معاقبة زعيم للشباب في الحزب الحاكم بجنوب أفريقيا

ماليما منافس محتمل لزوما.. وإيقافه قد يخلف ردود فعل عنيفة

TT

بعد أسابيع من جلسات الاستماع التأديبية، أمر الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا بوقف يوليوس ماليما، 30 عاما، رئيس رابطة الشباب في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، عن العمل في الحزب لمدة 5 سنوات وأمره بالتنحي من منصبه بسبب إساءته لسمعة الحزب.

جاءت هذه العقوبة أشد قسوة مما كان متوقعا؛ إذ كانت تقارير أولية قد رجحت أن تكون فترة التوقيف لعامين فقط. وبدا الأمر وكأن السلطة تحاول إزاحة ماليما من العملية السياسية وتدعيم الرئيس جاكوب زوما حتى يتمكن من الفوز بولاية ثانية في انتخابات العام المقبل.

لكن هذه العقوبة قد تؤدي إلى رد فعل عنيف بين مؤيدي ماليما، وغالبيتهم من الشبان والعاطلين عن العمل والعاجزين عن إيجاد موطئ قدم في الاقتصاد الجنوب أفريقي في مرحلة ما بعد الفصل العنصري، والمتحيزين إلى دعواته الصارخة لتأميم المناجم التي أثرت النخبة في جنوب أفريقيا. لكن مع ذلك، أثير التساؤل حول ما إذا كان المؤيدون الأقوياء لماليما داخل الحزب الحاكم سيقفون إلى صفه. ووصفت كريمة براون، وهي كاتبة عمود صحافي محلية، إيقاف ماليما بأنه «اللحظة الحاسمة خلال السنوات الـ99 في عمر المؤتمر الوطني الأفريقي».

وحتى مع الحكم الذي صدر الخميس، فإن ماليما قد يبقى قادرا على تكريس سيطرته داخل العملية الانتخابية داخل الحزب العام المقبل. واعتبرت رابطة الشباب في بيان أن ماليما سيستأنف القرار، وهي خطوة طويلة الأمد سيبقى خلالها رئيسا للرابطة.

وانتقدت الرابطة اللجنة التأديبية لعدم سماحها لماليما و4 من مساعديه، حصلوا هم أيضا على فترات إيقاف أقصر، بالحصول على ظروف مخففة. وقالت الرابطة إنها ستبقى «صامدة ومصممة على دعوتها في الأخير لنقل الثروة من أيدي الأقلية إلى الغالبية من شعبنا».

وحصل ماليما على هذا العقاب القاسي بتهمة عرقلة اجتماع يترأسه الرئيس زوما، لكن القضايا الأكثر خطورة تتعلق بدعوات أطلقها ماليما ومساعدوه للإطاحة بالحكومة في بتسوانا المجاورة، وهو أمر اعتبره المسؤولون في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي سببا في بذر الشقاق والإساءة لسمعة الحزب. وطلبوا منه «إخلاء مكتبه» كرئيس للشباب.

وقالت فيونا فورد، وهي كاتبة السيرة الذاتية لماليما، إنه في حال لم يتم تخفيف العقوبة في الاستئناف، فإن عمره سيتعدى الخامسة والثلاثين عندما تنتهي فترة إيقافه عن العمل، وهو ما يزيحه عن منصبه كرئيس للشباب. وأضافت فورد في مقابلة هاتفية: «سيحارب لإلغاء تلك العقوبة، لكن ليس لديه سوى مساحة قليلة جدا للمراوغة». وأحاطت شرطة مكافحة الشغب بمقر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في وسط العاصمة جوهانسبورغ في خطوة تهدف إلى منع تكرار الاحتجاجات العنيفة من جانب مؤيدي ماليما عندما بدأ انعقاد الجلسة التأديبية في شهر أغسطس (آب) الماضي.

وجاء الحكم بعد أن أقر أحد القضاة في قضية منفصلة في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بأن ماليما كان مذنبا لأنه أدى أغنية تعود لحقبة التمييز العنصري، تضمنت كلمات تدعو الناس إلى إطلاق النار على المزارعين البيض. وقد صرح ماليما الأربعاء بأنه لن يكون حاضرا عند قراءة الحكم في مؤتمر صحافي الخميس في جوهانسبورغ لأنه كان يؤدي امتحانات جامعية في شمال البلاد.

وفي الوقت الذي صور فيه عدد قليل من المحللين السياسيين ماليما على أنه المنافس المحتمل لزوما على رئاسة جنوب أفريقيا، رأى كثيرون أنه يتمتع بنفوذ عظيم في اختيار المرشحين للمناصب السياسية في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وخلال التصويت على زعامة الحزب عام 2007، كان ماليما مؤيدا للرئيس زوما في صراعه على السلطة مع سلفه ثابو مبيكي، لكن ماليما توقف عن دعمه لزوما منذ ذلك الحين، وهو ما يعتبر تحديا جديدا لزوما.

وعلى الرغم من أن الانتخابات لن تقام قبل عام من الآن، فإن التصويت على رئاسة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يلعب دورا رئيسيا في تحديد ما إذا كان زوما على قدر الطموح للفوز بولاية ثانية أم لا. وطبقا لقواعد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، فإن رئيس الحزب يكون هو المرشح للرئاسة بصورة تلقائية، مما يجعل زوما المرشح الأوفر حظا في ضوء الهيمنة الساحقة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي في الانتخابات؛ لذا كان للجنة الانضباط دور مهم في حسم صراع السلطة بين زوما وماليما. وقبل الحكم كتب الصحافي ستيفن غروتس على الموقع الإلكتروني لصحيفة «ديلي مافيريك» قائلا: «في حالة الإطاحة بماليما، سيكون من الصعب السيطرة عليه، وبالتالي سيكون من الصعب السيطرة على الحزب، وقد تكون هذه هي نقطة بداية الانهيار».

وخلال الأيام والأسابيع الأخيرة، كانت هناك سلسلة من التلميحات التي تعكس تساهل النخبة الحاكمة. ويوم الثلاثاء الماضي، قال نائب رئيس جنوب أفريقيا غاليما موتلانثي: إن الحزب الحاكم «لا يتخلى إلا عن الفاسدين الذين لا يمكن إصلاحهم». وأضاف: «الحزب لديه الثقة في تقويم أعضائه. وحتى في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، تتخلص الفلسفة في أنه يمكن تقويم الناس من خلال تقويض نقاط ضعفهم وتدعيم نقاط قوتهم».

كان زوما قد أدلى بتصريحات مماثلة عقب الحكم الذي تلقاه ماليما في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي عندما قال: «لا يمكن السماح له بالقيام بأشياء خاطئة. وبعبارة أخرى، يريد الحزب أن يساعد ماليما في أن يكون قائدا متميزا مليئا بالقوة والطاقة، وهذا هو ما يتعين علينا القيام به، لكن إذا لم نستطع القيام بذلك فسيكون السؤال هو: ما الذي سنفعله معه؟». وقال جوني ستينبيرغ، وهو معلق جنوب أفريقي يدرس في جامعة أكسفورد بإنجلترا، إنه يعتقد أن المسألة الآن هي المدى الذي يمكن ماليما من ترجمة غضبه إلى قوة. وأضاف ستينبيرغ أن زوما «يعتقد، فيما يبدو، أن ذلك لن يكون كثيرا».

* خدمة «نيويورك تايمز»