مقربون من ليبرمان حول اتهامه بتخريب العلاقات الخارجية: ساركوزي قال إن نتنياهو كذاب وليس نحن

وزير الخارجية الإسرائيلي أمر سفاراته بمقاطعة «الموساد» بعد توليه مهمة المصالحة مع تركيا

TT

كشفت مصادر في الخارجية الإسرائيلية، أمس، أن الوزير أفيغدور ليبرمان أمر السفارات الإسرائيلية في الخارج بفرض مقاطعة على جهاز «الموساد» (المخابرات الخارجية)، وذلك احتجاجا على فرض إسناد مهمات خارجية للجهاز يفترض أن تتولاها وزارة الخارجية.

وأمر ليبرمان بألا ترسل نسخ عن تقارير السفارات في الخارج إلى «الموساد» وعدم إطلاع الجهاز على تعليمات وزارة الخارجية للسفارات والبعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في الخارج. وحجب المعلومات الاستخبارية التي تجمعها الوزارة عن نشاطات تتعلق بإسرائيل في مختلف دول العالم.

وقالت تلك المصادر إن ليبرمان غاضب من قيام «الموساد» بدور ناشط مع عدة دول في العالم، ومن امتناع هذا الجهاز عن إطلاع الوزارة على معلومات مهمة للعلاقات الخارجية بين إسرائيل ودول العالم. وأضافت أن «القشة التي قصمت ظهر البعير» بالنسبة إليه، كان تولي أحد أقطاب «الموساد»، ديفيد ميدان، مهمة السعي للمصالحة مع تركيا وإجرائه لقاءات عُلمت للوزارة مما ينشر في الصحف.

وقد تسبب قرار ليبرمان في انزعاج عدد من المسؤولين في الوزارة، على الرغم من أنهم غير راضين عن نشاط «الموساد». وقال هؤلاء إن ليبرمان يتصرف بأسلوب يعتمد العواطف والغرائز وليس المسؤولية السياسية. وأضافوا إن بإمكان ليبرمان معالجة قضية كهذه بطرق أخرى، لكن أسلوبه الحالي يلحق ضررا بمصالح الوزارة والعمل الدبلوماسي في إسرائيل.

فيما استغرب «الموساد» تصرف ليبرمان، وقال أحد المقربين إليه، إنه «ببساطة تصرف غير مفهوم ويخلق أزمة من لا شيء».

المعروف أن ديفيد ميدان، كان قائدا سابقا في «الموساد». وقد كلفه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بإدارة المفاوضات مع «حماس» حول صفقة شاليط. وبعد نجاحه فيها طلب إليه أن يحاول إنهاء الأزمة الدبلوماسية الحادة مع تركيا، على خلفية الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية في شهر مايو (أيار) 2010، وطلب تركيا أن تعتذر إسرائيل عن قتلها ثمانية مواطنين أتراك. وقبل ميدان بالمهمة. وأجرى عدة لقاءات مع المسؤولين الأتراك، وقدم التقارير عنها إلى رئيس الحكومة و«الموساد». ولم يقدمها إلى وزارة الخارجية. ويعتقد في هذه الوزارة أن هذا التصرف لم يأت صدفة، إنما هو تصرف مقصود لأن «هناك من يؤمن في الموساد بالموقف التركي الذي يتهم وزارة الخارجية الإسرائيلية بالمسؤولية عن الأزمة مع أنقرة». إذ إن بداية الأزمة مع تركيا وقعت عندما قام نائب وزير الخارجية، بيني أيلون، باستدعاء السفير التركي في تل أبيب إلى مكتبه لكي يحتج أمامه على مسلسل تركي يظهر بشائع الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. فأجلسه على كرسي منخفض جدا بشكل مهين، وتجاوز العرف الدبلوماسي فلم يضع أمامه العلم التركي ولم يقدم للضيف حتى كأسا من الماء. كما أن ليبرمان منع اعتذار إسرائيل لتركيا عن قتل المواطنين على سفينة «مرمرة» خلال الهجوم المذكور على أسطول الحرية.

الجدير ذكره أن مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية كانت قد اتهمت ليبرمان، قبل أيام، بأنه يجري تصفيات لمعارضي سياسته في الوزارة. فهناك مرارة واضحة لدى الطواقم المهنية وكبار الموظفين من سياسة ليبرمان ونائبه أيلون، اللذين يتسمان بالفظاظة والغطرسة ويسيئان لسمعة إسرائيل في الخارج ويتسببان في مشاكل دبلوماسية مع العديد من المسؤولين في دول العالم المختلفة. ولم يكن صدفة أن نتنياهو سحب عددا من الملفات الأساسية في السياسة الخارجية من وزارة الخارجية وتسلمها بنفسه، أو كلف بها وزراء آخرين أو أجهزة أخرى مثل الموساد. وبين هذه الملفات: العلاقات مع الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي ومصر والأردن والموضوع الفلسطيني.

ولكن مقربين من ليبرمان يرفضون هذا الاتهام ويردون عليه بالإشارة إلى أن سياسة نتنياهو أيضا لا تلقى قبولا في الخارج. ويشيرون إلى ما قاله الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، قبل أسبوعين خلال حديث مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في قمة العشرين، حيث وصفه بالكذاب (نتنياهو)، ورد أوباما قائلا: «وماذا أقول، أنا الذي يضطر للتعامل معه يوميا». ويصر رجال ليبرمان على أن الكراهية لإسرائيل ناجمة عن موقفها السياسي «الذي يضع مصالحنا الأمنية والاستراتيجية على رأس سلم الاهتمام وليس عن تصرفات القادة السياسيين في وزارة الخارجية».