تصاعد التوتر في سوريا.. وناشطون يحذرون من «تنكر» الأمن والشبيحة بلباس «حفظ النظام» تمهيدا لزيارة المراقبين

مقتل 21 شخصا في أنحاء البلاد واستمرار المظاهرات المطالبة برحيل الأسد

احتراق دبابة للجيش السوري في درعا أمس في صورة مأخوذة من موقع «أوغاريت»
TT

مع تصاعد الضغوط العربية والدولية ضد النظام السوري، تصاعد التوتر في سوريا تمثل بتكثيف «الجيش السوري الحر» لعملياته ضد القوات النظامية، مقابل انتشار مظاهر أمنية مسلحة بكثافة في شوارع وسط العاصمة دمشق.

وقتل أمس 21 شخصا على الأقل بين مدنيين وعسكريين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد إن خمسة مدنيين قتلوا أمس بإطلاق رصاص في مدينة حمص فيما توفي ثلاثة آخرون متأثرين بجروح أصيبوا بها. كذلك تحدث المرصد عن وفاة مدني في منطقة الحولة في محافظة حمص متأثرا بجروحه. وكان أفاد المرصد أن «أربعة مواطنين سوريين هم ثلاثة منشقين ومدني استشهدوا صباح الأربعاء إثر كمين نصبته لهم قوات عسكرية نظامية في بلدة كفرزيتا بريف حماه». وأضاف أن ثمانية جنود من الجيش النظامي السوري قتلوا في الكمين.

ويستمر النظام السوري بتسيير المسيرات الشعبية في شوارع المدن للتعبير عن الغضب من قرارات الجامعة العربية، حيث شوهدت مسيرات للمؤيدين وسط العاصمة تطلق هتافات مناوئة للجامعة العربية والزعماء العرب، وذلك بالتزامن مع مرور الذكرى الأربعين للحركة التصحيحية التي استولى فيها الرئيس حافظ الأسد على السلطة في سوريا عام 1971. وفي الوقت ذاته تصاعدت حركة المظاهرات الاحتجاجية مع الشعور باقتراب الخلاص من النظام وغلب على الهتافات المطالبة بإعدام الرئيس.

وانطلقت مسيرات تأييد في غالبية أحياء دمشق أمس، قبل أن تتجمع في ساحة السبع بحرات وأمام مجلس الشعب في منطقة الصالحية، لتعود وتتفرق إلى مجموعات توجهت إلى مقرات بعض السفارات العربية والأجنبية، حيث هوجمت أمس سفارات المغرب ودولة الإمارات العربية وقطر. وكانت الجموع تردد في الشوارع «طز فيكي حرية» و«معليش شو فيها بشار ونصر الله حاميها». كما سيّر النظام مسيرات إلى مدينة القرداحة لقراءة الفاتحة على قبر الرئيس حافظ الأسد في الذكرى الأربعين للحركة التصحيحية ذكرى انقلاب حافظ الأسد على رفاقه في حزب البعث والذي كرسه رئيسا لسوريا لأكثر من ثلاثة عقود ليرثها بعد ابنه بشار الأسد.

وفي المقابل، نفذ الجيش السوري الحر هجمات في عدة مناطق في ريف دمشق على عدة أهداف أمنية ولأول مرة في توقيت واحد، وقعت اشتباكات عنيفة في الرستن الواقعة بين مدينتي حمص وحماه وسط البلاد، تلتها أنباء عن إرسال تعزيزات عسكرية إلى حماه يوم أمس.

