمة «هيومان رايت فيرست»: «النظام معيب أصلا». حضرت ميلازو توجيه الاتهام، مشيرة إلى أنه نتيجة لعدم وجود نص جوهري للقانون يحدد عمل اللجان، سيكون النظام عرضة للقرارات التعسفية وخاضعا لتحديات لا نهاية لها، ففي اللجان العسكرية تخضع كل قضية هي واحدة للانطباع الأول.

ومن المتوقع أيضا أن تكون الدعوى المثيرة للجدل، مع تبادل الاتهامات بين الحكومة والدفاع بشأن سوء النية، فقد شكا محامو الدفاع من توقف الحكومة عن تسليم الأدلة التي من شأنها أن تسمح لهم بالاستعداد للمحاكمة والبدء في قراءة رسائل البريد الإلكتروني بين المحامي وموكله، والتنصل من السابقة، في الوقت الذي كانت الإجراءات فيه على وشك أن تبدأ.

يدعي الجيش أن الناشري كان أحد المقربين من أسامة بن لادن وكان مسؤولا عن التخطيط والإعداد للهجوم، الذي يقوم فيه قارب صغير يحمل انتحاريين بالاقتراب من المدمرة في ميناء عدن وتفجيره ما تسبب في حفرة بعمق 30 في 30 قدما. وتساءل كامن عما إذا كان الناشري قد أعرب عن ندمه على الإطلاق عن مقتل 17 بحارا، وأشار إلى أن كل ما يقوله الناشري خارج قاعة المحكمة، يصنف بصورة مفترضة مهما كان تافها أو عرضيا لهذه القضية. ولكنه أضاف «لكننا نرى من وجهة نظرنا أن هذا الشخص لا يمكن أن يكون دون قلب أو مشاعر».

وقد بدا بوهل، غاضبا بعض الشيء نتيجة قرار قائد قوة العمل المشتركة في خليج غوانتانامو، بمنح الدفاع أمرا قوة الحراسة بعدم قراءة البريد الإلكتروني، المكتوب عليه بشكل واضح أنه مراسلات بين المحامي وموكله. وقد حدد القاضي موعد المحاكمة بعد عام من الآن، على أساس إمكانية تأجيل هذا الموعد مرة أخرى.

* خدمة «نيويورك تايمز»