إسلاميو مصر يحشدون قواهم في مواجهة الحكومة والمجلس العسكري ويبدأون بـ«مليونية الجمعة»

بوادر صراع قبل انتخابات البرلمان بين السلطة و«الإخوان» و«الجماعة الإسلامية» و«السلفيين»

صورة أرشيفية من مليونية «جمعة وحدة الصف» في 29 يوليو (تموز) الماضي التي شهدت تواجدا كثيفا للقوى الإسلامية («الشرق الأوسط»)
TT

سيطرت حالة من الغموض على المشهد السياسي المصري أمس بسبب ما يسمى بـ«وثيقة السلمي»، إذ عقد مجلس الوزراء اجتماعا مغلقا برئاسة الدكتور عصام شرف لبحث التعديلات النهائية للوثيقة التي تحتوي على مبادئ حاكمة لدستور البلاد الجديد، والتي أعدها الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء.. فيما عقد مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين اجتماعا لبحث الموقف من المشاركة في مليونية يوم غد الجمعة، وقال في بيان إن مجلس الوزراء أصر على التشبث بالمواد غير الديمقراطية في وثيقة السلمي، و«لذلك لم نجد مناصا من النزول في مليونية (حماية الديمقراطية) يوم الجمعة القادم (غدا)».

وقال الدكتور شرف، رئيس مجلس الوزراء، في تصريح له أمس إن المشاورات مستمرة فيما يتعلق بوثيقة المبادئ الدستورية بين الدكتور السلمي نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديمقراطي والقوى السياسية المختلفة. وأوضح شرف أن المشاورات تسير بشكل إيجابي، وهناك تقدم ملحوظ أكثر من ذي قبل، الأمر أصبح الآن أحسن بكثير دون الدخول في التفاصيل.

لكن الدكتور محمد سليم العوا، المرشح المحتمل للرئاسة، قال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يجب أن نخذل الشباب الذين دعوناهم للحشد في مليونية يوم غد، وسنتظاهر في الميدان لتوضيح الموقف كاملا لهم، وشكل المفاوضات حول الوثيقة وصولا للصورة النهائية لها.

وأعرب العوا عن اعتقاده بأن تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور يجب أن يكون أول مطلب للبرلمان القادم، من أجل الانتهاء من وضع الدستور الجديد في فترة لا تتجاوز ستة أشهر.

في الوقت نفسه، تصدر التيار السلفي المشهد في الحشد لمليونية الجمعة، حيث حرص المرشح المحتمل للرئاسة السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل على دعوة أنصاره بجميع المحافظات للمشاركة فيها، كما قامت الأحزاب السلفية ومرشحوها بالمحافظات بالتصعيد ضد وثيقة السلمي بكافة المحافظات موجهين الدعوة لأنصارهم بالمشاركة في المظاهرة.

ووصف المتحدث باسم حزب النور السلفي نادر بكار التعديل الذي تم إدخاله على الوثيقة بأنه «نقلة على رقعة الشطرنج»، مشيرا إلى أن الكرة في ملعب المجلس العسكري والحكومة، ويجب أن يصدر بيان رسمي منهما بالتبرؤ من الوثيقة بشكل كامل.

ولم يختلف الموقف كثيرا بالنسبة للجماعة الإسلامية، حيث أوضح وكيل مؤسسي حزب البناء والتنمية، المنبثق عن الجماعة، الدكتور صفوت عبد الغني بأنه في حالة عدم صدور موقف رسمي بالتعديلات التي أدخلها مجلس الوزراء ستتم المشاركة في مليونية الغد بعد الحصول على توافق القوى السياسية الأخرى.

وقال بيان من الإخوان المسلمين بخصوص مليونية الجمعة: «أثارت وثيقة الدكتور السلمي أزمة خطيرة في المجتمع السياسي المصري باحتوائها على مواد تسلب السيادة من الشعب وتكرس الديكتاتورية، وتمثل انقلابا على مبادئ وأهداف ثورة 25 يناير. الأمر الذي دفع معظم القوى الوطنية إلى رفض هذه المواد الجائرة، ورفض اعتبارها وثيقة ملزمة للشعب ونواب الشعب واللجنة التأسيسية المنوط بها صياغة مشروع الدستور القادم، والاتفاق على النزول للميادين في تظاهرات مليونية يوم الجمعة للتعبير عن هذا الرفض».

وأضاف البيان: «كان كل أملنا أن ينصاع الدكتور السلمي للإرادة الشعبية المتمثلة في الإعلان الدستوري الناتج عن استفتاء مارس 2011، وأن يستجيب لمطالب معظم القوى الوطنية ويسحب وثيقته ويحمي البلاد من فتنة هي في غنى عنها، ويهيئ الظروف لانتخابات حرة شفافة كخطوة أولى على طريق الديمقراطية. ومن ثم مددنا حبال الصبر، ودخلنا في مفاوضات معه، إلا أنه ومجلس الوزراء أصروا على التشبث بالمواد غير الديمقراطية.. ولذلك لم نجد مناصا من النزول في مليونية يوم الجمعة (...) وسوف تكون هذه الفعالية بداية لسلسلة فعاليات متصاعدة إذا لم يتم سحب هذه الوثيقة».

من جهتها، أعربت اللجنة الشعبية للدستور عن ارتياحها لما وصفته بـ«المرونة» التي أبداها الدكتور علي السلمي تجاه مطالب القوى السياسية بشأن الوثيقة الدستورية، خاصة فيما يتعلق بالجدل حول دور القوات المسلحة في الدستور وحصانته، مستنكرة في الوقت نفسه إصرار القوى الإسلامية على رفض المبادرة من حيث المبدأ.

وقال محمود عبد الرحيم المنسق العام للجنة: «لا يمكن التراجع عن وضع وثيقة مبادئ دستورية أساسية قبل الانتخابات البرلمانية لتعويض الخسارة المحققة من إجراء تعديلات دستورية، والسير في طريق خاطئ يبدأ بالانتخابات قبل الدستور، على نحو أطال الفترة الانتقالية وغيب ضمانات التحول الديمقراطي السليم وأحدث ارتباكا في المشهد السياسي».

إلى ذلك، أحال مجلس الوزراء المصري في اجتماعه أمس برئاسة الدكتور عصام شرف مرسوما بقانون خاص بمشاركة المصريين بالخارج في الانتخابات البرلمانية القادمة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإقراره. ووصف شرف في تصريحات للصحافيين أمس مشاركة المصريين في الخارج في الانتخابات القادمة بأنها خطوة جيدة، حيث تعد أول مرة يشارك فيها المصريون بالخارج في الانتخابات التشريعية.