كرزاي يحدد شروطا لنشر قواعد أميركية طويلة الأمد في أفغانستان

قال في اجتماع اللويا جيرغا: ربما تكون أميركا قوية وأغنى وأكبر مساحة.. لكننا أسود

TT

حدد الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، أمس، شروطه لنشر قواعد عسكرية أميركية على المدى الطويل في أفغانستان، خلال اجتماع اللويا جيرغا، الجمعية التقليدية التي تضم الأعيان الأفغان، الذي يستمر أربعة أيام ويبحث مستقبل البلاد ومساعي السلام مع طالبان.

وقال كرزاي في اليوم الأول من اجتماع اللويا جيرغا إنه يريد أن تكون العلاقات بين أفغانستان والولايات المتحدة علاقات بين «بلدين مستقلين»، مطمئنا الدول المجاورة، وخاصة الصين وروسيا، أن أي اتفاق طويل الأمد مع واشنطن لن يؤثر على علاقات أفغانستان بها. وعقد كرزاي الاجتماع لبحث اتفاق شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة وهو الاتفاق الذي يجري التفاوض بشأنه الآن مع واشنطن ويفترض أن يحكم العلاقات الأفغانية - الأميركية بعد انسحاب القوات القتالية الأجنبية من أفغانستان في 2014.

غير أن منتقدي كرزاي يقولون إن اجتماعه ليس سوى التظاهر بالقوة حيث ما زال أمامه وقت طويل للوصول إلى اتفاق الشراكة بينما نتائج اجتماع اللويا جيرغا غير ملزمة وقد غاب الخصوم السياسيون عن مشاوراته. كما هددت طالبان باستهداف الاجتماع المنعقد وسط حراسة أمنية مشددة.

وقال كرزاي بحضور ألفي مندوب في اجتماع اللويا جيرغا في كابل: «نريد سيادتنا الوطنية ونريدها اليوم. نريد أن تكون علاقاتنا مع أميركا علاقات بين بلدين مستقلين». ودعا الولايات المتحدة إلى وقف المداهمات الليلية وحل الهيئات الأجنبية، على غرار الفرق المدنية العسكرية المشتركة لإعادة الإعمار، وبناء مؤسسات موازية في أفغانستان كشرط لاتفاق شراكة استراتيجية بين البلدين. وقال إنه إذا التزمت واشنطن بشروط مماثلة، فإن أفغانستان ستكون مستعدة لاستضافة قوات أميركية على المدى الطويل. وتابع: «إذا أرادوا قواعد عسكرية، سنسمح بها، إذ هي في صالحنا وسيأتي المال وستتلقى قواتنا التدريب».

وتصر واشنطن على أنها لا تسعى لتثبيت وجود عسكري «دائم» في أفغانستان، بل تقول إنها تريد مساعدة قوات الأمن الأفغانية عبر تبادل الاستخبارات وتوفير القوة الجوية والدعم اللوجيستي بعد 2014. كما طمأن كرزاي البلدان المجاورة لأفغانستان حول طبيعة أي اتفاق للشراكة الاستراتيجية بين كابل وواشنطن، وقال: «نطمئن كافة البلدان الصديقة أنه لن يتم التدخل في أي بلد ولا أي بلد مجاور انطلاقا من أفغانستان». وأضاف: «أفغانستان ترى أن من صالحها الوطني الإبقاء على علاقات طيبة مع جيرانها، ونريد أن نتمتع كبلد مستقل بعلاقات جيدة مع الجيران مثل الصين وروسيا وغيرهما». ولدى دول مجاورة عدة هواجس إزاء نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة على المدى البعيد. وأردف كرزاي: «ربما كانت أميركا قوية وربما كانت أميركا أغنى وربما كانت أميركا أكبر مساحة، لكننا أسود!». وفي تلك الأثناء، واجهت وفود اللويا جيرغا نقاط تفتيش عدة قبل السماح لأفرادها بالدخول إلى القاعة حيث كان كرزاي، كما تم نشر الحرس الرئاسي على أسطح المباني ووضعت قوات الشرطة في حالة تأهب قصوى. من جانبها قالت طالبان إن الداعمين لوجود أميركي طويل المدى في أفغانستان خلال اجتماع اللويا جيرغا «خونة» و«يستحقون عقوبات قاسية». وقال بعض الشيوخ الذين حضروا الاجتماع إنهم تلقوا تهديدات عبر رسائل نصية.

وقتلت قوات الأمن، الاثنين، شخصا يشتبه في أنه كان بصدد تنفيذ هجوم انتحاري حيث كان يحمل حقيبة من المتفجرات قرب موقع الاجتماع، وذلك بعد يوم من تسريب طالبان ما يفترض أنه الخطة الأمنية للحدث وهو ما نفاه مسؤولون أفغان وغربيون.

وتحكم الشراكة الاستراتيجية الأميركية - الأفغانية العلاقات بين البلدين بعد عام 2014. ويعتقد أن المحادثات حول اتفاق بهذا الشأن تعثرت عند مسائل بينها مدى الدعم المقدم من الولايات المتحدة لقوات الأمن الأفغانية التي يفترض أن تتولى المسؤولية الأمنية الكاملة في البلاد في غضون ثلاثة أعوام، فضلا عن الحقوق الأساسية للقوات الأميركية. ومن المقرر أن يبحث الاجتماع وضع استراتيجية لمحادثات سلام بعد اغتيال برهان الدين رباني مبعوث كرزاي للسلام في سبتمبر (أيلول) الماضي. غير أن كرزاي لم يتطرق لهذا الشأن في خطابه سوى بشكل بسيط قائلا إنه «من الضروري أن ينعم شعبنا بالسلام، وإننا نجري محادثات مع أشقائنا بهذا الشأن، وستحترم نصيحتكم بهذا الصدد».

وقال الرئيس في بيان أول من أمس إنه سيعلن تفاصيل تتعلق بالمرحلة الثانية التي تنطوي على مناطق يتم نقل الصلاحيات الأمنية فيها من قوات حلف شمال الأطلسي إلى القوات الأفغانية، وهو ما لم يتطرق إليه خلال خطابه أثناء اجتماع اللويا جيرغا أمس. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد الدبلوماسيين الغربيين قوله إن كرزاي يريد من خلال عقد هذا الاجتماع التقليدي الحصول على «تفويض عام جدا» لمواصلة المفاوضات مع الولايات المتحدة.

غير أن شخصيات رئيسية مثل الخصم الرئيسي لكرزاي، عبد الله عبد الله وحليفه السابق أمير الحرب إبان الحقبة السوفياتية عبد الرشيد دوستم، قاطعت الاجتماع بوصفه «غير دستوري» وسط شكوك حول الطريقة التي اعتمدت لتعيين مندوبيه. ويقول محللون إن غياب الوضوح بشأن القضايا التي تبحثها اللويا جيرغا أثار شكوكا حول دوافع كرزاي من وراء عقده. وكتبت كيت كلارك من شبكة محللي الشؤون الأفغانية في مدونة على الإنترنت أمس أن «المندوبين أنفسهم لا يعرفون ما هي الأمور التي اجتمعوا لبحثها ولا كيفية قيامهم بذلك».