وحذر ناشطون في دمشق أمس، من أن القيادة العسكرية السورية قامت بإنشاء وحدة عسكرية جديدة تابعة لحفظ النظام، وأنها تقوم «بنقل عناصر المخابرات إلى هذه الوحدة مع مسح كل الأدلة التي تثبت أن هؤلاء الأشخاص لهم علاقة بأجهزة المخابرات السورية». وأضاف الناشطون أنه «يتم تسليم هؤلاء بطاقات جديدة تثبت أنهم يتبعون لوحدة حفظ النظام في وزارة الداخلية كعناصر شرطة». وقال الناشطون إنهم علموا أنه «خلال أيام عطلة عيد الأضحى جرى نقل نحو 500 عنصر أمن لوحدة جديدة». ولفتوا إلى أنه يتم «تجنيد الشبيحة ضمن هذه الوحدة، مع الإشارة إلى أنه يتم أيضا سحب الأسلحة النارية الكبيرة الحجم مثل الكلاشينكوف واستبدالها بأسلحة رشاشة صغيرة الحجم تشبه السلاح الإسرائيلي (الأوزي) لأن هذا السلاح يتم إخفاؤه بسهولة بحيث لا يبقى بيدهم سوى الهراوة».

وقال ناشطون إن هذه الإجراءات تتم «استعدادا لاحتمال دخول مراقبين عرب أو دوليين، لإثبات عدم وجود مظاهر مسلحة في الشارع». وسبق أن قالت عدة مصادر محلية متطابقة إن النظام السوري بدأ بطلاء المدرعات والآليات العسكرية باللون الأزرق على أنها تابعة لقوات حفظ النظام في وزارة الداخلية. وكان أول ظهور للمدرعات الزرقاء في حمص في حي بابا عمرو خلال أيام العيد. وقال ناشطون أيضا إنه «يتم حفر أنفاق في محيط مدينة حمص لإخفاء الدبابات والآليات الثقيلة التي لم يتم طلاؤها»، وأشاروا إلى أنه يوجد ضمن مطار المزة العسكري قرب دمشق 3000 معتقل، وعلى الأرجح سيستخدمون دروعا بشرية لحماية المطار من القصف في حال حصل الحظر الجوي أو التدخل الدولي.

وتحدث ناشطون عن توجه الفوج 85 كاملا إلى حماه أمس، علما أنه يضم ثلاث مدرعات شيلكا وكتيبة مشاة محمولة وكتيبتين من القوات الخاصة ومجموعة من محطات إلكترونية حديثة مهمتها التشويش ومراقبة الاتصالات، إضافة إلى مجموعة من باصات تقل قوات أمن وشبيحة.

وكان سكان دمشق وريف دمشق قد سمعوا في مدينتي حرستا ودوما وحيي القابون وركن الدين وبرزة أصوات انفجارات في وقت متأخر من ليل أول من أمس. وقال بيان صادر عن «الجيش الحر» وزعه ناشطون على مواقع الإنترنت إن «الجيش السوري الحر» قام بتنفيذ «عمليات نوعية» في أغلب مناطق دمشق وذلك «لإفساد خطة يعدها النظام ضد أهلنا وشعبنا ولأجل أن يلحظ النظام أن الجيش السوري الحر قادر على ضربه بأي مكان وبأي وقت». وقال البيان إنه تم ضرب «فرع المخابرات الجوية الخاص بالمنطقة الجنوبية بجانب جسر حرستا ونفذ في داخله ومحيطه انفجارات قوية هزت أركان الفرع». كما جرى اشتباك بين الجيش السوري الحر والجيش السوري في حي القابون واشتباك آخر مع الجيش والشبيحة في دوما، وألحقت خسائر بقوات الأمن والشبيحة عند دوار البلدية في دوما، واشتباكات مع الحواجز في عربين وحمورية وسقبا بالإضافة إلى اشتباك في عش الورور على طريق المستشفى.

وقالت مصادر من الناشطين لـ«الشرق الأوسط» إن العمليات التي نفذت أمس في محيط مدينة دمشق «تهدف إلى تخفيف الضغط عن حمص وادلب وحماه ودرعا، وإن استهداف فرع المخابرات الجوية تحديدا لأنه الفرع الذي يتضمن وحدات الاغتيال الخاصة وعناصرها من الطائفة العلوية الموالية للرئيس شخصيا، كما أن هذا الفرع هو الأكثر قمعية ودموية واستهدافه هو مس بأحد أهم أعصاب النظام الأمنية».

