«النهضة» التونسية: عودة زعيم العريضة الشعبية لن تربك مسار الحياة السياسية

الجندوبي يدعو إلى بعث هيئة مستقلة دائمة للإشراف على الانتخابات المقبلة

TT

طالب محمد الهاشمي الحامدي، زعيم تيار العريضة الشعبية، وهو أيضا مالك لقناة «المستقلة»، التي تبث من لندن، الرئيس التونسي المؤقت، فؤاد المبزع، أمس، بالاعتذار عما سماه «إقصاء» من المشاركة في اجتماع حزبي للإعداد للجلسة الافتتاحية للمجلس التأسيسي.

وقال الحامدي في بيان: «حملة التشويه والتجريح بحقي شخصيا ثم بحق تيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية تجاوزت كل الحدود». وأضاف: «سجلت باستهجان وبأسف شديدين حالة الإقصاء السياسي التي فرضتها أغلب القوى السياسية الفائزة بمقاعد في انتخابات المجلس التأسيسي على تيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية».

وطلب الحامدي من الرئيس المؤقت للجمهورية «اعتذارا واضحا لا لبس فيه موجها بشكل مباشر لأنصار العريضة الشعبية في كل أنحاء البلاد وللشعب التونسي، على إقصاء ممثلي العريضة من حضور اجتماع الكتل الفائزة في المجلس التأسيسي، الذي أشرف عليه الرئيس المؤقت شخصيا».

وكان الرئيس المبزع التقى يوم السبت الماضي بممثلين عن الأحزاب السياسية الفائزة في الانتخابات للإعداد للجلسة الافتتاحية للمجلس التأسيسي، لكن تيار العريضة قال إنه تم إقصاؤه من هذا الاجتماع على الرغم من أنه القوة الثالثة في البلاد الآن، بعد انتخابات حرة.

وكان من المقرر أن يصل الحامدي المثير للجدل والمقيم في لندن منذ 25 عاما إلى تونس يوم السبت الماضي، لكن عدل عن ذلك في آخر لحظة وبرر قراره بالحملة الشرسة التي يتعرض لها من وسائل الإعلام والخصوم السياسيين في البلاد.

وفي سياق ذلك، قال نور الدين العرباوي، القيادي بحركة النهضة التونسية، إن عودة الحامدي لن تربك المسار العادي للحياة السياسية في تونس، ولن تؤثر البتة على سير عمليات التفاوض الجارية بين الأحزاب الثلاثة التي أعلنت منذ مدة عن اهتمامها بموضوع تشكيل الحكومة ومختلف المناصب القيادية.

واعتبر العرباوي أن الحامدي يعيش حالة إرباك داخلي داخل «العريضة الشعبية»، ولا يمكن لمن يعيش حالة إرباك أن يربك الآخرين. ووصف العرباوي عودة الحامدي بأنها تأتي من باب الدعاية السياسية لا غير. وقال إن حركة النهضة لا ترفض التعامل من الناحية المبدئية مع أي تيار سياسي ممثل أو غير ممثل في المجلس التأسيسي، إلا أنها تبحث حاليا عن الانسجام الضروري لتسيير الحكومة المقبلة، وأن ذاك الانسجام توفر في الأحزاب الثلاثة (حركة النهضة، وحزب المؤتمر، وحزب التكتل)، ولا يمكن من الناحية السياسية البحث عن طرف آخر، طالما أن هناك تفاهما كاملا بين الأطراف المذكورة التي يربطها ماض نضالي طويل.

وكان خمسة من مرشحي حزب العريضة الشعبية في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي أعلنوا استقالتهم، هم مرشحو دوائر: نابل 1و2، وصفاقس2، والمهدية، وبنزرت)، وهو ما قد يكون سببا وجيها لإعادة النظر في قرار عودة الحامدي إلى تونس من عدمه.

وأعلن هؤلاء النواب أنهم اختاروا الاستقلالية، بعد أن وقفوا على مصادرة الحامدي لإرادتهم واستبداده بالرأي والتفرد باتخاذ القرارات التي تهمهم شخصيا، دون الرجوع إليهم واستشارتهم، وخاصة ما يتعلق بقرار الانسحاب من المجلس، وما نتج عنه من تداعيات خطيرة في ولاية (محافظة) سيدي بوزيد، مسقط رأسه. ومن ناحيته، صرح الهاشمي الحذيري، محامي تيار العريضة الشعبية في تونس بأن الحامدي عدل عن قرار عودته إلى تونس يوم أمس السبت 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بعدما نصحه بعض أصدقائه والمقربين منه بتأجيل هذه الزيارة إلى موعد لاحق لم يحدد بعد.

وأكد الحذيري أن الحامدي رفع قضية ضد المنشقين عن تيار العريضة مطالبا بتعويضهم بآخرين، باعتبار أن انتخابات المجلس التأسيسي في تونس قد جرت على أساس القوائم لا الأشخاص.

إلى ذلك، نفى كمال الجندوبي، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أن تكون الأحكام القضائية التي أصدرتها المحكمة الإدارية بخصوص مرشحي العريضة الشعبية، تمثل مسا من هيبة الهيئة التي عليها احترام تلك القرارات، مؤكدا أن «البت في الطعون هو من اختصاص القضاء». ودعا عقب الإعلان عن النتائج النهائية لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي إلى ضرورة بعث هيئة مستقلة دائمة «تتولى الإشراف على إدارة العمليات الانتخابية المقبلة، وتكون جزءا من القانون الانتخابي الجديد»، وهو ما أوحى بأن الجندوبي يود ضمنيا مواصلة تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس.

وقال الجندوبي في مؤتمر صحافي عقده أمس بتونس العاصمة، إن نسبة المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي التي أجريت يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لم تتجاوز نسبة 52 في المائة من الناخبين التونسيين الذين يحق لهم التصويت، مشيرا إلى أن أول انتخابات بعد ثورة 14 يناير عرفت مشاركة 4308888 ناخبا من مجموع 8289924 ناخبا محتملا في تلك الانتخابات، وذلك وفق النتائج النهائية التي ينتظر صدورها بالجريدة الرسمية التونسية.

وثبت الجندوبي النتائج الحاصلة بشأن انتخابات المجلس التأسيسي، وقال إن حركة النهضة حافظت على 89 مقعدا، واحتل المؤتمر من أجل الجمهورية بقيادة المنصف المرزوقي، المرتبة الثانية (29 مقعدا)، يليه «العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية» في المرتبة الثالثة (26 مقعدا). كما حصل حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، بقيادة مصطفى بن جعفر، على 20 مقعدا، والحزب الديمقراطي التقدمي بزعامة، مية الجريبي على 16 مقعدا، يليهما حزب المبادرة والقطب الديمقراطي الحداثي بـ5 مقاعد لكل منهما، وحزب آفاق تونس 4 مقاعد، ثم قائمة البديل لحزب العمال الشيوعي التونسي (3 مقاعد)، وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين وحركة الشعب بمقعدين لكل منهما، فيما حصلت 16 قائمة أخرى على مقعد لكل منها.