المالكي: ندعم تحولات سلمية في المنطقة تحفظ أمنها واستقرارها.. ونرفض التدخل في شؤون الآخرين

يتمسك بـ«الصلاحيات الحصرية» للحكومة الاتحادية.. ويبحث عن مخرج لأزمة المحافظات المتمردة

وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ونظيره النمساوي مايكا سبيند ليغر في مؤتمر صحافي مشترك في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

أكد رئيس الوزراء العراقي أن بلاده تسعى لأن تجري التحولات السياسية في عدد من الدول العربية «بطريقة سلمية تحفظ للمنطقة أمنها واستقرارها»، مشددا على أن العراق يرفض «التدخل في شؤون الدول الأخرى». وقال لدى استقباله وزير خارجية النمسا ميشال سبيند ليغر، إن «سياسة العراق قائمة على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى». وأضاف بحسب ما نقل عنه مكتبه في بيان، أن العراق «يدعم مطالب الشعوب في الحصول على الحرية والمكتسبات الديمقراطية، ونسعى لأن تتم التحولات بطريقة سلمية تحفظ للمنطقة أمنها واستقرارها». وكان المالكي يشير إلى التحولات السياسية الجارية في الكثير من الدول العربية، وبينها سوريا التي تشهد حركة احتجاجية غير مسبوقة منذ منتصف مارس (آذار) الماضي.

من جهة أخرى، دعا المالكي الوزير النمساوي والوفد المرافق له إلى «زيادة التعاون الاستثماري والتجاري والاقتصادي بين العراق والنمسا». ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله «نحن بلد غني بكثير من الثروات ولكن هذه الثروات كانت تذهب لشراء الأسلحة ومن ثم تدميرها في الحروب وتدمير البنى التحتية معها، لذلك أصبح وضع العراق الآن لا يتناسب مع دولة غنية». ورد وزير الخارجية النمساوي بالقول «أتكلم بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي، وإننا نريد أن يكون العراق مستقرا، وأن يصبح مركزا للتجارة في الشرق الأوسط».

وتابع سبيند ليغر، أن «الاتحاد الأوروبي مهتم بالتعاون مع العراق، وسيقوم المسؤولون المعنيون بهذا المجال بزيارته لتحقيق هذا الهدف». وكان زيباري عقد في وقت سابق مؤتمرا صحافيا مع نظيره النمساوي أكد فيه أنها «الزيارة الأولى لوزير خارجية النمسا، وهي زيارة تاريخية ومهمة جدا خلال هذه الفترة». وتابع أن «التعاون العسكري لم نبحث فيه، لكنه بالطبع سيكون جزءا من التعاون المستقبلي بيننا». وأعلن الوزير النمساوي أنه سيجري التوقيع على ست اتفاقيات تعاون قيمتها 60 مليون دولار خلال زيارته، من دون أن يحدد طبيعة هذه الاتفاقيات. وقال «نود أيضا مساعدتكم في تحقيق الاستقرار وحماية الأقليات الدينية ومن بينهم المسيحيون».

من ناحية ثانية, وبعد يومين من عقد رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي مؤتمرا للمحافظين ومجالس المحافظات الذي قاطعته المحافظات الوسطى والجنوبية، ترأس المالكي مؤتمرا مماثلا للمحافظين ومجالس المحافظات، وأعلن المالكي خلاله أنه يرغب في «إعطاء صلاحيات واسعة للمحافظات لكن الدستور لم يتحدث عن ذلك أو كيف تكون مع بقاء الدولة الموحدة». وأعرب عن اعتقاده في أن « تعطي مسودة قانون مجالس المحافظات المقدمة صلاحيات واسعة للمحافظات لتكون قادرة على تنفيذ مشاريعها وتحويل الكثير من المشاريع التي تنفذها الوزارات إلى المحافظات لتخصيص درجات وظيفية جديدة».

