مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»ـ: قرار الجامعة العربية متشدد أكثر مما كنا نتوقع

مسؤول بوزارة الخزانة الأميركية في الأردن لبحث تشديد مقاطعة سوريا * أعضاء في الحزب الجمهوري يدعون إلى «حرب خفية» ضد الأسد

TT

تعليقا على قرار جامعة الدول العربية، أول من أمس، بتعليق عضوية سوريا بسبب القمع الذي يتعرض له المعارضون السوريون، عبر مسؤولون وسياسيون وخبراء أميركيون عن ترحيبهم بالخطوة العربية «الحازمة»، وأشاروا إلى أن الخطوة التالية يجب أن تكون نقل الموضوع إلى مجلس الأمن، وأن التدخل العسكري الدولي لا يزال متوقعا، وفي كل الحالات، تزيد انعزالية الرئيس بشار الأسد.

وقال مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «أقول لكم الحقيقة التي لم نشر إليها في بيان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، والبيان الذي أصدرناه نحن، أول من أمس، لقد جاء قرار الجامعة متشددا أكثر مما كنا نتوقع، لقد أوضح لنا أن الجامعة العربية قررت أخيرا أن تنهي التردد». وأضاف «لاحظنا تركيز الشيخ حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر ورئيس الجلسة التي عقدتها الجامعة العربية على رابط الجوار والعروبة مع سوريا، وعلى أن الجامعة كانت تود لو لم تفعل ذلك. لكن، طبعا، ما يفعل الأسد لا يرضى البعيد أو القريب، ولا يرضي العرب وغير العرب».

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه أو وظيفته: «بالنسبة للولايات المتحدة، أهم شيء في القرار هو بعث رسالة واضحة إلى كل من روسيا والصين. تعرفون كيف عرقلت الدولتان جهودنا في مجلس الأمن قبل شهرين»، في إشارة إلى تصويت البلدين بحق الفيتو لقرار يدين النظام السوري. وأشار المسؤول الأميركي إلى أنه يتوقع أن تكون الخطوة التالية هي مجلس الأمن، لكنه، استبعد أن يلجأ المجلس إلى اتخاذ إجراءات عسكرية، كما حدث بالنسبة إلى ليبيا. وقال إن «المجلس ربما سيركز على إرسال مراقبين، وفرض عقوبات دولية» من المجلس نفسه.

ومن جهته، قال إندرو تابلر، خبير في معهد واشنطن للشرق الأوسط: «في الوقت الحاضر، يوجد تردد في موضوع التدخل العسكري الأجنبي، لكن إذا زادت المواجهة العسكرية بين المعارضة وقوات الحكومة، وإذا زاد سفك الدماء في سوريا، سترون العرب والأتراك والولايات المتحدة يتخذون خطوات مختلفة».

وقال مصدر آخر: «يمثل القرار عرضا نادرا للتضامن العربي ضد قوة إقليمية شقيقة». وأشار إلى أن هذه هي المرة الثالثة التي قررت فيها الجامعة العربية مثل هذا القرار. إخراج مصر من عام 1979 إلى عام 1989 بسبب التوقيع على معاهدة السلام مع إسرائيل، وفي هذه السنة، تعليق عضوية ليبيا بعد الانتفاضة هناك».

ويرى خبراء أميركيون أن الأسد سيفضل قدر الرئيس اليمني على عبد الله صالح على قدر الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وأنه سوف يساوم لضمان مستقبل مريح له، وسوف يقترح، كحل وسط، إجراء تغييرات يشرف هو عليها قبل أن يترك الحكم، ويسافر إلى دولة عربية، لضمان اللجوء السياسي له. أو قد يفضل قدر الرئيس المصري السابق حسني مبارك بتسليم الحكم إلى القوات المسلحة، ويكلفها بإجراء تعديلات دستورية. وفي غضون ذلك، قال مصدر في وزارة الخزانة الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، إن الوزارة أرسلت وفدا إلى الدول المجاورة لسوريا لتشديد مقاطعة سوريا. وقال المصدر: «الرئيس (أوباما) أصدر أمرا بمعاقبة سوريا، ونحن نبذل كلما نقدر عليه لتنفيذ أمر الرئيس».

وكان دانيال غليسر، مساعد وزير الخزانة الأميركية، اجتمع أمس مع مسؤولين في الحكومة الأردنية، ومع شخصيات مالية واقتصادية كبيرة، لتشديد المقاطعة على سوريا. وقالت السفارة الأميركية في عمان في بيان، إن غليسر ناقش «محاولات النظام السوري لإفشال المقاطعة، وأهمية الأردن في ضمان شفافية وتنظيم المقاطعة المالية».

وتأتي زيارة مساعد وزير الخزانة إلى عمان في ختام جولة شملت روسيا ولبنان. وبحسب البيان، أكد غليسر في بيروت مجددا على السلطات المسؤولة «ضرورة حماية القطاع المالي اللبناني من محاولات سوريا للتهرب من العقوبات المالية المفروضة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي».

ومن جهة اخرى دعا عدد من قادة الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة أمس إلى إعلان «حرب خفية» ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وإلى التعاون مع الدول الأوروبية ودول عربية لتحقيق ذلك.

وقال نيوت غينغرتش، رئيس مجلس النواب سابقا، والآن يريد الترشيح لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الجمهوري، خلال مناظرة تلفزيونية: «شيء غريب أن الرئيس المصري السابق حسني مبارك كان حليفنا، وساعدنا في الحملة على العراق، وفي سياستنا نحو إسرائيل، ونفذ كل شيء طلبناه منه، لكننا تركناه ينتهي بين يوم وليلة.. هذه كانت رسالة لأصدقائنا ألا يعتمدوا علينا. لكن الأسد ليس صديقا، إنه عدو، وإنه حليف لإيران!».

وانتقد غينغرتش سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما نحو سوريا، وقال إنها «ضعيفة ومترددة». وأشاد بقرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا، وتوقع إعلان خطوات أخرى. وقال إن على أوباما أن ينسق مع الجامعة العربية.

ورغم أن غينغرتش قال إنه يعترض على إعلان منطقة حظر طيران فوق سوريا، دعا إلى إعلان حرب «كوفيرت» (خفية). وقال إن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين يقدرون على تنسيق وتنفيذ ذلك. ويمكن «إسقاط الأسد سريعا جدا».

وأيد غينغرتش، ميت رومني، منافسه في الترشح باسم الحزب الجمهوري، وقال: «نعم، جاء وقت إعلان حرب خفية ضد الأسد. كيف تظل إدارة أوباما تتردد والأسد هو حليف إيران، وهو الذي يدعم حزب الله؟!». وأضاف أن الولايات المتحدة يمكن أن تنسق مع دول في المنطقة، مثل تركيا والسعودية. غير أن مرشحا ثالثا، وهو رون بول، اعترض على التدخل في شؤون سوريا. وقال إن الحكام الروس والصينيين، عبر السنوات «قتلوا الملايين، ونحن لم نتدخل. لماذا سوريا؟!»، وقال إن الحرب الاستخباراتية سوف تقود إلى حرب علنية.