وفد أميركي إلى تل أبيب للبحث في الملف النووي الإيراني.. وإسرائيل تسعى لإقناع موسكو بالعقوبات

مسؤول رفيع: نحن نفضل خيار العقوبات ونعتقد أنها ستكون ناجعة

TT

في إطار التنسيق بين البلدين من أجل «منع مفاجآت إسرائيلية»، قررت الإدارة الأميركية إرسال وفد رفيع إلى إسرائيل للتباحث مع قادتها السياسيين والعسكريين حول الملف الإيراني النووي، وكيفية مواجهة ما سموه «إصرار القيادة الإيرانية على تطوير التسلح النووي».. في حين أفادت الإذاعة الإسرائيلية بأن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان سيتوجه قريبا إلى موسكو لإجراء مباحثات مع كبار المسؤولين الروس، في محاولة لإقناعهم بعدم معارضة تشديد العقوبات المفروضة على إيران.

وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أنه من المقرر أن يصل الوفد الأميركي إلى تل أبيب، الأسبوع المقبل، وضمن أبحاثه «بلورة رزمة عقوبات جديدة ضد إيران».

ونقل عن مسؤولين إسرائيليين يعملون في الشأن الإيراني قولهم إن الوفد الأميركي سيضم مسؤولين اثنين، أحدهما هو نائب وزير المالية لشؤون «الاستخبارات والإرهاب» ديفيد كوهين، الذي يعتبر أرفع مسؤول أميركي يعمل على الدفع بفرض عقوبات اقتصادية دولية على إيران. ومن المقرر أن يجتمع المسؤولان الأميركيان مع كبار المسؤولين في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع وشعبة الاستخبارات في الجيش، وكذلك جهاز «الموساد» (وهو جهاز المخابرات الخارجية المسؤول عن متابعة التسلح النووي إيراني في إسرائيل).

وسيناقش الوفد في زيارته المزمعة إلى تل أبيب خطة أميركية لوضع البنك المركزي لإيران ضمن القائمة السوداء للمؤسسات المالية، التي يمنع الاتجار معها، وذلك بهدف توجيه ضربة قاسية للاقتصاد الإيراني، وضرب استقرار العملية الإيرانية، وقدرة النظام الإيراني على إدارة نظام مصرفي.

وأشارت مصادر إلى أن كوهين سيتوجه من إسرائيل إلى الإمارات لإجراء محادثات مماثلة، ويذكر في هذا السياق أن كوهين قد أجرى جولة محادثات قبل أسبوع في روما وباريس ولندن وبرلين، ناقش خلالها فرض حزمة عقوبات جديدة على إيران.

إلى ذلك، أشارت تقديرات إسرائيلية إلى أن مجلس الأمن الدولي لن يوافق على فرض عقوبات جديدة على إيران، بسبب معارضة روسيا والصين، كما تشير التقديرات إلى أن البدائل التي تنوي اعتمادها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا هي فرض عقوبات على إيران من قبل الاتحاد الأوروبي، ومجموعة دول غربية أخرى، مثل كندا وأستراليا وكورية الجنوبية واليابان، ودول أخرى. وتعتقد الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي أن مقاطعة هذه الدول للبنك المركزي الإيراني وفرض عقوبات أخرى، مثل تقييد حركة المسؤولين الإيرانيين وفرض قيود على شركات الطيران والملاحة الإيرانية، سوف يؤدي إلى ضغط شديد متواصل على النظام الإيراني.

وهو ما دعا تل أبيب إلى محاولة إقناع موسكو بعدم معارضة العقوبات المزمعة، حيث أفادت الإذاعة الإسرائيلية بأن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان سيتوجه قريبا إلى موسكو لإجراء مباحثات مع كبار المسؤولين الروس، في محاولة لإقناعهم بعدم معارضة تشديد العقوبات المفروضة على إيران.