وأوضح المالكي: «إننا وضعنا سقفنا للمشاريع التي تنفذها المحافظات وهي أن لا تزيد قيمة المشروع عن 50 مليار دينار»، مبينا أن «المشاريع العابرة للمحافظات تبقى من اختصاص الوزارات كمشاريع الطرق العامة والسكك الحديدية والسدود التي يطلق عليها مشاريع اتحادية أو سيادية»، مما يعني رفضا مبطنا للدعوة التي وجهها رئيس البرلمان أسامة النجيفي للحكومة بإلغاء عدد من الوزارات الاتحادية كلها ذات طبيعة خدمية. لكن المالكي اعتبر أن المشاريع التي يمكن أن تكون من حصة المحافظات فقط هي «مشاريع المياه والصحة والتربية» معتبرا في الوقت نفسه «أننا إذا تمكنا من وضع تلك الخطوات في قانون مجالس المحافظات سنتجاوز الكثير من المشكلات بين الوزارات والمحافظات».

وأشار المالكي إلى أن «الوضع الحالي يتطلب التركيز على قضية أساسية هي كيف يمكن إيجاد ظرف مستقر يجمع وحدة الحكومة ويعطي صلاحيات واسعة للمحافظات»، مؤكدا أن «ذلك هدف أساسي في النظام الاتحادي المعمول به في دول موحدة قوية وحكومات محلية تتمتع بصلاحيات واسعة»، مشددا في الوقت نفسه على أن «القضايا الأساسية كالسياسية الخارجية وحماية السيادة والأمن المركزي والثروات يجب أن تكون إدارتها مركزية من قبل الدولة وتوزيعها على المحافظات بشرط أن تتطور المحافظات وتكون قادرة على تنفيذ مهامها»، كاشفا أن «بعض المحافظات لم تنفذ حتى الآن سوى 7% من مشاريعها».

وفي وقت يستمر فيه الجدل بين القوى السياسية على صعيد الذهاب إلى الفيدرالية كحل دستوري لأزمة التهميش والإقصاء أو لتوسيع نطاق الصلاحيات اللامركزية للمحافظات غير المنتظمة بالإقليم، طالب المجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عمار الحكيم بضرورة تعديل قانون المحافظات الذي يستلزم تعديل قانون الموارد المالية وفك ارتباط المحافظات بوزارتي البلديات والعمل وتحويل البطاقة التموينية إلى المحافظات. وقال القيادي البارز في المجلس ورئيس لجنة التعديلات الدستورية في البرلمان العراقي الشيخ همام حمودي في بيان صدر عن مكتبه وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنه «إذا أردنا الوصول إلى فكرة الأقاليم بشكل صحيح، علينا تعديل قانون المحافظات رقم 21 الذي يستلزم تعديل قانون الموارد المالية، وكذا ينبغي فك ارتباط المحافظات بوزارة البلديات والعمل والشؤون الاجتماعية وتحويل البطاقة التموينية إلى المحافظات أنفسها». وأضاف حمودي أن «العراق يعيش في منطقة تعصف بها تحديات كبيرة وحرجة تستدعي مزيدا من التلاحم الوطني ورص الصفوف والابتعاد عما يشنج الأوضاع ويشجع على الفرقة والتناحر»، مشيرا إلى أن «طرح الفيدرالية والأقاليم الآن، جاء رد فعل على ممارسات تعطي مؤشرات على مزيد من الانقسام وعدم الثقة وهو ليس من صالح العراق». وأشار حمودي إلى أن «الأقاليم والفيدرالية الإدارية مطلب دستوري وشعبي، ولكن يجب مراعاة المناخات المناسبة لطرحه وتنفيذه حتى لا يأتي بانعكاسات سلبية على الوضع العراقي». ودعا حمودي الحكومة والبرلمان إلى «تعزيز اللامركزية، ونتوافق وطنيا على ذلك، وهذا ما سيجعل مجلس النواب أمام تحديات كبيرة على مستوى التشريع». كما دعا إلى أن يكون «الدستور هو الحاكم والشعب هو صاحب القرار الأخير، ونحن واثقون أن العراقيين يسعون إلى مزيد من التلاحم بعد أن سئموا الاستئثار والتمييز والظلم».