أوباما يبدأ رحلة آسيوية لتعزيز العلاقات مع دول المحيط الهادئ

كلينتون: القرن الـ21 سيكون «قرن أميركا للمحيط الهادي»

أوباما أثناء وصوله للمشاركة في إحياء «يوم المحاربين القدامى» في أرلينغتون بولاية فرجينيا أمس (رويترز)
TT

في الوقت الذي تترنح فيه أوروبا في أزمتها المالية، بدأت أنظار الإدارة الأميركية تتجه شرقا إلى النمور الآسيوية. فقد بدأ الرئيس باراك أوباما، مساء أمس، رحلة تستغرق تسعة أيام تبدأ بهاواي ثم أستراليا، فإندونيسيا لتوسيع نطاق التحالفات التجارية من ناحية، وطمأنة دول آسيا بأن الولايات المتحدة لن تخفض وجودها الأمني على الرغم من التدابير التقشفية التي تقوم بها في ميزانية وزارة الدفاع الأميركية من ناحية أخرى.

وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن هدف تلك الرحلة هو إرسال إشارة واضحة بأن الولايات المتحدة هي قوة المحيط الهادي، وأنها حريصة على المساعدة في بناء الاقتصاد الناجح والآمن في منطقة المحيط الهادي التي تشهد معدلات نمو سريعة ومشجعة. وأضاف المسؤولون أن الهدف أيضا هو طمأنة حلفاء الولايات المتحدة حول قدرات الاقتصاد العالمي على تحقيق الازدهار، وعبور الأزمة المالية واستيعاب آثارها. وقال نائب مستشار الأمن القومي بن رودس: «إذا كنا نريد لأميركا أن تكون رائدة على مستوى العالم في هذا القرن، فإن القيادة لا بد أن تشمل منطقة آسيا والمحيط الهادي».

واختار أوباما مدينة هونولولو، مسقط رأسه في قلب المحيط، لاستقبال الدول العشرين المشاركة في المنتدى الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (أبيك). وتأمل الولايات المتحدة عرض الخطوط العريضة لمبادرتها «شراكة عبر المحيط الهادي» التي تتفاوض حولها مع تسعة دول أعضاء في «أبيك» لاحترام المعايير الاجتماعية والبيئية مقابل تدفق المنتجات الأميركية.

ويعقد أوباما محادثات ثنائية مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الذي أنهت بلاده إجراءات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، كما يعقد اليوم (السبت) اجتماعا ثنائيا مع الرئيس الصيني هو جينتاو في هونولولو. وتحمل أجندة الرئيس الأميركي قائمة من الأولويات على رأسها الحصول على تعهدات من الصين لسن معايير أكثر مرونة في سعر عملتها بما يحقق التوازن في الميزان التجاري بين البلدين. ويطالب أوباما الصين بتطبيق قوانين لاحترام حقوق الملكية الفكرية، واعتماد مواقف أقل عدوانية في المنطقة المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، والتي يعتقد أنها غنية بالنفط والمعادن الثمينة. وهي منطقة تشهد نزاعات لعقود بين كل من الصين وفيتنام والفلبين وماليزيا وتايوان.

ويركز أوباما في تلك المحادثات على جانبين الأول تجاري والثاني أمني، حيث يسعى لتحقيق توافق بين الدول المشاركة في قمة شرق آسيا التي تعقد في بالي حول تطبيق معايير القانون الدولي فيما يتعلق بحرية التجارة والتنقل وإزالة العوائق التجارية والضريبية ودفع الجهود لتفادي نشوب أي صراعات أو سوء تقدير يؤدي إلى ارتفاع حدة التوترات في المنطقة.

ويشارك أوباما في عدد من مؤتمرات القمة الإقليمية في بالي بإندونيسيا إضافة إلى زيارة لأستراليا لتسليط الضوء على العلاقات العسكرية الوثيقة بين الجانبين، حيث يزور منشأه عسكرية في داروين بأستراليا برفقة رئيسة الوزراء الأسترالية جوليا جيلارد ويناقش اتفاقا للدفاع وإقامة قواعد عسكرية وإجراء تدريبات مشتركة. ويلقي أوباما خطابا أمام البرلمان الأسترالي في كانبيرا.

وبدورها، أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أن القرن الحادي والعشرين سيكون «قرن أميركا للمحيط الهادي»، في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات متعددة من جانب الصين. وقالت في كلمة لها بمركز «الشرق والغرب»، (مؤسسة بحثية في هونولولو) عشية قمة «أبيك» هناك تحديات تواجه منطقة آسيا والمحيط الهادي. في الوقت الحالي تتطلب قيادة أميركا بدءا بضمان حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي ومواجهة استفزازات كوريا الشمالية وأنشطة انتشار الأسلحة التي تمارسها وانتهاء بتشجيع نمو اقتصادي شامل ومتوازن. وأضافت: «يتضح على نحو متزايد أنه في القرن الحادي والعشرين سيكون مركز جاذبية العالم استراتيجيا واقتصاديا في منطقة آسيا والمحيط الهادي.. من شبه القارة الهندية إلى الشواطئ الغربية للأميركتين».

وبينما أكدت ضرورة تعاون الصين والولايات المتحدة لتحفيز النمو الاقتصادي العالمي انتقدت كلينتون سياسات حقوق الإنسان التي تطبقها بكين، الأمر الذي سيغضب زعماء الصين على الأرجح. وقالت كلينتون: «نشعر بالقلق بسبب الحوادث الأخيرة في التيبت، حيث أشعل شبان النيران في أنفسهم وهو تصرف احتجاجي ينم عن يأس، فضلا عن استمرار فرض الإقامة الجبرية على المحامي الصيني تشين قوانغ تشينغ»، في إشارة إلى أحداث وقعت مؤخرا في الصين. وتطرقت كلينتون أيضا إلى العلاقات مع ميانمار، حيث رحبت بـ«نفحات التغيير» التي يشهدها هذا البلد «للمرة الأولى منذ عقود»، وأكدت استعداد واشنطن لتكون «شريكة» لميانمار إذا واصلت سيرها على طريق الإصلاحات الديمقراطية.