الحكومة الإسرائيلية تصادق على قانون يحارب جمعيات حقوق الإنسان

تهديد بقتل تسيبي ليفني لمشاركتها في مظاهرة من أجل المرأة

TT

استمرارا في تدهور مستوى الديمقراطية في إسرائيل وتشريع العنصرية، أقرت لجنة وزارية، أمس، مشروع قانون جديد يستهدف محاربة تنظيمات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان، وضرب نشاطها الذي يفضح السياسة الرسمية. والقانون الجديد يقضي بفرض ضريبة عالية بنسبة 45 في المائة على كل التبرعات التي تصل من دول أوروبا إلى هذه الجمعيات، وتحديد سقف هذه التبرعات بـ6000 دولار.

وقد أكد قادة هذه الجمعيات، أن القانون الجديد، إذا تم إقراره في البرلمان، يوجه ضربة قاصمة إلى مبادئ حقوق الإنسان في إسرائيل، على مستوى حرية التعبير وحرية النشاط والتنظيم والدفاع عن حقوق الإنسان. وكان المبادرون لهذا القانون من أحزاب الائتلاف الحكومي، قد طرحوا فكرة القانون قبل سنتين، عندما تبين أن عددا من جمعيات حقوق الإنسان في إسرائيل أسهم في تزويد لجنة غولدستون التابعة للأمم المتحدة بمعلومات عن الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي خلال الحرب العدوانية على قطاع غزة في أواخر سنة 2008 وأوائل 2009. فأقدم يومها النائب أوفير مكنيس، وهو من تلاميذ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على إجراء مسح لمنظمات العمل المدني وحقوق الإنسان، فوجد أنها بغالبيتها الساحقة يهودية يسارية أو عربية وطنية (لفلسطينيي 48). وفحص مصادر تمويلها فوجدها من دول أوروبا بالأساس، فبادر إلى توجيه ضربة لها تحطمها وتشل نشاطها.

وقد أثارت مبادرته، في البداية، اعتراضات لدى جمعيات اليمين، التي خشيت بدورها أيضا أن تخسر تمويلها الخارجي. لكن تبين أن غالبية جمعيات اليمين تتلقى الدعم من أشخاص وليس من دول، فيما جمعيات اليسار تتلقى الدعم بالأساس من الدول. لذلك، أجرى تعديلا مناسبا على اقتراحه، فجعله مقصورا على جمعيات اليسار. وراح يجند إلى جانبه الوزراء والنواب، وخصوصا نتنياهو، الذي يؤيد القانون على الرغم من أن عددا من وزراء اليمين المعروفين بتمسكهم بالقيم الديمقراطية يعارضونه، وكذلك المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشتاين.

وقد حرص المستشار على أن يكتب اعتراضه خطيا، وقال إن القانون ينتهك حرية التعبير وحرية التنظيم. وتوقع أن تأمر المحكمة العليا بإلغائه، حتى لو حظي بموافقة الكنيست.

لكن تأييد نتنياهو للقانون، جعل لجنة القانون والدستور الوزارية، تصادق عليه أمس، بأكثرية 11 وزيرا مقابل خمسة عارضوه. وممن عارضوا، كان وزير الدولة، بيني بيغن، الذي قال إن القانون «يناسب دولا مثل زيمبابوي وغيرها من دول العالم الثالث الديكتاتورية وليس دولة ديمقراطية»، فيما قال نتنياهو إن القانون سيجفف منابع تمويل الجمعيات العربية واليسارية التي يعادي نشاطها مصالح إسرائيل.

وتعقيبا على هذا القانون، عقب مدير عام مركز «عدالة» حسن جبارين، بالقول إن اقتراح القانون يهدف للمس بمؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية، وبالذات التنظيمات التي تعمل على محورين متوازيين، حقوق الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وحقوق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1967. وإن ما أزعج إسرائيل أكثر، هو نشاط تلك المؤسسات الرامي إلى تدويل انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان. وأضاف جبارين: «يهدف القانون أيضا، إلى النيل من شرعية نضال تلك المؤسسات في مجال حقوق الإنسان، وتجفيف مواردها وتهديد وجودها، من خلال وضع مؤسسات حقوق الإنسان في خانة العمل السياسي، وبالتالي منع التمويل الخارجي عن هذا النشاط السياسي المفترض».

وقال جبارين: يبدو أن المشرع الإسرائيلي يرفض فهم أصول التشريع في مجال حقوق الإنسان وتميزه عن العمل السياسي الحزبي. وأضاف: «في جنوب أفريقيا، في حقبة الأبرتهايد، كانت هناك ظاهرة عكسية، حيث بادرت مؤسسات حقوق الإنسان حينذاك إلى تهديد الاتحاد الأوروبي برفض تمويلها إذا لم تبادر لمقاطعة نظام الأبرتهايد». واختتم جبارين حديثه بالقول: «إن هذه القانون، إلى جانب سلسلة القوانين العنصرية الأخرى، وعلى عكس ما يصبو إليه المشرع الإسرائيلي، من شأنها أن تزيد من فضح وتعرية إسرائيل عالميا، مما يؤدي إلى تعزيز قوة مؤسسات حقوق الإنسان المناهضة لتلك السياسات، دوليا، وأن تكتسب قوة قد تمكنها من أن تحذو حذو مؤسسات المجتمع المدني في جنوب أفريقيا».

ويشار إلى أن هذا القانون يأتي في ظل تصاعد كبير في نشاطات اليمين الإسرائيلي المتطرف ضد العرب واليسار، وحتى ضد المعارضة السياسية المعدودة على الوسط الصهيوني. وقد تعرضت رئيسة المعارضة، تسيبي ليفني، أول من أمس، إلى تهديد بالقتل لأنها شاركت في مظاهرة في تل أبيب ضد التمييز الواقع على النساء. وقالت لفني إنها تأخذ التهديد على محمل الجد: «ففي الذكرى السادسة عشرة لاغتيال إسحق رابين، لا يمكن الاستخفاف بتهديدات كهذه».