باريس تدين الاعتداء على مصالحها القنصلية وتستدعي سفيرة سوريا للاحتجاج

نددت بـ«التدمير المنهجي» للسفارة السعودية

متظاهر سوري يرفع لافتة يحيي فيها الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري الذي ترأس جلسة الجامعة العربية التي قررت تعليق عضوية سوريا في كفرنبل أمس
TT

نددت فرنسا بشدة بتعرض مصالحها القنصلية في اللاذقية وحلب ليل السبت/ الأحد لاعتداءات من قبل متظاهرين تعتبرهم باريس مدفوعين من قبل السلطات السورية. كذلك أدانت بقوة الهجوم الذي تعرضت له السفارة السعودية في دمشق والممثليات الدبلوماسية الأخرى في العاصمة السورية.

وقالت الخارجية الفرنسية في بيان لها أمس إنها طلبت من السفيرة السورية في باريس لمياء شكور الحضور إلى الوزارة «لتذكيرها بالالتزامات الدولية» المترتبة على سوريا لجهة حماية الممثليات الدبلوماسية والعاملين فيها بموجب معاهدة فيينا للرعاية الدبلوماسية والقنصلية».

ووصفت باريس ما تعرضت له بعض المصالح الدبلوماسية والقنصلية في دمشق وعدد من المدن السورية بأنه «محاولة لترهيب الأسرة الدولية عقب القرارات الشجاعة التي اتخذتها الجامعة العربية ردا على استمرار القمع في سوريا». وبعد أن ذكرت السلطات السورية بواجباتها لجهة «احترام وتطبيق» معاهدة فيينا، فإنها حملت مسؤولية أمن وحماية سفارتها ومؤسساتها ومواطنيها للسلطات السورية. وذهبت باريس أبعد من ذلك بإعلان أنها تعتبر «النظام السوري مسؤولا بشكل كامل عن هذه الانحرافات وتتعين محاسبته عليها».

ونددت باريس بشكل خاص بغياب ردة الفعل من قبل قوى الأمن السورية إزاء ما تعرضت له المصالح الفرنسية علما بأنها تعتبر أن المتظاهرين «منظمون» في إشارة إلى أنهم مدفوعون من قبل النظام. وليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض لها المؤسسات الفرنسية أو ممثلوها لأحداث من هذا النوع التي ترى فيها باريس ردود فعل على مواقفها من الأزمة السورية. ومؤخرا، تعرض السفير الفرنسي في دمشق أريك شوفاليه للرشق وهو خارج من مقر البطريركية الأرثوذكسية في دمشق القديمة. وسبق ذلك تسلق متظاهرين حائط السفارة الفرنسية ودخولهم إلى حرمها مما حمل رجال الأمن الفرنسيين إلى إطلاق النار في الهواء. كما أنها ليست المرة الأولى التي تستدعى فيها لمياء شكور إلى وزارة الخارجية.

وفي السياق عينه، أدانت باريس بشدة الاعتداءات التي أصابت الممثليات الدبلوماسية الأخرى في سوريا وخصوصا الاعتداء الذي استهدف السفارة السعودية في دمشق وعبرت عن تضامنها مع الرياض لما سمته «التدمير المنهجي» لهذه السفارة.

وسيطرح الملف السوري اليوم على وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي فيما ستحاول باريس إعادة تحريك الملف في مجلس الأمن الدولي حيث سدت روسيا والصين كل المنافذ سابقا باللجوء إلى استخدام حق النقض (الفيتو) في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ضد مشروع قرار أوروبي تدعمه واشنطن.

وترى المصادر الفرنسية أن قرارات الجامعة العربية بحق سوريا تشكل «تحولا نوعيا» خصوصا أنها اتخذت بما يشبه الإجماع. وجدير بالذكر أن مجلس الأمن أصدر القرارين 1970 و1873 الخاصين بليبيا بعد أن صدر قرار من الجامعة العربية يطالب بـ«حماية المدنيين» من بطش كتائب الزعيم الليبي السابق معمر القذافي. وتنفي باريس بشدة أن يكون هناك طرح لمشاريع تدخل عسكري دولي «أطلسي أو غير أطلسي في سوريا»، وهي تصر على أن المطلوب هو فرض عقوبات مالية واقتصادية في مجلس الأمن مما يجعل العمل بها إلزاميا على كل دول العالم خصوصا إذا اتخذت تحت الفصل السابع.

وسبق للاتحاد الأوروبي أن اتخذ عقوبات متصاعدة بحق كبار المسؤولين السوريين ومن يعتبرهم من أعمدة النظام وبحق الشركات السورية ومنع التعاطي بالنفط السوري والاستثمار في قطاع النفط والغاز السوريين.

وذهبت باريس بعيدا جدا في موقفها من النظام السوري إذ كانت أول من اعتبره «فاقد الشرعية» وبالتالي يتعين عليه «الرحيل».

وفي مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط»، الأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية ألان جوبيه إن بلاده «جاهزة» للاعتراف بالمعارضة السورية شرط أن «تنظم صفوفها وتبلور برنامجها». ويعيش اثنان من أبرز قادة المجلس الوطني السوري وهما رئيسه برهان غليون والناطقة باسمه بسمة قضماني في فرنسا. وبحسب جوبيه، فإن باريس «تدعم وتساند» المعارضة السورية و«لا تكف عن دعوتها لترتيب أوضاعها». واغتنم جوبيه قرارات الجامعة العربية ليدعو الأسرة الدولية «أي مجلس الأمن» للتحرك في سوريا.

وقالت مصادر دبلوماسية عربية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس كانت «تنتظر» الخطوة العربية التي ترى أنها الوحيدة القادرة على إخراج الوضع من «المراوحة» التي وقع فيها منذ شهور. وتترقب الدبلوماسية الفرنسية ما ستقوم به الجامعة العربية مع المعارضة السورية التي يفترض أن تلتقي بها في اليومين المقبلين لتقرر ما ستفعله هي بالذات وما ستدفع إليه في إطار الاتحاد الأوروبي.