الحكومة الإسرائيلية تتراجع عن هدم بؤر استيطانية

تخريب آخر في مقبرة إسلامية في القدس

TT

في الوقت الذي توجه فيه كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه إيهود باراك، إلى محكمة العدل العليا طالبين إمهالهما مدة أخرى للتفاهم مع المستوطنين حول إزالة بؤر استيطانية أقيمت من غير ترخيص حكومي، واعتبار ذلك تراجعا من طرفهما أمام ضغوط المستوطنين، أقدم مجموعة من المستوطنين المتطرفين على أعمال تخريب في مقبرة مأمن الله في مدينة القدس الشرقية المحتلة.

ودلت الشعارات التي خلفها المخربون وراءهم على أنهم من المستوطنين، إذ كتبوا بحروف كبيرة «جبعات أساف»، وهي واحدة من بؤرتين استيطانيتين قرب رام الله (الثانية تدعى «عمونا») كان على السلطات أن تهدمهما مع نهاية هذه السنة، بموجب قرار محكمة العدل العليا منذ شهر أغسطس (آب)، باعتبار أنها أقيمت من دون ترخيص رسمي من الحكومة. وتوجه كل من نتنياهو وباراك إلى المحكمة معلنين أن هناك مفاوضات متقدمة مع المستوطنين من أجل إيجاد «حلول وسط» تمنع الاحتكاك وتقود إلى حلول معقولة للأزمة ومرضية للطرفين.

وكان نتنياهو قد أعلن فقط قبل أيام أنه ينوي هدم جميع البؤر الاستيطانية لأنه يفضل القانون على الفوضى، وأكد أنه قرر بناء 2000 وحدة سكنية في المستوطنات بشكل قانوني «لأن الاستيطان حق لنا وعلينا ممارسته بشكل منظم وليس بالفوضى». لكنه تعرض لضغوط شديدة من اليمين المتطرف ورجال الدين اليهود، وهدده بعضهم بالانسحاب من الائتلاف الذي يقوده، فخاف وتراجع، وتوجه إلى المحكمة طالبا مهلة جديدة.

واستغل المتطرفون هذه القضية لينفذوا اعتداء انتقاميا من الفلسطينيين. فبعد أقل من شهر من أعمال التخريب في المقبرتين الإسلامية والمسيحية في مدينة يافا، نفذوا أعمالا مماثلة في مقبرة إسلامية في القدس. فقد تم الكشف صباح أمس عن عمليات تخريب في 15 قبرا، وكتابة شعارات عنصرية، في مقبرة مأمن الله في القدس المحتلة. وكان من بين الشعارات التي كتبت في المكان «الموت للعرب». يذكر أن مقبرة مأمن الله تعتبر أكبر وأعرق مقبرة إسلامية في القدس، وكانت تقدر مساحتها بـ200 دونم، لكنها تعرضت منذ عام 1967 إلى جرائم متواصلة من قبل سلطات الاحتلال، وحولت أغلبها إلى حديقة باسم «حديقة الاستقلال»، وشقت الشوارع وبنت الفنادق ومواقف المركبات على أجزاء أخرى منها، ولم يتبق منها إلا نحو 24 دونما. وتستهدف المقبرة في الوقت الحالي ثلاثة مخططات، وهي بناء ما يسمى بـ«متحف التسامح»، ومخطط لبناء مجمع محاكم إسرائيلية، وآخر لإقامة موقف مركبات إضافي. وكان قد تم تجريف نحو 100 قبر فيها فقط قبل 5 شهور.

من جهة ثانية، أعربت وزارة الخارجية الإسرائيلية، أمس، عن غضبها من قيام وزارة الداخلية الفرنسية بتسجيل موقف تقول فيه إن مستعمرة «معاليه أدوميم»، هي منطقة فلسطينية محتلة. وهذه المستوطنة هي واحدة من كبريات المستوطنات القائمة على أراض فلسطينية منهوبة في الجزء الشرقي المحتل من القدس. وتوجه شاب يهودي من إسرائيل مولود في المدينة بطلب الحصول على جواز سفر فرنسي، فكتبوا إلى جانب البند «مكان الولادة»: «معاليه أدوميم - فلسطين». فتوجه الشاب معترضا، فأجابوه «هذه منطقة فلسطينية محتلة». فأعلن أنه سيتوجه إلى المحكمة ضد الحكومة الفرنسية بسبب ذلك.

وجاء في تصريح لمسؤول في الخارجية الإسرائيلية أن بلاده «تستغرب التصرف الفرنسي». ومدعى هذا الاستغراب هو أن فرنسا لا تقبل القرار الإسرائيلي الأحادي الجانب بضم القدس ومعها 70 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية المحتلة إلى تخومها، وقرارها باعتبار كل يهودي يعيش في هذه المنطقة «مواطنا يحمل الجنسية الإسرائيلية».