المنافسة على كرسي الرئاسة تؤجج الخلافات بين «ثلاثي» القيادة في تونس

في أحدث سبر للآراء: زعيم المؤتمر من أجل الجمهورية المرشح الأقوى لرئاسة البلاد

TT

ترك تمسك المنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بمنصب الرئاسة في التشكيلة الحكومية الجديدة وتهديده بمغادرة التحالف السياسي الذي بصدد التحضير لانطلاق عمل الحكومة، الكثير من التساؤلات في الساحة السياسية التونسية، فبعد سنوات من النضال ضد حكم بن علي ومصادرة العمل السياسي للحزب لمدة فاقت تسع سنوات، وجد المرزوقي نفسه بعد ثورة 14 يناير مرشحا قويا لمنصب رئاسة الجمهورية، ينافسه مصطفي بن جعفر الأمين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بعد أن أفردت حركة النهضة برئاسة الحكومة ممثلة في أمينها العام حمادي الجبالي.

ويبدو أن التنافس الكبير على منصب الرئاسة بين بن جعفر والمرزوقي قد دفع بحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات إلى «تعليق عضويته» في لجان العمل الثلاثية مع حركة النهضة، مطالبا بتوضيحات من قيادة هذه الحركة حول تصريحات أمينها العام حمادي الجبالي الأحد الماضي بسوسة حول «الخلافة» كنظام للحكم في تونس.

ولئن ارتبطت عملية تعليق العضوية في تلك اللجان بتصريحات الجبالي فإن متابعين للحياة السياسية التونسية يرون أن السبب الذي لم يقع الإعلان عنه يتعلق بالمنافسة التي يلقاها حزب التكتل من قبل حزب المؤتمر بشأن رئاسة البلاد، فالمرزوقي متمسك حسب تصريحات قيادات المؤتمر برئاسة تونس ويطالب بصلاحيات رئاسية وعدم اقتصار منصب الرئيس على المسائل الشكلية والشرفية. وكانت مصادر من حركة النهضة قد أكدت أنها تقف على نفس المسافة بين حزب المؤتمر وحزب التكتل في ما يخص المنافسة المفتوحة بينهما حول كرسي الرئاسة.

ويبدو أن مصطفى بن جعفر يسعى بدوره للفوز بهذا المنصب، إلا أن نتائج انتخابات المجلس التأسيسي قد تحسم المسألة لصالح المرزوقي الذي أفردته بالمرتبة الثانية وراء حركة النهضة بـ29 مقعدا في حين لم يحصل التكتل بصفة رسمية إلا على 20 مقعدا بعد العريضة الشعبية بقيادة الهاشمي الحامدي الذي تمكن من الحصول على 26 مقعدا.

وحول تمسك المرزوقي بمنصب الرئاسة قال سمير بن عمر القيادي في حزب المؤتمر: «إن المسألة بعيدة كل البعد عن التمسك بمنصب ما بقدر ما هي محل تفاوض بين مختلف الأطراف، وهي تدخل كذلك في باب الاستحقاقات التي تلي كل انتخابات، فحزب المؤتمر نجح في الحصول على المركز الثاني في انتخابات المجلس التأسيسي ومن حقه التفاوض حول المشهد السياسي القادم باعتباره معنيا مباشرة بكل البرامج التي سيقع تنفيذها في المستقبل. وعبارة (تمسك المرزوقي بكرسي الرئاسة) فيه الكثير من التجني، فالمرزوقي لم يبحث في السابق عن الكراسي، وهو مواصل على نفس النهج ومن حقه كرئيس لحزب فائز أن يطالب ببعض الاستحقاقات التي يرى أنه الأجدر بها من غيره». وأضاف بن عمر أن كل الخلافات ستحل عن طريق التفاوض بين مختلف الأطراف السياسية ولن تقف في طريق مسدود.

وقد أظهر أحدث سبر للآراء أجرته مؤسسة «سيغما كونساي» التونسية يوم 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي أن المنصف المرزوقي زعيم المؤتمر من أجل الجمهورية يحظى بثقة التونسيين لرئاسة الجمهورية، وذلك بنسبة 33.3 في المائة إذا كانت رئاسة الجمهورية منصبا دبلوماسيا شكليا، وهو يبتعد بفارق مهم عن بقية منافسيه، وخصوصا مصطفى بن جعفر رئيس التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (22.2 في المائة)، وهو يحتل نفس المرتبة ويحظى بنفس النسبة مع الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة المؤقتة. ويبتعد المرزوقي بنسبة كبيرة عن راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الذي لم يحظ سوى بنسبة 4.4 في المائة من الأصوات، وأحمد المستيري مؤسس حركة الديمقراطيين الاشتراكيين (2.2 في المائة فحسب).

أما إذا كان منصب الرئاسة فعليا والرئيس يحظى بصلاحيات هامة في إدارة البلاد، فإن المرزوقي يأتي بدوره في المرتبة الأولى وذلك بنسبة 24.6 في المائة من الأصوات، ويحتل الباجي قائد السبسي المرتبة الثانية بنسبة لا تزيد عن 15 في المائة. وتتراجع أسهم مصطفي بن جعفر إلى درجة دنيا حيث لا يحظى سوى بثقة 6.2 في المائة من التونسيين، وترتفع أسهم راشد الغنوشي في هذا الشأن وتصبح النسبة في حدود 5.9 في المائة من الأصوات، وصوت حسب سبر الآراء هذا 3.4 في المائة من المستجوبين لفائدة حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة، وهو يتساوى في ذلك مع كمال مرجان (وزير الخارجية في عهد بن علي ورئيس حزب المبادرة الذي تأسس بعد الثورة). أما بالنسبة لصلاحيات رئيس الدولة فإن إجماعا كبيرا قد حصل حولها وذلك بنسبة 80.5 في المائة يرون أن على الرئيس الجديد لتونس أن «يتدخل في الشؤون الداخلية والخارجية ومسائل الحكومة»، وترى نسبة 10.7 في المائة أن صلاحيات الرئيس ينبغي أن تبقى شكلية، وهي لا تتجاوز حدود الاهتمام بالملفات الخارجية.

وعلى مستوى التوزيع الجهوي لنسب الثقة في رئيس الجمهورية يتضح أن سكان تونس الكبرى والشمال الشرقي يساويان في منح الثقة بين المرزوقي وقائد السبسي، وترتفع الفوارق لتصبح قياسية بالنسبة لبقية ولايات (محافظات) الجمهورية.