أنقرة تعلن استعدادها لفرض منطقة عازلة بعمق 5 كيلومترات والمعارضة السورية تريدها بعمق 30

مسؤول تركي لـ«الشرق الأوسط»: المنطقة تهدف إلى وقف دوامة العنف والقتل في سوريا

موالون للنظام السوري يلقون بالطماطم على واجهة مبنى السفارة القطرية في دمشق مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

أعلنت تركيا أمس أنها بدأت مشاورات عاجلة دوليا ومع الجامعة العربية ودول إقليمية، من أجل بحث «الإجراءات الواجب اتباعها» في سوريا بعد التطورات الأخيرة، فيما ستكون «المنطقة العازلة» على الحدود السورية التركية «طبقا أساسيا» على طاولة البحث بين وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مع نظرائه العرب خلال المنتدى التركي العربي في الرباط الأربعاء، الذي قال مسؤول تركي لـ«الشرق الأوسط» إن وزير الخارجية سيستغله لبحث «الوضع الشاذ» في سوريا.

ودعت تركيا، في بيان أصدرته وزارة خارجيتها، المجموعة الدولية إلى التحرك بـ«صوت واحد» إزاء الوضع في سوريا، وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان، إن «موقف الحكومة السورية يكشف ضرورة قيام المجموعة الدولية بالتحرك بصوت واحد إزاء التطورات الخطيرة في سوريا».

وأضافت الوزارة أن تركيا تدعم قرار الجامعة العربية تعليق مشاركة سوريا في اجتماعاتها إلى حين وفائها بالتزامها تطبيق المبادرة العربية للخروج من الأزمة، التي تنص على وقف أعمال العنف.

وفي حين أكدت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» أن الوفد الذي التقى داود أوغلو بحث معه «سبل حماية المدنيين السوريين من قبل تركيا»، قال معارض سوري إن تركيا مستعدة لمنطقة عازلة بعمق 5 كيلومترات على الحدود، فيما تطرح المعارضة أن تكون بعمق 30 كيلومترا. وفي أول تعليق رسمي تركي على الموضوع، قال كبير مستشاري الرئيس التركي إرشاد هورموزلوا لـ«الشرق الأوسط» إنه من الممكن إقامة هذه المنطقة إذا تأمن الغطاء الدولي بعد الغطاء العربي الذي أمنته قرارات الجامعة، مشيرا إلى أن هدف هذه المنطقة سيكون «وقف دوامة العنف والقتل القائمة حاليا».

وقال هورموزلوا: «تركيا تساند جهود الجامعة العربية منذ البدء، لكن عدم تطبيق الإدارة السورية تعهداتها التي أعلنت التزامها بها فيما يتعلق ببنود المبادرة، أصاب العرب وتركيا بخيبة أمل كبيرة».

وأعلن أن ما قام به النظام أدى إلى نشوء موقف موحد دوليا وإقليميا وعربيا، مشددا على أن «أي إدارة لا يمكن لها النجاح والدوام، إذا كانت تريد الاستمرار في السلطة بواسطة قمع شعوبها»، وشدد المسؤول التركي على أن الموقف السوري هو الذي تسبب في القرار العربي وفي المواقف الدولية المتشددة، ولا يمكن لدمشق أن تحمل أي أحد آخر مسؤولية ما جرى.

وكشف أن بلاده بدأت بمشاورات واسعة دوليا وإقليميا وعربيا «لبحث الإجراءات الواجب اتباعها»، مشيرا إلى أن وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو سيعقد لقاءات مكثفة مع وزراء الخارجية العرب على هامش منتدى الرباط، بعد غد (الأربعاء)، لبحث «الأوضاع الشاذة» في سوريا.

وفي ما يتعلق بالمنطقة العازلة، اعتبر هورموزلوا أنه لا غطاء بعد لهذه الخطوة، وقال: «هذه الخطوة من الممكن أن تتخذ، لكن المهم هو الغطاء»، وأضاف: «إن قرار الجامعة العربية يعتبر في حد ذاته بمثابة التغطية العربية لأنه يتضمن خيار التشاور لاحقا لحماية المدنيين»، وتابع: «إذا اتخذ المجتمع الدولي قرارا موحدا في هذا الشأن، ولإيقاف سفك الدماء والعنف، فسوف نرحب بمثل هذه الإجراءات بهدف أساسي هو وقف دوامة العنف والقتل القائمة حاليا».