وقالت مصادر محلية إن عربات ومركبات محترقة كانت في محيط الفرع في وقت مبكر من يوم أمس، كما أفاد ناشطون بأنهم سمعوا صوت انفجار كبير من مطار المزة العسكري بعد ظهر أمس. كما جرت بعد ظهر أمس اشتباكات قرب منطقة الدباغات بين عناصر من الأمن والشبيحة وجنود منشقين في منطقة عين ترما في ريف دمشق.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر في الجيش الحر، أن هناك نحو تسع كتائب تابعة له وهم من الجنود المنشقين في ريف دمشق، وأنهم يحصلون على السلاح إما شراء من السوق السوداء في سوريا، أو عبر الاستيلاء على سلاح الجنود الذين تتم مهاجمتهم. ويميز السكان بين إطلاق النار الصادر من القوات النظامية ونظيره الصادر من قوات الجيش الحر أو الثوار، ويقولون إن إطلاق النار الصادر عن القوات النظامية والأمن والشبيحة عادة يكون عشوائيا وكثيفا، أما الآخر فهو مقنن ومحدد، ومرد ذلك أن جيش النظام تتوفر لديه ذخيرة بكثرة فيما الجيش الآخر يحصل على السلاح والذخيرة بصعوبة كبيرة.

إلى ذلك، استمرت المظاهرات المنادية بإسقاط الأسد في أنحاء سوريا، وخرجت أمس مظاهرة حاشدة على الاتوستراد الدولي في حي الميدان في العاصمة دمشق وقامت قوات الأمن بإحراق الإطارات وإطلاق النار لتفريق المتظاهرين أسفرت عن عدة إصابات، كما تم اعتقال عدد من المتظاهرين، في حين حلق طيران مروحي فوق الحي.

وفي بلدة كفرومة في محافظة أدلب تحدثت مصادر حقوقية عن سقوط عدد من الجرحى بسبب إطلاق النار المباشر على المنازل، وقد وصل عدد الجرحى إلى 15 شخصا، منهم 6 نساء من عائلة الرحمون تم إسعافهن إلى مستشفى كفرنبل، وجرى اعتقال بعض الجرحى. كما تجاوز عدد المعتقلين أكثر من 30 معتقلا بالإضافة إلى خمسة مفقودين.

وفي بلدة القريتين، قال ناشطون إن ثلاثة طلاب تم اعتقالهم على خلفية مشاركتهم في مظاهرة خرجت أمس، وقد تعرضوا للضرب الشديد بأمر من مدير الناحية، ودعت تنسيقية القريتين ومهين إلى اعتصام في ساحة الحرية حتى الإفراج عنهم.

وفي بانياس خرجت مظاهرة طلابية في قرية البيضة، وفي الرقة انطلقت مظاهرة في كلية الآداب والتربية. وفي درعا جابهت قوات الأمن مظاهرة حاشدة انطلقت داخل مدرسة الغريبة للبنات، وبعد قيام الإدارة بمنع الأمن من دخول المدرسة، قفز عناصر الأمن من على الأسوار وحاصروا الطالبات.

كما خرجت مظاهرات طلابية في بلدة غباغب في درعا من كافة المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية.

وفي ريف دمشق خرجت مظاهرة طلابية من ثانوية بنات داريا العامة وثانوية الغوطة للبنين في شارع الثورة. وفي مدينة المعضمية بريف دمشق، خرجت مظاهرات من عدة مدارس، وتم بعدها قطع التيار الكهربائي مع شن حملة اعتقالات واسعة.

وفي حماه شهدت غالبية الأحياء مظاهرات، وسط إرسال تعزيزات أمنية وعسكرية إلى المدينة. وفي منطقة القلمون، شهدت جامعة القلمون الخاصة أحداث قمع عنيف على خلفية خروج مظاهرة طلابية داخل حرم الجامعة بعد يوم على خروج مظاهرات مماثلة في جامعات خاصة أخرى. وقال ناشطون إن قوات الأمن اقتحمت جامعة القلمون وشنت حملة اعتقالات واسعة. وقال ناشطون إن الأمن السوري منع الهلال الأحمر من دخول جامعة القلمون لإسعاف الجرحى.