7 سنوات على رحيل عرفات.. ولا يزال موته يشكل لغزا

الفلسطينيون يحيون ذكراه في رام الله.. وحماس «تماطل».. والقدوة: نقر بالتقصير

TT

رغم مرور 7 سنوات على وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات (أبو عمار)، فإن موته لا يزال يمثل لغزا لم يجد إجابة عند عموم الفلسطينيين الذين يحيون ذكراه كل عام مع تجدد السؤال الكبير: من قتله؟

ورغم أن هناك قناعة كبيرة لدى عموم الفلسطينيين بأن إسرائيل سممت عرفات، فإن أي دليل على ذلك لم يوجد بعد، مع كثير من الشكوك بأن الحقيقة أخفيت لأسباب كثيرة وكبيرة. وفي كل عام مع اقتراب ذكراه، يحيي الفلسطينيون هذه الذكرى منتظرين تقديم إجابات شافية حول سبب موت عرفات، ومرة أخرى لم تقدم السلطة أمس أي إجابة مقنعة.

واعترف ناصر القدوة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الرئيس ياسر عرفات وعضو مركزية فتح وابن شقيقة الرئيس الراحل، بالتقصير في معرفة الأسباب الحقيقية لوفاته في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004. وقال القدوة خلال حفل نظم إحياء للذكرى السابعة لوفاة عرفات «إنه سؤال لم نحصل على إجابة عنه حتى اليوم»، وأضاف «نجدد قناعتنا بمسؤولية إسرائيل عن تسميم الرئيس الراحل ياسر عرفات، إلا أننا نقر بالتقصير في الحصول على الجواب القاطع»، وتابع «نعم لم نحصل بعد على الجواب القاطع، وهو من حق شعبنا ومن واجبنا الحصول عليه، ونعد بالاستمرار في العمل من أجل الحصول على هذا الجواب».

ومن المفترض أن تنشر المؤسسة التي يرأسها القدوة التقرير الطبي لوفاة عرفات خلال أقل من شهر، غير أنه لن يحمل أيضا إجابة مقنعة للفلسطينيين. ويقول التقرير المنتظر نشره باللغة العربية مترجما من الفرنسية، إن سبب وفاة عرفات غير معلوم، بعدما انحصرت المشكلة في تكسر صفائح الدم، التي تسببها 3 حالات مرضية، وهي السرطان والالتهابات الحادة ووجود تسمم، وكلها غير موجودة عند عرفات. ويعتقد القدوة أن عرفات توفي بسم غير معلوم دس إليه عن طريق الإسرائيليين، وجاهر بذلك مرارا، رغم أن السلطة لم تتبن هذا الموقف بشكل رسمي.

وكان بسام أبو شريف، المستشار الخاص لعرفات، تحدث عن السم الذي دس لعلرئيس الفلسطيني، قائلا إنه من نوع «ثاليوم»، وهو غريب وغير متداول ويصعب اكتشافه أو اكتشاف آثاره أو مقدماته. وأضاف بحسب معلومات قال إنه حصل عليها من مصادره «هذا السم الخطير سائل لا لون ولا رائحة ولا طعم له، يستخرج من عشبة بحرية نادرة، ويمكن وضعه من دون ملاحظته في الماء وفي الأكل، أو حقنه من خلال إبرة في شريان وعروق أو جلد إنسان». كما رجح ذلك طبيب عرفات الخاص، أشرف الكردي.

وكانت الحالة الصحية لعرفات تدهورت سريعا في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ونقل إثر ذلك إلى الأردن ومن ثم إلى مستشفى بيرسي في فرنسا يوم 29 أكتوبر من العام نفسه، قبل أن يتوفى في 11 نوفمبر 2004، من دون الإعلان عن سبب وفاته. ولا يزال عرفات حاضرا بقوة في المشهد الفلسطيني، وقالت آخر إحصاءات للرأي في الأراضي الفلسطينية إن غالبية كبيرة ما زالت تفتقده. واحتلت صور عرفات أمس واجهات الشوارع في الضفة الغربية، وانشغلت وسائل الإعلام الرسمية والمحلية بتقديم برامج عن حياته ومماته، كما ناقش مستخدمو المواقع الاجتماعية مثل «فيس بوك» و«تويتر» وغيرهما تأثير حضور وغياب عرفات.

وتجمع فلسطينيون عند قبر عرفات أمس، في مقر المقاطعة في رام الله، وأضاءوا شموعا عند الضريح الذي تحول إلى مزار. وقال القدوة «نشعر بأن ياسر عرفات ومع مرور السنوات يقترب منا بدل أن يبتعد عنا، ونشعر بأنه يسدي لنا النصح للتمسك بثوابته ونهجه».

وتحدث مسؤولون كبار عن عرفات عبر المواقع الاجتماعية وفي بيانات وخطب مختلفة. ووضع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض صورة لعرفات على صفحته على «فيس بوك» وهو ينظر إلى الأفق، وكتب جملة أبو عمار الشهيرة التي اقتبسها من القرآن «يرونها بعيدة ونراها قريبة وإنا لصادقون».

وقال فياض في كلمة في حفل عرفات «إن حكاية ياسر عرفات تتجسد اليوم في إصرار شعبنا على مواصلة الكفاح والبناء، لإكمال فصولها بانتزاع الحرية والاستقلال، وتكريس السيادة الوطنية على أرض دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967. وأضاف أن «مواصلة طريق البناء والمراكمة على ما أنجز في استنهاض عناصر القوة والمنعة وتوفير مقومات الصمود لشعبنا، تظل، رغم كل الصعاب والتحديات التي تعترضنا وستعترضنا، الطريق الأقصر لتحقيق أهدافنا الوطنية، وتحويل الإجماع الدولي إزاء جدارتنا وجاهزيتنا إلى إجماع شامل لتجسيد دولة فلسطين كاملة السيادة على الأرض».

إلى ذلك، اتهمت حركة فتح حركة حماس بمنع تنظيم مهرجان جماهيري لإحياء ذكرى رحيل عرفات.

وذكرت فتح، في بيان صحافي، أن «حماس تماطل حتى اليوم في السماح لحركة فتح بإحياء ذكرى استشهاد الرئيس الشهيد ياسر عرفات».

وقالت فتح إنها «طالبت، منذ مدة، بإحياء هذه الذكرى في ساحة الكتيبة أو ملعب اليرموك بغزة، غير أن حماس لم توافق حتى اللحظة ولم ترد كذلك حول موقفها من إحياء هذه الذكرى، وتماطل في الرد والموافقة على ذلك».

وأكدت فتح إصرارها على إحياء هذه الذكرى «لأنها خاصة بالرئيس القائد أبو عمار، غير أن حماس تسوِّف وتماطل حتى تمر هذه الذكرى دون إحياء».

وتشترط وزارة الداخلية في الحكومة المقالة ضرورة التنسيق معها وأخذ تصريح لأي فعاليات جماهيرية تنظمها الفصائل الفلسطينية في غزة.