وأشار هورموزلوا إلى أن بلاده لن تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع النظام، ولن تسحب سفيرها من دمشق، لكنها سحبت عائلات الموظفين بعد الأحداث التي جرت، محملا سوريا «مسؤولية الحفاظ على البعثات الدبلوماسية»، ودعا القيادة السورية إلى «منع تكرار ما حصل»، معلنا أن تركيا «تحتفظ بحقها في اتخاذ الإجراءات المناسبة، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع تكراره ومحاسبة المسؤولين عنه فورا وبلا إبطاء».

إلى ذلك، كشف رئيس «المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان» في سوريا، عمار القربي، عن «عزم وزراء الخارجية العرب على عقد اجتماع يحضره وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في العاصمة المغربية الرباط خلال أسبوع».

وأوضح القربي أن «الاجتماع سيبحث في إقامة منطقة عازلة آمنة على الحدود التركية السورية»، وقال: «إن الأتراك يريدونها (المنطقة العازلة) بعمق خمسة كيلومترات، بينما تقترح المعارضة السورية أن تكون بعمق ثلاثين كيلومترا».

وقد ردت تركيا على مهاجمة متظاهرين سوريين مؤيدين للنظام مقرات بعثاتها الدبلوماسية في دمشق وحلب واللاذقية، بدعوة وفد من المجلس الوطني السوري المعارض إلى لقاء عاجل مع وزير الخارجية التركي، هو الثاني من نوعه، عقد مساء أمس. وقال أحد أعضاء المجلس لـ«الشرق الأوسط» إن جدول أعمال اللقاء من قبل المعارضة كان يتضمن «إمكانية تبني تركيا لقرارات الجامعة العربية، وموضوع حماية المدنيين والدور التركي فيه، وفرض عقوبات سياسية واقتصادية على سوريا، وسحب السفير التركي من دمشق والاعتراف بالمجلس الوطني».

وأدانت وزارة الخارجية التركية في بيان أصدرته أمس بشدة: «الاعتداءات المؤسفة، التي استهداف السفارة التركية في دمشق والقنصلية العامة التركية في حلب والقنصلية الفخرية التركية في اللاذقية من قبل مجموعة من أنصار النظام»، وإذ لاحظ البيان «حقيقة أن هذه الهجمات وقعت مباشرة بعد قرار اتخذه مجلس جامعة الدول العربية على سوريا واستهداف البعثات التركية»، شدد على أن من واجب سوريا التزام «اتفاقيات فيينا التي تضمن الامتيازات الدبلوماسية والقنصلية والحصانات»، وحملها مسؤولية «اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية مباني البعثات الدبلوماسية والقنصلية لتركيا وبلدان أخرى»، معتبر أن «حماية البعثات الأجنبية وموظفيها هي مسألة شرف ومسؤولية البلد المضيف»، ودعت الخارجية التركية الإدارة السورية إلى «كشف مرتكبي هذه الاعتداءات من دون تأخير، والبدء في عملية القانونية اللازمة بشأنها»، وأعلنت أن تركيا تتوقع من الإدارة السورية اتخاذ جميع التدابير اللازمة لعدم تكرار هذا الحادث، وزيادة الإجراءات الأمنية حول البعثات الدبلوماسية والقنصلية وكذلك مكاتبها في سوريا، وأعلنت الوزارة أنه تم استدعاء القائم بالأعمال السوري إلى وزارة الخارجية التركية، وقدمت له مذكرة في هذا الصدد، مشيرة إلى أنه بعد الهجمات، بدأ إجلاء عائلات الموظفين المعينين في البعثات الدبلوماسية والقنصلية اليوم. فيما يتابع موظفو البعثات الدبلوماسية والقنصلية عملهم في سوريا.