طالبان تنشر الخطة الأمنية لـ«لويا جيرغا» على الإنترنت.. وكابل تنفي: ليست أصلية

وسط أنباء القبض على ظبي الله مجاهد المتحدث باسم الحركة

TT

كشفت حركة طالبان أمس أن بحوزتها ما قالت إنها الخطة الأمنية لجمعية «لويا جيرغا» التقليدية الكبيرة التي ستفتتح لبحث استراتيجية السلام مع المتمردين والعلاقات مع واشنطن في المستقبل.

وتتضمن الخطة التي نشرتها الحركة في موقعها على الإنترنت وأرسلتها إلى عدد من وسائل الإعلام، خريطة بالأقمار الصناعية لمكان الاجتماع وأرقام هواتف جوالة لكبار مسؤولي الأمن وتفاصيل حول انتشار قوات الأمن، لكن مسؤولي أجهزة الأمن والقوات الدولية أكدوا أنها غير صحيحة.

وأكدت طالبان في بيان أن «المقاتلين المتيقظين في الإمارة الإسلامية (اسم الدولة الأفغانية في عهد طالبان 1996 - 2001) حصلوا على الخطة الأمنية وخرائط وغيرها من وثائق الاجتماع المزعوم المقبل لـ(لويا جيرغا)».

كما قتلت القوات الأفغانية شخصا يشتبه في أنه كان يعتزم تنفيذ هجوم انتحاري بالقرب من المقر الذي سيجري فيه اجتماع المجلس الكبير (لويا جيرغا) لمناقشة العلاقات مع الولايات المتحدة، حسب ما أفاد مسؤولون، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال عناصر طالبان الذين سبق أن هددوا بمهاجمة المشاركين كما هاجموا «لويا جيرغا» سنة 2010 إنهم حصلوا على تلك الوثائق «بفضل عناصرهم المندسة في صفوف العدو».

واعتبرت وزارة الداخلية الأفغانية ما قالته طالبان «كذبة كبرى» وقالت في بيان إن «تلك التصريحات غير صحيحة وتندرج في إطار الحرب النفسية لطالبان الرامية إلى التشويش على لويا جيرغا». وأعلنت القوة الدولية للحلف الأطلسي المساهمة في إرساء الأمن في أفغانستان (إيساف) على شبكة «تويتر» إن الوثيقة «لا تبدو أصلية». وأضافت «إيساف» ردا على أحد مناصري طالبان «إذا كانت تلك الوثيقة صحيحة فعلا، فلماذا تقولون لنا إنها بحوزتكم؟».

ونفى مسؤولون أن تكون الخطة الأمنية التي نشرت على الموقع الإلكتروني لحركة طالبان هي الخطة الأصلية. وحتى إن كان الأمر كذلك، فقد أضفى ما تضمنته الخطة من تفاصيل كثيرة من بينها الأرقام الهاتفية الخاصة لمسؤولين في أجهزة الاستخبارات مصداقية عليها. وقال لطف الله مشعل، المتحدث باسم مديرية الأمن الوطنية، وهو أحد أجهزة الاستخبار الأفغانية: «نحن ننفي ذلك بشدة. إنها ليست الخطة التي وضعناها». وصرح لصحافيين أمس قائلا: «وإن كانت من الخطط التي وضعناها، فهي خطة لحماية مؤتمر (لويا جيرغا) سابق. إن الخطة التي نشرها ظبي الله أرسلها إلي أنا أيضا على بريدي الإلكتروني. وإذا كانت حقيقية، لم تكن حركة طالبان لتنشرها على الملأ، بل كانت لتستفيد منها».

وحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، ربما تكون القوات الأفغانية وقوات التحالف قد ألقت القبض على ظبي الله مجاهد، وهو متحدث بارز باسم حركة طالبان، على حد قول 3 مسؤولين أفغان أمس. وقال أحد مسؤولي الحكومة الأفغانية إن مجاهد كان من ضمن المشتبه بهم الذين تم القبض عليهم خلال حملة أمنية للقوات العسكرية في إقليم باكتيكا بجنوب شرقي البلاد على الحدود مع باكستان. وأكد مسؤول آخر في الحكومة الأفغانية تلك الرواية، لكن رفض الاثنان الإفصاح عن هويتيهما لعدم التصريح لهما بنشر هذه المعلومات. ويعد مجاهد واحدا من متحدثين رسميين اثنين باسم حركة طالبان وهو مسؤول عن الدعاية للحركة في شرق وشمال أفغانستان، لكنه كان من أكثر أصوات الحركة نشاطا وحضورا.

