مسؤول بالاتحاد الوطني لـ «الشرق الأوسط»: تنسيق بين طالباني وبارزاني لاحتواء التوترات مع دول الجوار

رئيس حكومة كردستان إلى تركيا نهاية الأسبوع لبحث عدد من الملفات بينها التوتر الحدودي

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر خاصة في مجلس وزراء إقليم كردستان أن برهم صالح رئيس الحكومة سيزور تركيا نهاية الأسبوع الحالي لإجراء مباحثات مع قادة الدولة التركية حول عدد من الملفات، من أهمها الوضع المتوتر على الحدود واستمرار القصف الجوي التركي لمناطق الإقليم، إلى جانب بحث العلاقات التجارية والاقتصادية.

تأتي زيارة صالح في أعقاب عدة زيارات متتابعة لقادة الإقليم إلى تركيا، بدأها نيجيرفان بارزاني نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، أعقبتها زيارة رئيس الإقليم مسعود بارزاني. وتهدف تلك الزيارات إلى بذل جهود وساطة كردية لوقف القتال الدائر بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، الذي شهد خلال الأسابيع الماضية تصاعدا كبيرا، أدى إلى أن تلوح تركيا بشن حملات عسكرية على مواقع ومقرات الحزب المذكور في جبال قنديل داخل إقليم كردستان العراق.

وبحسب مصدر مقرب من برهم صالح، فإنه سيتباحث مع القادة الأتراك حول سبل تهدئة الأوضاع على الحدود المشتركة من أجل إعطاء فرصة للقيادات الكردية بإقليم كردستان لاحتواء الصراع الدائر ين تركيا والحزب الكردستاني من خلال إقناع الأحزاب الكردية المعارضة لدول الجوار بوقف نشاطاتها العسكرية ضدها.

وتأتي هذه الزيارة استكمالا لجهود يبذلها كل من الرئيسين جلال طالباني الذي التقى عددا من قادة الأحزاب الكردية العاملة على الساحة التركية لمناقشة المبادرة التي تقدم بها رئيس الإقليم مسعود بارزاني أثناء زيارته الأخيرة إلى تركيا، ودعوته هناك إلى وقف دائم للقتال على الحدود والشروع في حل القضية الكردية سلميا عبر دعم سياسة الانفتاح التي تنتهجها الحكومة التركية بقيادة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان على القضية الكردية في البلاد.

وفي اتصال مع آزاد جندياني المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن طالباني التقى الأسبوع الماضي بعدد من قيادات الأحزاب الكردية الفاعلة في تركيا؛ من بينهم السياسي الكردي المعروف أحمد تورك رئيس المؤتمر الديمقراطي الكردي، ورئيس حزب السلام والديمقراطية الذي يمثل أكراد تركيا بـ36 مقعدا داخل البرلمان التركي الحالي، وجرى اتفاق معهم حول عقد «مؤتمر كردستاني موسع يضم جميع القوى والأحزاب السياسية الكردية في العراق وتركيا وإيران وسوريا، بهدف توحيد الخطاب الكردي للتعامل مع تطورات أحداث المنطقة وبحث مشكلات الحدود»، مضيفا أن «الأحداث والتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة ودخول عدد من الدول الكبرى إلى خضم هذه الأحداث، دعت جميع دول المنطقة إلى أن تضع كل منها خارطة طريق لكيفية التعامل مع تلك التطورات، والكرد يعيشون حاليا في مركز هذه الأحداث والمتغيرات الإقليمية والدولية، ولذلك ينبغي أن تكون لهم خارطة طريق محددة، أو على الأقل موقف موحد لكيفية التعامل مع تداعيات تلك التطورات، وعليه، فإن زعيمي الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني باشرا تحركاتهما المكثفة من أجل توحيد الرؤية الكردية تجاه أحداث المنطقة، والتقدم بخطوات سياسية تتفق وتلبي متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية، وقد بدأ الزعيمان طالباني وبارزاني في تحركاتهما الفعلية على الصعيدين الإقليمي والمحلي، فيما كانت زيارة رئيس الحكومة برهم صالح إلى الولايات المتحدة جزءا من تلك التحركات الدبلوماسية التي ستدشن لتفعيل الجهود الكردية من أجل احتواء مشكلات الحدود مع دول الجوار، إلى جانب تأكيد الدور الكردي في المعادلات السياسية بالمنطقة».

