تزايد أعمال الشغب في محافظات مصرية يثير مخاوف بشأن انتخابات البرلمان

سياسيون حذروا من التعامل الحكومي الرخو مع انتشار السلاح في البلاد

TT

تواصلت في مصر أمس، سلسلة من أحداث الشغب والعنف والتوتر قبل أيام من أول انتخابات برلمانية تشهدها البلاد عقب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم في 11 فبراير (شباط) الماضي، عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني).

وأضرم متظاهرون النار في قسم شرطة أسوان ونادي ضباط الشرطة، على خلفية مقتل مواطن على يد أحد أفراد الشرطة، فيما وقعت اشتباكات دامية بين قوات الجيش ومتظاهرين أمام ميناء دمياط الدولي، أسفر عن مقتل مواطن وإصابة العشرات، وسجلت المحاضر الرسمية عدة وقائع أخرى كان منها اقتحام مجهولين لمحكمة الجيزة.

وأعرب مراقبون عن تخوفهم من إجراء الانتخابات البرلمانية المقرر لها يوم 28 الشهر الحالي، في ظل الانفلات الأمني الذي يضرب المحافظات المصرية بعد انتشار السلاح بكثافة فيها. وحذر سياسيون من خطورة إجراء الانتخابات في ظل الأوضاع المتوترة بمصر، وقالوا إن الحكومة تتعامل مع هذه الأحداث بطريقة «رخوة».

ففي محافظة أسوان، بصعيد مصر، اندلعت اشتباكات عنيفة بين مئات من الأهالي الذين تجمهروا أمام مديرية الأمن بطريق كورنيش النيل وبين قوات الأمن، احتجاجا على مقتل المواطن محمد رمضان هلالي، الذي يعمل «مراكبي» على أحد المراكب الشراعية برصاص أحد أفراد الشرطة، عقب مشاجرة بينهما أمام مرسي جزيرة النباتات السياحية.

وحاولت قوات الأمن المركزي فض تجمهر الأهالي بالقوة الليلة قبل الماضية، وهو ما قابله المتظاهرون (الذي ينتمون إلى قبائل نوبية) بإضرام النار في نادي الشرطة وقسم شرطة أسوان، وتحطيم واجهة ونوافذ مبنى مديرية الأمن مستخدمين الحجارة وزجاجات المولوتوف الحارقة، مما اضطر قوات الأمن إلى استخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع لتفريق المحتجين، حسب شهود عيان.

وشهدت شوارع أسوان حالة من الاستنفار الأمني خلال تشييع جنازة القتيل أمس، وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن الحاكم العسكري وعد بسرعة تقديم الشرطي المتهم لمحاكمة عاجلة، مؤكدا أن قوات الأمن طوقت المناطق الحيوية بمدينة أسوان، وألقت القبض على عدد من مثيري الشغب.

كما وقعت اشتباكات دامية بين قوات الأمن ومتظاهرين أمام ميناء دمياط الدولي (ثاني أشهر ميناء لنقل البضائع بعد ميناء الإسكندرية)، بعد أن حاول محتجون إعادة إغلاقه أمس، احتجاجًا على استمرار عمل مصنع للكيماويات بالمدينة، بعد أن تمكنت قوات المجلس الأعلى للقوات المسلحة من إعادة فتحه في الساعات الأولي من صباح أمس، مستخدمة القنابل المسيلة للدموع. وقال شهود عيان إن عشرات الجرحى سقطوا جراء المواجهات.

ويطالب المحتجون الذي قطعوا الطرق المؤدية إلى رأس البر وميناء دمياط وطريق المنصورة الغربي لليوم الخامس على التوالي، بنقل مصنع «أجريوم» للأسمدة النيتروجينية، إلى منطقة بعيدة عن الكتلة السكانية.

وفي محافظة الشرقية (80 كيلومترا شمال شرقي القاهرة) قام 9 ملثمين وبحوزتهم العديد من الأسلحة الآلية بترويع ضابط شرطة، أثناء سيره بسيارته بطريق «أبو كبير» وسرقة سيارته الخاصة ومتعلقاته الشخصية ولاذوا بالفرار.

وفي محافظة القليوبية، شمال القاهرة، قطع الأهالي الطريق الزراعي بشبين القناطر، احتجاجًا على الانفلات الأمني وما وصفوه بتخاذل رجال الأمن إزاء تكرار حالات سرقة سيارات المواطنين بالإكراه.

وفي السياق ذاته، استعدت العائلات الكبرى في محافظات صعيد مصر للانتخابات البرلمانية بشراء الأسلحة، التي يراها سيد توفيق (مواطن من محافظة قنا) «ضرورية» لمواجهة أي أعمال شغب. وقال توفيق: «أصبح حجم السلاح لدى العائلات وسيلة الحسم النهائية لأي مشاجرة أو معركة بين عائلتين، في ظل التدهور الأمني الذي تعيشه محافظات مصر». وأضاف توفيق لـ«الشرق الأوسط»: تحتل قرى (الحجيرات، السمطا، حمر دوم، أبو حزام، الشعانية) بمحافظة قنا بصعيد مصر صدارة القرى التي تمتلك أسلحة في صعيد مصر، تحسبا لأي مواجهات مع قرى أو عائلات أخرى وخاصة في فترة الانتخابات، لافتا إلى أن انتشار الأسلحة بهذا الشكل المخيف يصيب الأهالي بالذعر. إلى ذلك، قال الدكتور عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتجية، إن الحكومة تتعامل مع أحداث التوترات في المحافظات بشكل رخو.

وأضاف الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» أن الأوضاع في مصر تمر بمرحلة خطيرة، نظرا للتراخي في التعامل مع حقيقة الأمور وتصاعد التيارات المتطرفة، مشيرا إلى أن استمرار الأوضاع بهذه الطريقة سوف يأتي على الجميع بالدمار، لافتا إلى أن ما يحدث الآن من فوضى الأمن والقانون سوف يطيح بالدولة المصرية لا سيما مع قرب الانتخابات البرلمانية غير الآمنة، منتقدا خطاب المسؤولين والأمنيين الذين يؤكدون تأمين الانتخابات، في حين أنهم غير قادرين على تأمين حياة المواطنين قبل الانتخابات. وحذر الشوبكي من أن الانتخابات البرلمانية سوف تشهد مزيدا من الأحداث الدامية، مشيرا إلى أن الشعب المصري يدفع الآن ثمن خروجه في ثورة 25 يناير ورحيل مبارك ونظامه.

من جهته، أعرب الناشط السياسي صفوت جرجس، عن تخوفه من الفترة القادمة خاصة وقت الانتخابات، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن سياسة الدولة تؤكد عدم نيتها في معالجة هذه الأزمات بصدق.

ومن جانب آخر، قال تقرير «صامدون في الاحتجاج» الذي أصدره «مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان» التابع لـ«الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان» إن العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ارتكبت بعد ثورة 25 يناير.