ليبيا: المجلس الانتقالي يشكل لجنة تحقيق في اقتتال الثوار.. وفلول القذافي تسعى لاستغلال الانفلات الأمني

الجزائر تلوح بفرض تأشيرة دخول على الرعايا الليبيين كمعاملة بالمثل

TT

أعلن المجلس الوطني الانتقالي الليبي عن فتح تحقيق عاجل في ملابسات الاشتباكات التي وقعت خارج العاصمة الليبية طرابلس بين فصيلين من الثوار المسلحين مؤخرا، بينما أرجع المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس، هذه الاشتباكات التي أثارت مخاوف من عودة فلول نظام العقيد الراحل معمر القذافي إلى ما وصفه بحدوث بعض الاختراقات الأمنية من بعض الشباب غير المسؤول.

وقال عبد الجليل، في محاولة لتبديد مخاوف الليبيين من تصاعد هذه المواجهات، إن المجلس الانتقالي تعامل مع تلك المشكلات بشكل جاد، لافتا إلى أنه تم تشكيل لجنة لهذا الغرض، وأن الأمور تحت السيطرة، وفقا لتعبيره.

وشدد على أن القرار الذي أصدره المكتب التنفيذي بالمجلس الانتقالي بخصوص جمع الأسلحة سيتم تفعيله عبر الحكومة الانتقالية المرتقبة، برئاسة الدكتور عبد الرحيم الكيب، عن طريق إنشاء «هيئة المحاربين»، التي قال إنها ستعنى بالمقاتلين الذين أدوا دورهم في معركة التحرير وإسقاط نظام القذافي.

وأكد عبد الجليل أنه سيتم تكريم هؤلاء المقاتلين، وسيفتح لهم المجال لإعادة إدماجهم في المجتمع عن طريق الانخراط في الأجهزة الأمنية أو في الجيش، معتبرا أن من يريد من المقاتلين العودة إلى عمله السابق سيكرم، وسوف تتاح له الفرصة التي يريدها سواء في التنمية البشرية أو الحصول على القروض لإنشاء المشاريع الصغرى أو المتوسطة.

وجاءت هذه التصريحات في وقت سعت فيه فلول نظام القذافي إلى استغلال الاقتتال المفاجئ بين جماعات الثوار خارج طرابلس، للإيحاء بأنها ستصعد عملياتها العسكرية المماثلة ضد الثوار الموالين للمجلس الانتقالي.

ونقل العقيد سالم الورفلي، أحد المقربين من سيف الإسلام، النجل الثاني والهارب للعقيد القذافي، أنه يعتبر ما وصفه بالبطولات الأخيرة، فرصة جيدة يمكن أن تكون نواة لمعركة استنزاف أخرى طويلة تقوم بها المقاومة الليبية للتحرير.

ولفت الورفلي، بحسب وكالة «سفن دايز نيوز» الموالية لنظام القذافي، إلى أن منطقة غرب طرابلس ستحدث المفاجأة، لأنها تغلي الآن وستحرك كل ليبيا، على حد زعمه.

وقال إن سيف الإسلام يدعو مناطق معينة إلى التحرك العاجل خلال الساعات المقبلة لتوسيع دائرة الانفجار المسلح، وتشتيت قوة ما سماه «عصابات المجلس الانتقالي العميل»، مشيرا إلى أن المناطق التي دعاها سيف الإسلام للتحرك العاجل خلال الساعات المقبلة، هي تلك التي أثبتت أن لها قدرة على التحرك، ويتعلق الأمر بورشفانة، سرت، بني وليد، تراغن، سبها، غدامس، الدرج، وغات، وبعض الأحياء في طرابلس، ومنها أحياء المقاومة المعروفة: فشلوم، الهضبة وأبو سليم وغيرها.

واعتبر أن هذه المناطق إذا تحركت مجتمعة، فإنها ستربك العدو، وتضعفه وستشجع مناطق أخرى مترددة، لكي تتحرك هي أيضا خلال أسبوع لا أكثر، وبالتالي مع كثرة التحركات في مناطق عدة لا يكون في مستطاع العصابات الاستفراد بمنطقة واحدة للقضاء عليها.

قال: «ومع تكاثر المناطق المتحركة ستكون الدعوة إلى هبّة شعبية خلال عشرة أيام يتم خلالها السيطرة على الشارع من طرف الشعب، مع دعوة لكل الليبيين الموجودين في تونس للزحف عليها من حدود رأس جدير».

ودخلت جبهة تحرير ليبيا الموالية لنظام القذافي على الخط، ودعت من وصفتهم «جميع الأحرار في ليبيا» إلى التحرك العاجل، مؤكدة أنها تلقت أمرا من القيادة الشرعية، متمثلة في أحد العسكريين الموجودين مع سيف الإسلام، بوجوب وضع كل ثقلها في التطورات التي تشهدها منطقة المايا.

وقالت الجبهة إن على الليبيين المقاومين أن يسهموا في عزل منطقة غرب طرابلس إلى الحدود التونسية، لأن الدعم الذي سيصل إلى أحرار ورشفانة والتحرك الشعبي الذي سيتحرك لمساندتهم سيكون كافيا ليفرضوا نفوذهم على غرب العاصمة.

وأكدت الجبهة على وجوب استغلال هذه الفرصة لحسم الأمر، مع وجود أنباء عن انشقاق في المجلس الانتقالي حول تقييم الوضع، حيث هناك من أعضائه من يرى أن الموقف صعب، لأن تعدد مناطق التحرك وتحوله إلى تحرك شعبي سيمنع أي تدخل لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو ما يعني السقوط.

