«سوبر ماريو».. كفاءة شديدة أمام الكثير من الصعوبات

غريب على الساحة في روما.. بقدر ما هو معتاد على ميلانو

TT

على الرغم من شهرته في وسائل الإعلام بلقب «سوبر ماريو»، فإن ماريو مونتي، رئيس الحكومة الإيطالية الجديدة، التي تم تشكيلها وسط أزمة تهدد الاتحاد النقدي الأوروبي، سيواجه تحديا كبيرا حتى يتمكن من الوصول إلى هذا اللقب وذلك خلال محاولته إنقاذ بلاده التي تقف على شفير ركود اقتصادي هائل وعبر آليات السياسات الإيطالية.

وهناك إجماع في إيطاليا على أن جورجيو نابوليتانو، الرئيس الإيطالي الذي عين مونتي في وقت قياسي الأحد بدلا من سلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء السابق، كان حكيما للغاية بخصوص هذا القرار، حيث قام باختيار اقتصادي يتمتع بخبرة واسعة في وثائق الاقتصاد الأوروبي.

ورغم ذلك، فلا أحد يعلم حتى الآن ما إذا كان مونتي، الذي لا يتمتع بأي خبرة سياسية في بلاده، سيتمكن من إقناع الأسواق المالية بقدرته على التغلب على السياسات الإيطالية المعقدة وسيتمكن من تنفيذ معايير توفير النفقات التي تعهدت إيطاليا أن تقوم بها لخفض جبل الديون المتراكم عليها وتعزيز النمو.

يقول مويسيس نيم، زميل بارز في برنامج الاقتصاديات الدولي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، والذي يعرف مونتي جيدا: «إن مونتي يتمتع بمصداقية وشرعية غير أنه إذا لم يوفق أو تنجح جهوده، فسيصبح الوضع أكثر سوءا. والشيء الأكثر أهمية هنا هو أن الإيطاليين فقدوا الأعذار التي كانوا يقدمونها بمجرد رحيل برلسكوني وقد بدأ العمل الجاد؛ ولن تقبل أي أعذار بعد الآن».

ويعد مونتي، الذي يبلغ 68 عاما، غريبا على الساحة السياسية في روما تماما بقدر ما هو معتاد على ميلانو، حيث يقوم بتدريس الاقتصاد السياسي ويترأس جامعة بوكوني. وهو أيضا معتاد على بروسيلز، حيث قضى هناك ما يزيد عن عقد من الزمان كعضو في المفوضية الأوروبية، وكان مسؤولا في البداية عن السوق الداخلية ثم المنافسة بعد ذلك.

وقال جين بيساني فيري، مدير معهد برويغيل، وهو معهد أبحاث اقتصادية في بروسيلز: «لقد منحته المناصب التي شغلها في المفوضية، التي تعد دعائم أساسية للاتحاد الأوروبي، خبرة واسعة». وكان مونتي أول رئيس لمعهد برويغيل وأصبح الآن رئيسا شرفيا للمعهد.

وقد تزامنت الفترة التي قضاها مونتي كمفوض للمنافسة مع وقت حافل بالأحداث خاصة مع قيام الاتحاد الأوروبي بتنفيذ قوانين مكافحة الاحتكار وتركيزه على ضبط قوانين التحكم في السوق. كما عمل أيضا مع سلطات الأمم المتحدة لتشكيل شبكة المنافسة الدولية.

ويستطيع الإيطاليون أن يتوقعوا أن يعمل مونتي لدعم التكامل داخل السوق، الذي يعتقد أنه سيجعل إيطاليا، والاتحاد الأوروبي، أكثر صمودا أمام الأزمات. وقال بيساني فيري: «إنه يرى أن الاتحاد النقدي الأوروبي يجب أن يستند إلى تكامل السوق، الذي ينافس بوضوح داخل السوق الأوروبية الموحدة».

يمكن أن يتوقعوا من مونتي الدفع باتجاه وضع جدول إصلاحي يطلبه صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي من أجل زيادة قدرة إيطاليا التنافسية وتحفيز النمو وهو ما تملصت منه إيطاليا خلال العقد الماضي. من هذه الإصلاحات فرض، وربما تعزيز، إجراءات أقرّها البرلمان الأوروبي يوم السبت تهدف إلى التخلص من بعض العراقيل الهيكلية التي تحول دون تمتع إيطاليا بقدرة تنافسية كبيرة مثل الروتين الحكومي المزعج أو جماعات المصالح القوية.

رغم أن توليه منصبه السابق في ويعمل مونتي مستشارا دوليا لمصرف «غولدمان ساكس» وكان رئيس للمجموعة الإيطالية في مؤسسة «تريلاترال كوميشين» التي وصفها عالم الرياضيات والكاتب الإيطالي بيرجورجيو أوديفريدي، في مدونته بأنها «مؤسسة راسخة ليبرالية أميركية أوروبية يابانية بإلهام من ديفيد روكفيلر». وبدأ البعض في الصحافة الإيطالية خلال الأسبوع الحالي الإشارة إلى بزوغ فجر جديد لحقبة «حكومة غولدمان ساكس». وعمل دراغي، مثل مونتي، لدى مصرف استثماري دولي، مثلما عمل رئيس الوزراء اليوناني الجديد لوكاس باباديموس.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»