اليساريون في تونس بين مشكك في «النهضة» ومعارض لها

محلل سياسي: اليسار أدرك إمكانياته خلال الانتخابات

TT

تستعد حركة «النهضة» لقيادة البلاد لأول مرة، وهي تسعى إلى امتصاص أكبر قدر ممكن من الحساسيات السياسية سواء منها المنضمة إلى مفاوضات تشكيل الحكومة القادمة أو التي أعلنت تمسكها بالمعارضة ومواصلة نهج الانتقاد نفسه لحركة النهضة، خاصة في ما يتعلق بازدواجية الخطاب وتأثير ذلك على علاقتها بالشارع التونسي. ومن المنتظر أن تلعب الأحزاب اليسارية التي منيت بخسارة كبيرة في انتخابات المجلس التأسيسي دور المعارضة لحزب حركة النهضة والأحزاب المشكلة للحكومة إلى جانبه.

ولئن أعلنت بعض الأحزاب السياسية عن هزيمتها في انتخابات المجلس واختارت مخيم المعارضة، وهذا الأمر ينطبق على الحزب الديمقراطي التقدمي، فإن البعض الآخر من الأحزاب والحساسيات لم تعترف بعد بهزيمتها في الانتخابات، وتعمل في صمت على التشكيك في قدرة حركة النهضة كتيار ديني على قيادة البلاد وتخليصها من جزء كبير من مخلفات منوال التنمية غير العادل الذي سيطر لعقود من الزمن. وفي مقابل ذلك أعلنت حركة النهضة عن قبولها لكل الأفكار وسعيها لاستقطاب أكبر عدد من الكفاءات، ودعت الأحزاب اليسارية إلى المشاركة الإيجابية في الحكومة القادمة وعدم الاكتفاء بمراقبة أداء «النهضة».

وفي هذا الشأن، قال نور الدين العرباوي، القيادي في حركة النهضة، إن الانطباع الأولي الذي ساد بعد انتخابات المجلس التأسيسي يوحي بأن جميع الأحزاب السياسية بما فيها تيارات اليسار قد قبلت بتلك النتائج ولم تشكك قي سير العملية الانتخابية، وهو عنصر إيجابي يمكن أن يؤثر لاحقا على العلاقات بين من يحكم ومن يعارض. وحول الموضوع نفسه، قال زياد الهاني، المحلل السياسي التونسي، إن اليسار ككل قد وقف على حقيقة وزنه وإمكانياته خلال الانتخابات الماضية، واكتشف الهوة الشاسعة التي تفصله عن الناخب التونسي، وليس من صالحه أن يلعب دور المعارضة لكل شيء حتى لا يزيد في انزوائه عن التونسيين. واعتبر أن تلك الأحزاب قد نضجت بما فيه الكفاية، ولن تخرج عن إطار السلوك المسؤول. وأضاف الهاني أن تركيز التيارات اليسارية على التشكيك في خطاب حركة النهضة وتغافلها عن إقناع التونسيين بسلامة برامجها قد أثرا كثيرا على النتائج الانتخابية، وليس من صالحها أن تعود إلى نفس منطق الفشل الذي عبرت عنه خلال المرحلة الماضية.