أحمد الحريري لـ «الشرق الأوسط»: موقف الحكومة اللبنانية «مخزٍ».. والمطلوب وقف سفك الدماء في سوريا

وزير الخارجية اللبناني يؤكد اتخاذ «الموقف الأفضل لمصلحة لبنان» في الاجتماع العربي لبحث أزمة سوريا

TT

تترقب الساحة اللبنانية الموقف الذي سيتخذه لبنان اليوم في اجتماع وزراء الخارجية العرب المخصص لبحث الوضع في سوريا، بعد اتهام جامعة الدول العربية سوريا بعدم الالتزام بتطبيق البنود الواردة في ورقة الحل العربية. وبينما من المتوقع أن تجد الحكومة نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما: إما السير بالإجماع العربي وإما الانحياز إلى النظام السوري، أشار وزير الخارجية اللبناني، عدنان منصور، أمس، إلى «أننا سنتخذ الموقف الأفضل لمصلحة لبنان»، مؤكدا «ألا خروج عن الإجماع العربي».

كان رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، قد كرر مؤخرا، أكثر من مرة، موقف لبنان «بالنأي» بنفسه عما تشهده سوريا من أحداث. وكان آخر هذه المواقف ما أطلقه خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة البريطانية لندن، مطلع الأسبوع الحالي. ويتبع لبنان الرسمي سياسة «النأي بنفسه» منذ بداية الأحداث في سوريا. وفي الثالث من أغسطس (آب) الفائت، نأى لبنان بنفسه عن البيان الرئاسي الذي أصدره مجلس الأمن، وأدان بموجبه «الخرق الواسع لحقوق الإنسان واستخدام القوة ضد المدنيين من قبل السلطات السورية»، مطالبا السلطات السورية بـ«الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والتصرف بموجب واجباتها وفق القانون الدولي».

في هذا السياق، أوضح الأستاذ في القانون الدولي، الدكتور شفيق المصري، أن سياسة «النأي بالنفس» عمَّا يجري في سوريا أشبه بـ«موضوع إنشاء». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التوصيف القانوني لهذا الوضع هو الامتناع عن التصويت»، مذكرا بأن «لبنان في مجلس الأمن امتنع عن التصويت، بمعنى أنه لم يعلن رفضه أثناء الجلسة وصدر البيان، ليعلن ممثل لبنان، بعد ذلك، أن لبنان قرر «النأي بنفسه». وأشار إلى أنه «لو رفض لبنان التصويت داخل الجلسة لما كان البيان ليصدر».

وفيما يتعلق بموقف لبنان اليوم في اجتماع مجلس الوزراء العرب بشأن سوريا، قال المصري: «إذا أرادت الدول العربية التصويت وامتنع لبنان، فلا معنى لامتناعه؛ لأن موقفه لا يعني لا الرفض ولا القبول». وأوضح أن «المادة السابعة من ميثاق جامعة الدول العربية تنص على أن القرارات التي تصدر عن الجامعة تلزم من يصوت عليها فقط»، معتبرا أن هذه المادة هي «مشكلة جامعة الدول العربية وسبب عجزها». ولفت إلى أن «صدور أي قرار عن الجامعة من دون تحقيق إجماع حوله داخلها هو بمثابة إعلان فشلها؛ لأنه لن يكون ملزما لبقية الدول العربية، وعندها سيتم البحث في وسائل أخرى».

وتحمل قوى المعارضة اللبنانية على موقف الحكومة اللبنانية من الشأن السوري، ويشن نواب المستقبل و«14 آذار»، عموما، حملة على أداء الأجهزة الرسمية في ملف النازحين السوريين إلى لبنان. في هذا السياق، وصف أمين عام تيار المستقبل، أحمد الحريري، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، موقف الحكومة اللبنانية بأنه «موقف مخزٍ، لا سيما أن الموقف الإنساني للشعب اللبناني بات واضحا جدا»، مشيرا إلى أن حكومة ميقاتي «لا تتحرك حتى من الناحية الإنسانية لمساعدة النازحين السوريين». وقال: «نحن نرى يوميا كيف تتم معاملة النازحين في ظل عمليات الخطف التي تحصل، وذلك كله بغطاء من الحكومة ورئيسها»، مؤكدا أن «ألاعيب الحكومة اللبنانية بدأت تنكشف، إن على صعيد تمويل المحكمة الدولية أو على صعيد الموقف مما تشهده سوريا؛ حيث أصبح واضحا أن الحكومة اللبنانية هي حكومة التغطية على سوريا».

وشدد الحريري على أن «المطلوب اليوم من جامعة الدول العربية هو اتخاذ موقف واضح من المبادرة السابقة، بحيث يتم عرض ما نفذ منها وما لم ينفذ»، مذكرا بأن «معدل 20 رجلا يُقتلون كل يوم منذ الإعلان عن بدء تطبيق المبادرة، والمطلوب بالدرجة الأولى وقف سفك الدماء، وهو ما لم يتحقق بعدُ، على الرغم من إعلان التزام سوريا بذلك».

وأشار إلى أن «ثلاث دول موجودة في جامعة الدول العربية، هي تونس ومصر وليبيا، وهي تطالب بإعلان موقف حازم مما يجري في سوريا»، معتبرا أنه «من الضرورة بمكان أن يتم القيام بتحرك تصعيدي».