وأوضح مسؤولون أفغان ومسؤولون من قوات التحالف أن مجاهد ليس شخصا حقيقيا، بل شخصية ينتحلها عدد من أفراد حركة طالبان الذين يستخدمون الاسم ورقم الهاتف نفسه ويعملون عبر الحدود من باكستان.

وقال الجنرال عزيز، رئيس الشرطة في ولاية باكتيكا، الذي لم يذكر سوى اسمه الأول وهو أمر شائع في أفغانستان، إن مخبرين قد أرشدوا السلطات عن المشتبه به الذي اعترف بأنه مجاهد، لكنه أوضح أنه واحد من عدة متمردين يستخدمون هذا الاسم. وصرح متحدث باسم قوات المساعدة الدولية الأمنية في أفغانستان أنه كان يعرف بأمر بهذا النبأ، لكنه لم يكن متأكدا من القبض على مجاهد أو ما إذا كانت هناك حملة أمنية لقوات التحالف في تلك المنطقة بالأساس. وظهر نشاط حركة طالبان في منطقة سر هوزه مؤخرا، حيث اغتالت حاكم المنطقة منذ أسبوعين. وأكد مسؤول آخر في الحكومة أن عملية القبض غير مؤكدة بعد، حيث أوضح مخلص أفغان، المتحدث باسم حاكم ولاية باكتيكا: «ربما يكون المتحدث باسم طالبان ظبي الله مجاهد من ضمن المقبوض عليهم، لكننا لم نتأكد من الأمر بعد». وهاجم أفراد من حركة طالبان آخر مؤتمر «لويا جيرغا»، وكاد الرئيس كرزاي أن يصاب في هذا الهجوم بالقذائف الصاروخية، مما دفعه إلى إقالة وزير الداخلية ومديري أجهزة الاستخبارات. وقال مشعل يوم الاثنين إن قوات الأمن تمكنت من قتل انتحاري أثناء محاولته دخول جامعة «البولتيكنيك» حيث يعقد مؤتمر «لويا جيرغا». وكثيرا ما يتحدث مجاهد إلى الصحافيين الأفغان عبر الهاتف، لكنه لم يقابلهم أبدا. ويزعم كثير منهم أن صوته لم يتغير على الأقل خلال العام الماضي مما يشير إلى أنه شخص واحد.

وذكر الجنرال عزيز أن الشخص الذي ألقت السلطات القبض عليه اعترف بأنه ظبي الله مجاهد من ولاية باكتيكا وأنه أخبر المحققين بأنه واحد من ضمن كثيرين يستخدمون هذا الاسم ويزودون شخصا أساسيا بالأخبار الذي يتولى نشرها بعد ذلك. وأضاف عزيز أن هذا الشخص أوضح أنه لا توجد ولاية لا تخلو من شخصية ظبي الله مجاهد. وأشار مشعل إلى أن الضجة الإعلامية لمجاهد دليل على عجز طالبان عن شن هجوم على المؤتمر الذي يعقد العام الحالي. وأضاف مشعل: «إنهم يعتمدون على الحرب النفسية الآن». وأوضح أنه لم يكن يعرف بنبأ القبض على مجاهد.

سواء كان مجاهد اسما لشخص حقيقي أم لا، يعترف الآخرون ومنهم أعداؤه بقدرته على التواصل والتفاعل السريع مع الأحداث وإجادة استخدام مختلف الوسائط الحديثة لتوصيل رسالة حركة طالبان. ولم يتح الوصول إلى مجاهد من أجل التعليق على هذا الأمر أمس. من جهته أخرى، وافق الاتحاد الأوروبي الاثنين على التفاوض على إبرام اتفاق شراكة مع أفغانستان يشمل مكافحة الإرهاب ودعم التنمية ومكافحة المخدرات، وذلك قبل خروج قوات حلف شمال الأطلسي من البلد المضطرب في 2014. ومنح وزراء خارجية الاتحاد المجتمعون في بروكسل المفوضية الأوروبية ووزيرة خارجية الاتحاد كاثرين آشتون صلاحية التفاوض مع الحكومة الأفغانية على «اتفاق تعاون للشراكة والتنمية». وقال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ: «هناك ضرورة لوضع خطة لما سيحدث بعد نقل السيطرة الأمنية إلى القوات الأفغانية في عام 2014، ومشاركة الاتحاد الأوروبي ودعمه المستمر لأفغانستان».