ناشط من «باب السباع» لـ «الشرق الأوسط»: النظام يريد تطويعنا.. وخسائرنا 150 قتيلا و1200 معتقل

قال إن الحي مغلق منذ 3 أشهر والقصف يطاله كل ليلة

TT

يجاور حي «باب السباع» مسجد «المريجة» الأكثر شهرة في حمص منذ بداية الانتفاضة السورية، حيث كان المسجد مركزا لانطلاق آلاف المتظاهرين بعد كل صلاة جمعة للهتاف ضد النظام السوري.

اشتهر الحي بـ«محاولات إبادته من قبل دبابات أجهزة الأمن السورية» وفق أحد الناشطين. حيث يقوم الجيش السوري وأجهزة الأمن التابعة للنظام بـ«اعتقالات تعسفية للشبان وبقتل كل شخص يشارك في مظاهرات ليلية أو أيام الجمعة». ويؤكد الناشط لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام استهدف باب السباع أيام العيد لتلقين سكانه درسا على رفضهم الاستسلام فقتل العشرات في تلك الأيام المباركة». ويشير إلى أنه «كل يوم هناك حالات قتل من قبل قناصة موجودين فوق الأسطح».

«يعيش الحي منذ 3 أشهر حصارا خانقا، لا يستطيع سكانه الخروج من منازلهم» هذا ما يؤكده الناشط، ويضيف: «الحي صار منكوبا. كل يوم تفتح العيارات النارية عشوائيا وتصيب الأشخاص العزل ويقتلون، والجرحى يؤخذون إلى المنازل للعلاج بعد أن تم محاصرة مستوصف (باب السباع)، وصودرت الأجهزة الطبية فيه واعتقل الأطباء منه. والأهالي صاروا يستقبلون أطباء متطوعين هبوا من أحياء قريبة لإسعاف جرحاهم». مشيرا إلى أن «مستشفى جمعية البر القريب من الحي احتل من قبل شبيحة النظام وصار الضباط يقتلون الجرحى فيه، وزرعت الأجهزة الأمنية قناصين فوق مبنى مؤسسة (المياه الحكومية) المتاخم لمبنى المستشفى لاستهداف أي جريح يتم المجيء به إلى هناك للعلاج». مؤكد أن «السكان أقاموا مستشفيات ميدانية صغيرة داخل البيوت لإسعاف الجرحى».

الناشط الذي يسكن في شمال لبنان منذ أسبوعين يلفت إلى أن «الحي مكبل بحصار مخيف». ويوضح أن «السكان لا يملكون أدنى الشروط المعيشية التي يمكن أن تبقيهم على قيد الحياة. حيث إن معظم المواد تنقصهم من الخبز واللبن واللحوم بعد أن أغلقت المحال ونهبت من قبل (شبيحة) النظام. وأصبح من المستحيل إدخال المواد إليهم بعد أن أطبق النظام سيطرته على معظم الأحياء في حمص وفصلها عن بعضها البعض بحواجز أمنية مشددة».

يشير الناشط إلى أن «الحي استهدف مرات عدة من قبل مدرعات الأمن السورية لكنه لم يستسلم. وعلى الرغم من صغره حيث يحتوي على بضعة شوارع فرعية من شارع زهير بن سلمة إلى شارع العدوية، استطاع أن ينهك النظام وشبيحته لصمود أهله ومقاومتهم محاولات الترهيب والتخويف المستمرة، حيث إن السكان يطالبون بشكل سلمي بالحرية وبتغيير النظام البائس».

يؤكد الشاب أن «الحي محاصر بحاجزين للقناصة يشرفان عليه هما، حاجز الفارابي وحاجز القلعة. وحاجز القلعة هو عبارة عن تلة مشرفة على معظم أحياء حمص ومن بينها حي باب السباع، تقطنه دبابات النظام التي تقصف الأحياء بشكل عشوائي ليلا لتخويف الناس ومنعهم من التفكير بالتظاهر». ويضيف أن «هذين الحاجزين يربض فيهما قناصة تابعون للنظام يقتلون كل شخص يخرج من بيته ويتابعون حركة الناشطين ويغتالونهم». يشير الناشط إلى أن الوضع الإنساني في الحي «سيئ للغاية»، لافتا إلى أن «الحي مغلق منذ 3 أشهر تقريبا بالدبابات والقصف يطاله كل ليلة منذ الساعة الثامنة إلى الـ12 بعد منتصف الليل». مؤكدا أن «الحياة فيه مستحيلة، لكن الأهالي يرفضون الاستسلام للنظام ولعناصره، رغم كل الترويع الذي يقومون به، من القصف والمنع والتدمير والنهب والقتل، حيث وصل عدد القتلى إلى 150 شخصا منذ اندلاع الحوادث في سوريا إضافة إلى 1200 معتقل». ويضيف الناشط قائلا: «كان السكان يخرجون في مظاهرات ميدانية فتقطع لهم أجهزة الأمن الطريق وتعتقل الشباب وتقتل بالقنص كل شخص لا يسمع كلام الضباط». ويروي الشاب قصصا من الميدان، فيقول: «كنت أخرج برفقة المتظاهرين لأصور مجريات تشييع القتلى أيام السبت، مشيا على الأقدام من باب السباع إلى مقبرة (الكتيب) حيث كان رجال الأمن يحاصرون موكب التشييع ويستهدفون المتظاهرين بالرصاص الحي، وكنا نصرخ بصوت عال على الرغم من كل الرصاص (الشهيد بدو كتيب)». مؤكدا أن «الأمن منع السكان من دفن القتلى في مقبرة (تل النصر) وهي المقبرة الأكبر في حمص». مضيفا أنه «منذ شهرين أصدر الأمن قرارا بمنع التشييع وبمنع دفن القتلى فصار الأهالي يدفنون قتلاهم في مقبرة صغيرة داخل باب السباع».

شاب آخر أتى إلى لبنان منذ شهر بعد إدخاله إلى إحدى البلدات العكارية تحدث عن معاناة الحي. يقول الشاب: «العيش في الحي لا يطاق. أجهزة الأمن تستهدفنا بالقتل والتفتيش دائم في البيوت بحثا عن الناشطين. والمياه مقطوعة عن البيوت والكهرباء أيضا ولا يوجد عبوات للغاز». مضيفا: «كنا نأكل من المؤونة التي لدينا. بعض العائلات لا يوجد لديها طعام، كنا نقوم بتقاسم الطعام معها. لكن بعد أن صار القنص يستهدفنا صرنا لا نستطيع الخروج من بيوتنا». يروي الشاب قصة رآها بعينه: «كنا نشارك في مظاهرة في الحي حيث خرج شبان من سيارة (كيا ريو) وأطلقوا النار على أحد الشبان فأصابوه في عنقه فقتل على الفور». ويؤكد الناشط أن «هذه السيارات قدمها تاجر من حلب يملك مؤسسة متخصصة في استيراد السيارات للنظام لمساعدته في قمع الناس وقتلهم».