ونقلت الإذاعة عن مصادر سياسية أن ليبرمان سيلتقي الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين، وعددا من المسؤولين، كما نقلت عن سفيرة إسرائيل في موسكو، دورا غولندر، أن ليبرمان سيرأس أيضا الجانب الإسرائيلي في اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة للجانبين، لبحث أوجه التعاون الاقتصادي والتجاري بين إسرائيل وروسيا.

يذكر في هذا السياق أن إسرائيل أصدرت بيانا رسميا، في أعقاب نشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ادعت فيها أن التقرير يؤكد ادعاءات المجتمع الدولي وإسرائيل بأن إيران تعمل على إنتاج أسلحة نووية. وطالب البيان المجتمع الدولي بالعمل على وقف سباق التسلح الإيراني لحيازة أسلحة نووية تعرض السلام في العالم والمنطقة للخطر، بحسب البيان.

من جهتها، بدأت الخارجية الإسرائيلية، أمس، حملة سياسية إعلامية في أعقاب تقرير الوكالة الدولية. وطلب المدير العام للخارجية، رافي باراك، في برقية بعث بها إلى كل سفراء إسرائيل في العالم، التجند الكامل لنشر نتائج التقرير في العالم، بهدف خلق أصداء واسعة يتم ترجمتها إلى خطوات عينية.

وتطرق مصدر إسرائيلي رفيع المستوى، في حديث مغلق مع صحافيين أجانب مؤخرا، إلى نشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية، فقال إن الوكالة تنشر تقارير حول إيران منذ فترة طويلة، غير أن التقرير (هذه المرة) مهم جدا لأنه (وللمرة الأولى) قد أقرّ بأن مشروع إيران النووي هو مشروع عسكري، مضيفا أنه تقرير موثوق، يستند إلى عدة اختبارات ومعلومات من عدة مصادر.

وقال المصدر حول مشروع إيران النووي: «هذا المشروع مستمر منذ عام 1988، ما يعني 23 سنة من محاولات إنتاج سلاح نووي. كان عليهم التغلب على مصاعب كثيرة، ولكنهم غير بعيدين كثيرا عن الهدف».

أما فيما يتعلق بالجدول الزمني لبلوغ إيران السلاح النووي، قال المصدر: «إذا لم يحدث أي شيء في السنة أو السنتين المقبلتين، فسيتمكنون من التوصل إلى سلاح نووي. ولكني لا أعتقد أن الأمور ستصل إلى هذا الحد»، وأضاف أن «طبيعة نقل المرافق النووية الإيرانية إلى مدينة قم هي أمر مهم جدا، فإذا كانوا فعلا يريدون إنتاج اليورانيوم لأهداف مدنية، فلماذا ينقلون هذه المنشآت إلى هناك؟ أضف إلى ذلك أن التقرير يشير إلى أن إيران تمتلك المكونات الملائمة لمشروع نووي عسكري، وليس مشروعا مدنيا. قد يكون هناك من يقول إن قرار تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20 في المائة في قم، هو قرار للتوجه قدما.. من الناحية التقنية، فإنهم قادرون على التوصل إلى قنبلة نووية خلال سنة».

واعتبر المسؤول الإسرائيلي حصول إيران على السلاح النووي خطرا على إسرائيل والدول العربية في المنطقة والعالم أجمع، وقال: «في حالة كهذه، سوف يبدأ في المنطقة سباق تسلح، وسوف يستغل الإيرانيون ذلك بهدف تغيير النظام العالمي. على سبيل المثال، يعتبر الإيرانيون البحرين جزءا من إيران. إن جميع دول الخليج العربي والدول العربية عامة قلقون جدا، وقد بدأت تقول ذلك في الآونة الأخيرة بشكل علني».

وصرح المصدر بأن إسرائيل تفضل عقوبات صارمة على عملية عسكرية، وقال: «من وجهة نظرنا، يمكن ممارسة مثل هذا الضغوطات على إيران، ليوقفوا ذلك.. أعتقد أنهم سوف يفعلون ذلك إذا اعتقدوا أن الأمر يهدد النظام».