واندلع قتال عنيف على مدى اليومين الماضيين بين جماعات محلية مسلحة قرب موقع عسكري يقع وسط مزارع وقرى بين العاصمة طرابلس ومدينة الزاوية الساحلية على مسافة 50 كيلومترا إلى الغرب، فيما قصف مقاتلون مناهضون للقذافي من الزاوية أهدافا بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمدافع المضادة للطائرات والقذائف الصاروخية وصواريخ «غراد».

وأثار القتال القلق من تصاعد التوترات وإعاقة الجهود الرامية لإقامة ديمقراطية محل حكم القذافي، وذلك في ظل وجود عشرات الآلاف من الرجال المدججين بالسلاح، الذين يجوبون بلدا ما زال يفتقر لهياكل حكومية جديدة.

واستمر تبادل إطلاق النار الكثيف الذي تخللته انفجارات لعدة ساعات بعد ظهر أول من أمس، حول قاعدة عسكرية في المايا، وهي منطقة يقطنها أشخاص من قبيلة ورشفانة، وهي قبيلة كبيرة في منطقة طرابلس.

وقلل محمد سايح، وهو عضو من ورشفانة بالمجلس الوطني الانتقالي الذي يضم 51 مقعدا من أهمية القتال، ووصفه بأنه هجوم شنه رجال من الزاوية يريدون السيطرة على قاعدة المايا، وضللتهم شائعة عن وجود مقاتلين موالين للقذافي في المنطقة.

وقال مسعف من الزاوية قاد سيارة إلى الموقع للمساعدة في نقل مقاتلين إلى مستشفى الزاوية إنه يعلم بسقوط سبعة قتلى على الأقل من مقاتلي الزاوية.

وكان رئيس الوزراء الليبي المكلف، عبد الرحيم الكيب، قد تعهد بنزع أسلحة الميليشيات، وتشكيل جيش وطني، لكنه لم يعلن بعد عن جدول زمني محدد أو تشكيل حكومة.

إلى ذلك كشف سالم الورفلي، أحد المحسوبين على سيف الإسلام القذافي، المختفي عن الأنظار منذ سقوط طرابلس في شهر أغسطس (آب) الماضي في قبضة الثوار، أن سيف الإسلام وجه، مساء أول من أمس، رسالة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، لويس أوكامبو، عبر بريد موقع المحكمة الجنائية.

وطبقا لما نشرته وكالة «سفن دايز» الإخبارية، فإن سيف قال في رسالته مخاطبا أوكامبو: «أنت تصرح أنك تنتظر أن أسلّم نفسي، وراسموسن (الأمين العام لحلف الناتو) يصرح أنه ينتظر ثورة وعدم استقرار في ليبيا.. أنت لا تعرفني ولا تعرف ليبيا.. الذي يعرف ليبيا جيدا هو راسموسن لأنه ميدانيا قرأ في عيون صغارنا وشيوخنا الحقد الذي يقول باللغة الفصحى: لن نستسلم».

وأضاف: «لذلك لا أنا سأسلم نفسي ولا بلادي ستستسلم، وأنا أؤكد لك أن الأيدي التي تمتد لحمل السلاح ضد المحتل لا يمكن أن تمتد إلى القيد لتستسلم له، وعليك بمراقبة الخريطة جيدا لتعلم كيف يمكننا أن نصنع من جراحنا الحمراء غدنا الأخضر».

وكان أوكامبو قد اعتبر مؤخرا أن اعتقال نجل القذافي ليس سوى «مسألة وقت»، علما بأن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت في يونيو (حزيران) الماضي مذكرات توقيف بحق معمر القذافي الذي قتل الشهر الماضي وسيف الإسلام والرئيس السابق للاستخبارات الليبية عبد الله السنوسي، للاشتباه في ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية منذ منتصف فبراير (شباط)، خلال قمع الثورة في ليبيا.

وقال إنه أجرى «اتصالات» مع سيف الإسلام، عبر وسطاء، بشأن احتمال استسلامه, لكن مسؤولا في الطوارق أكد في المقابل أن سيف الإسلام توجه إلى حدود النيجر بحثا عن ملجأ.

إلى ذلك، لوحت الجزائر أمس بفرض تأشيرة دخول على الرعايا الليبيين كمعاملة بالمثل على عزم السلطات الليبية الجديدة فرض التأشيرة على الرعايا الجزائريين الراغبين في الدخول إلى ليبيا.

وقال عمار بلاني المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية، على هامش اللقاء الصحافي الذي عقده كل من وزير الخارجية، مراد مدلسي، ونظيره المصري، محمد كامل عمرو، إن الأخبار التي تم تداولها حول فرض السلطات الليبية التأشيرة على الجزائريين «غير مؤكدة»، مضيفا أن الجزائر ستلجأ لمبدأ المعاملة بالمثل في حال ثبوت ذلك.

وكانت صحيفة «الشروق اليومي» الجزائرية، ذكرت في عددها الصادر أمس، نقلا عن مصادر مطلعة، أن السلطات الليبية الجديدة أمرت الجهات الجمركية بالشروع في تطبيق سحب عدد من الدول العربية، من قائمة الدول التي كان النظام السابق أعفى مواطنيها من شرط الحصول على تأشيرة للدخول إلى الأراضي الليبية.

وكشف المصدر أن القرار يشمل رعايا الجزائر وموريتانيا ومصر وسوريا، حيت تم استثناء الرعايا التونسيين من «شرط التأشيرة» مقابل الدخول إلى ليبيا.