وحول أهداف المؤتمر الكردستاني الذي دعا إليه الزعيمان الكرديان، قال جندياني: «تهدئة الأوضاع على الحدود المشتركة مع كل من تركيا وإيران تتصدر جدول أعمال المؤتمر في حال انعقاده، إلى جانب دعم الجهود التي تبذلها القيادة الكردية من أجل تحقيق السلام وفرض الحلول السلمية والديمقراطية للقضية الكردية في المنطقة، وكذلك تدعيم أسس العلاقات التاريخية بين شعوب المنطقة، وكل ذلك عبر توحيد الخطاب الكردي ورؤية القوى الكردستانية للتعامل بحكمة وعقلية مفتوحة مع تطورات أحداث المنطقة، وهو ما نسعى إليه من عقد ذلك المؤتمر الموسع».

وأشار المتحدث إلى «أن الرئيسين طالباني وبارزاني منهمكان حاليا في بذل جهودهما المشتركة من أجل إقرار وقف للقتال بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي وإنهاء النزف الدموي الجاري على الحدود، وكان بارزاني قد نجح في احتواء أزمة الحدود مع إيران من خلال وقف القتال الدائر مع حزب بيجاك الكردي المعارض، كما أنه زار تركيا مؤخرا وعرض على قادتها استعداده للوساطة من أجل وقف القتال الدائر على حدودها، وإعداد خارطة طريق محددة لحل المشكلة من خلال إسناد ودعم سياسة الانفتاح التركي على القضية الكردية».

وكان رئيس المؤتمر الديمقراطي الكردي التركي أحمد تورك قد صرح عقب لقائه بالرئيس طالباني في منتجع دوكان السياحي في مؤتمر صحافي أن «لقاء الوفد الكردي التركي كان مثمرا جدا مع الرئيس طالباني، وتباحثنا حول العديد من المسائل الآنية المتعلقة بالشعب الكردي، واتخذنا قرارا مهما جدا، وهو عقد مؤتمر قومي موسع خلال مطلع العام المقبل من أجل جمع القوى والأحزاب الكردستانية في الأجزاء الأربعة لتوحيد الخطاب الكردي وتحديد سبل التعامل مع أحداث المنطقة»، وأشار تورك إلى أن «التطورات الجارية حاليا في تركيا والقتال الدائر على الحدود والأحداث التي تشهدها المنطقة عموما، تتطلب منا نحن الكرد أن نستعد لجميع الاحتمالات سياسيا وفكريا، وأن يكون لدينا خطاب موحد لكيفية التعامل مع هذه التطورات، ولذلك التقينا بالرئيس مسعود بارزاني في إسطنبول أثناء زيارته لتركيا، كما حضرنا إلى كردستان للقاء الرئيس طالباني الذي نعتبره رئيسا لجميع الأكراد في العالم، لكي نتباحث ونتشاور معه حول أفضل السبل لمواجهة التطورات المقبلة». من جهته، أشار صلاح الدين دميرتاش رئيس حزب السلام والديمقراطية في المؤتمر الصحافي إلى أن «الأحداث التي تشهدها المنطقة شغلت معظم دول العالم بما فيها الدول العظمى، التي بدأت في رسم خارطات الطريق للتعامل مع تطوراتها، ونحن الأكراد بحاجة ماسة حاليا إلى توحيد خطابنا في الأجزاء الأربعة من كردستان من أجل الاستعداد لجميع الخيارات، ولهذا تباحثنا مع الرئيس طالباني حول مجمل هذه التطورات، فهو بالإضافة إلى كونه رئيسا لجمهورية العراق، فإنه يلم جيدا بأوضاع المنطقة ويتابعها بدقة، وهو مطلع على سياسات دول العالم تجاه المنطقة، ويحسب لمواقفه حسابات دولية معتبرة».