الحكومة اللبنانية تبرر اعتراضها على قرار تجميد عضوية سوريا بحماية السلم الأهلي

قوى 8 آذار تحذّر من تدهور الاستقرار اللبناني على خلفية التطورات السورية

جنود من «اليونيفيل» والجيش اللبناني يعاينون مكان انفجار عبوة في فندق بصور (أ.ب)
TT

أكد مجلس الوزراء اللبناني أن القرار الذي اتخذه لبنان في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، بشأن رفض تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية «يهدف إلى حماية الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي». وأكد بيان صادر عن المجلس، بعد اجتماعه مساء أول من أمس، نقلا عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن «القرار الذي اتخذه لبنان أخيرا في اجتماع وزراء الخارجية العرب في شأن سوريا يهدف أولا وأخيرا إلى حماية الاستقرار الداخلي في لبنان». وأضاف أن «المداولات الداهمة التي حصلت على عجل أفضت إلى الموقف اللبناني الذي انطلق من الحرص على استقرار لبنان وعلى سلمه الأهلي، وليس من أي خلفية أخرى». وتابع ميقاتي، بحسب بيان مجلس الوزراء، أن «لبنان سيبقى متفاعلا مع محيطه العربي وجزءا من العالم العربي. والموقف اللبناني انطلق من اعتبارات ووقائع تاريخية وجغرافية تراعي الخصوصية اللبنانية ويتفهمها الإخوة العرب».

وأشار إلى أن الموقف مرده الأساسي «التحفظ ليس على الدعوة إلى وقف العنف والمطالبة بالحوار سبيلا وحيدا للحل، بل على موضوع تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، لأن السياسة اللبنانية (...) هي ضد العزل الذي يعاقب الناس ويقطع سبل الحوار».

وكان لبنان إحدى ثلاث دول عربية مع اليمن وسوريا، صوتت ضد قرار تعليق عضوية دمشق في الجامعة العربية الذي اتخذ خلال اجتماع في القاهرة الأسبوع الماضي بغالبية 18 صوتا. وأجرى ميقاتي خلال الأيام الماضية سلسلة استقبالات لسفراء أجانب، أوضح خلالها الأسباب التي أملت الموقف اللبناني.

ودانت قوى 14 آذار المعارضة في بيان أمس موقف الحكومة «المتضامن مع نظام الأسد ضد شعبه» معتبرة هذا الموقف «مشينا، ويصيب لبنان في عزته وكرامته». وطالبت رئيس الحكومة بالاستقالة «حفاظا على مصالح الشعب اللبناني وصونا للعلاقات بين الشعبين اللبناني والسوري». وأكد البيان دعم المعارضة اللبنانية «لربيع سوريا» و«تضامنها وتضامن اللبنانيين مع إخوتهم اللاجئين السوريين» في لبنان.

من جهة أخرى تصاعد التوتر داخل لبنان على خلفية تطور الأحداث في سوريا، وخاصة بعد القرارات الأخيرة لجامعة الدول العربية التي رفضتها قوى 8 آذار الحاكمة، ملمّحة إلى إمكانية تدهور الأمور في المرحلة المقبلة لبنانيا لارتباط الاستقرار السوري بالاستقرار اللبناني.

وتتلاقى المعلومات الأمنية التي كان قد كشفها في وقت سابق وزير الداخلية مروان شربل، عن إمكانية دخول طابور خامس لإشعال الفتنة لبنانيا، مع الموقف الأخير لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي أعرب عن تخوفه من حرب أهلية في لبنان إذا «فرطت الأوضاع» في سوريا، كلام وصفته قوى 14 آذار بـ«التهويلي». وتتجه الأنظار إلى عاصمة الشمال طرابلس بعد أحاديث لعدد من نواب تيار المستقبل وآخرهم النائب خالد زهرمان عن أن «هناك مجموعات في طرابلس يتم تسليحها وتدريبها وتحضيرها ربما لاستعمالها لتفجير الوضع في طرابلس عندما يصبح النظام السوري في مأزق».

وفي هذا الإطار، ردّ نائب الأمين العام للحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد «الاتهامات التي ساقها زهرمان لحلفاء سوريا لمطلقها»، معتبرا أن «ما تم الحديث عنه هو وباختصار مشروع تيار المستقبل وقوى 14 آذار»، متوجها إليهم بالقول: «ضبّوا مجموعاتكم بالأول قبل أن تتحدثوا عنّا..».

وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، ذكّر عيد أن «زعيم تيار المستقبل سعد الحريري هو من تحدث منذ أيام عن مشروع لإسقاط الحكومة»، وقال: «من يعمل على مشروع تخريبي مماثل هو وبالتأكيد من يعدّ مجموعاته لخيار الشارع وبالتالي للتسلّح». واعتبر عيد أن «قوى 14 آذار تشارك ومباشرة في المؤامرة الكبرى على محور الممانعة والتي تجلت وبوقاحة في قرارات جامعة الدول العربية بالأمس»، وأضاف: «نحن نؤكد مرة جديدة أن أمننا بيد الجيش اللبناني ولكن إذا قرر الجلوس على جنب فلا شك أننا سنكون بصدد إشكال كبير».

وتحدث عيد عن «أوراق كثيرة غير مكشوفة سيلعبها القيمون على خط الممانعة حين يحين الوقت للتصدي لمشروع التقسيم الذي تدفع باتجاهه كل من أميركا وإسرائيل»، وهو ما كان قد لمّح إليه في وقت سابق رئيس كتلة حزب البعث العربي الاشتراكي النائب عاصم قانصو حين كشف أن «هناك سيناريو مواجهة بات جاهزا لأي احتمال».

بالمقابل، تحدث مؤسس التيار السلفي في لبنان، داعي الإسلام الشهال عن «أخبار مؤكدة تفيد عن تدريب وتسليح حلفاء حزب الله وسوريا وإيران في طرابلس»، متوقعا أن «تصيب النظام السوري الهستيريا متى شعر بالضيق والخطر الشديد فيقوم بتفجير الوضع أينما حلا له».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذا الأمر لن يتم لأنّهم يعلمون تماما أنّهم إن أقدموا على خطوة جنونية مماثلة فسيكونون يغامرون فهم ضعفاء في هذه المرحلة مع ترنّح النظام السوري».

وعمّن سيتصدى لهؤلاء في حال قرروا إشعال المدينة، قال الشهال: «لا تدريبات أو عمليات تسليح في صفوفنا لأننا لا نمتلك أجندات خارجية كما يفعلون.. ولكننا إن شعرنا بخطر ما فسنستنفر حينها للمواجهة». وجدّد الشهال استنكاره «لانحياز عدد من ضباط الجيش اللبناني لفريق لبناني على حساب باقي الفرقاء»، معتبرا أن «قسما منهم لديه وفاء لمن هم خارج المؤسسة العسكرية»، وأضاف: «نوجّه النداء تلو النداء لقيادة الجيش لتكون حيادية وعلى مسافة واحدة من الجميع».