الولايات المتحدة تحذر لبنان من محاولات سورية لاختراق العقوبات

مصادر لـ «الشرق الأوسط» : تدابير وقائية تضمن الالتزام

TT

اختلط الشأن السياسي بالشأن المالي في مهمة مساعد وزير الخزانة الأميركية دانيال غلايزر في بيروت، حيث برز طلب مساهمة الحكومة اللبنانية في تمويل المحكمة الدولية التي تنظر في عملية اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، إلى جانب الطلب من السلطات الحكومية والمالية جبه محاولات سورية محتملة لتجنب العقوبات الأميركية والأوروبية.

ولوحظ أن المسؤول الأميركي حمل تحذيرا مبطنا أورده في البيان المقتضب الذي وزعته السفارة الأميركية عن لقاءاته مع كبار المسؤولين اللبنانيين، حيث أبلغهم «إنه من الأهمية بمكان أن لا يقوِّض عدم الاستقرار الحالي في سوريا القطاع المالي في لبنان»، فيما أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي «أن القطاع المصرفي اللبناني أساسي للاقتصاد ولا يمكن لأي لبناني، سواء في القطاع العام أو في القطاع المصرفي، أن يقبل أن تعريضه لأي مخاطر». مشددا «إن مصرف لبنان يتخذ الإجراءات المناسبة لحماية القطاع». وطلب ميقاتي من مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر الذي التقاه أمس في حضور السفيرة الأميركية مورا كونيللي والوفد المرافق «التنسيق مع مصرف لبنان في أي أمر يتعلق بهذا القطاع». لكن لم يتطرق البيان الصادر عن القصر الحكومي إلى موضوع المحكمة وتمويلها. وشدد غلايزر، بحسب بيان صادر عن السفارة الأميركية في بيروت، خلال لقاءاته التي شملت ميقاتي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأركان جمعية المصارف برئاسة الدكتور جوزيف طربيه، على «حاجة لبنان إلى اتخاذ الخطوات الضرورية لضمان قطاع مالي شفَّاف ومنظم جيدا من أجل ازدهار لبنان المتواصل»، كما شدد «على حاجة السلطات اللبنانية لحماية القطاع المالي اللبناني من محاولات سورية محتملة لتجنب العقوبات المالية المفروضة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة»، مبينا وجهة النظر الأميركية ومفادها «أنه من الأهمية بمكان أن لا يقوِّض عدم الاستقرار الحالي في سوريا القطاع المالي في لبنان».

إلى ذلك، دعا غلايزر لبنان إلى «تلبية جميع التزاماته الدولية، بما في ذلك التعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان والمساهمة في تمويلها»، مجددا «التزام الولايات المتحدة بلبنان مستقر وسيد ومستقل».

وأبلغت مصادر متابعة «الشرق الأوسط»، أن ثمة تداخلا وإشكالية في إلزامية التطبيق بين العقوبات الأحادية التي تتخذها دولة أو مجموعة ما، والعقوبات التي يقررها مجلس الأمن الدولي أو أي مرجعية تابعة للأمم المتحدة. لكن موقع القطاع المصرفي وشبكة تعاملاته الإقليمية والدولية يفرضان اللجوء إلى تدابير وقائية ومشددة تكون اقرب إلى الالتزام في الحالين معا.

وقد تم إبلاغ المسؤول الأميركي بأن المصارف، وبالتعاون مع البنك المركزي، عمدت مبكرا إلى متابعة لوائح العقوبات بحق أشخاص ومؤسسات من سوريا. وهي تلتزم الأصول الرقابية المشددة، علما أن الكشوفات أظهرت عدم وجود حسابات من اللائحة، وفي حال وجودها يتم إبلاغ هيئة التحقيق الخاصة التي يرأسها حاكم البنك المركزي لإجراء المقتضى القانوني والعملي.

من جهته أكد وزير العمل شربل نحاس أنه لا داعي للقلق الزائد حول احتمال فرض عقوبات على القطاع المصرفي اللبناني، مشيرا إلى «أن أنظمة الرقابة على الجهاز المصرفي محددة ولها قواعد معروفة من قبل مصرف لبنان وملزمة لجميع الدول، والمصرفيين اللبنانيين مدركون لهذه القواعد ولا يمكنهم خرقها»، واعتبر «أن العقوبات في حال فُرضت ستكون سياسية».

وفي شأن مصرفي آخر، لفت رئيس جمعية المصارف جوزيف طربيه بعد لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس إلى أن «موضوع تصاعد الديون وعدم ضبط العجز أدى بالفعل إلى اضطرابات اجتماعية ومالية وسياسية، هذا في أوروبا، فكيف في بلد كلبنان يشهد مرحلة صعبة في منطقة دقيقة»، مضيفا «طلبنا من الحكومة أن تتعاطى بجدية كبيرة مع موضوع العجز، والمصارف ليست مهتمة بزيادة الدين إنما تبدي اهتماما بالاستقرار الاقتصادي، لأن لها ديونا مع الدولة»، مشيرا إلى أننا «لا نسعى إلى زيادة الدين بل نطلب من الدولة وضع سقف للعجز كي تتمكن من إدارة موضوع الموازنة بصورة مقبولة».