ناشطون ميدانيون: الثورة السورية في خطر والتسلح ضرورة لنجاحها

قالوا لـ «الشرق الأوسط»: لولا السلاح الآتي من لبنان لما بقيت الثورة في حمص

قوات الأمن والشبيحة يعتدون على رئيس بلدية كفرنبل، في صورة مأخوذة من المركز الإعلامي السوري المعارض
TT

الحدود اللبنانية - السورية هي الأخطر اليوم على النظام السوري، فمنها يتسرب السلاح والناشطون الذين يتنقلون بين البلدين، بعكس الحدود التركية التي بات نقل السلاح عبرها صعبا، وكذلك الحدود العراقية التي صارت شبه ممنوعة على المعارضين. هذا ما شرحه ناشطون سوريون ميدانيون لـ«الشرق الأوسط»، حيث قال أحدهم بأنه «يدخل إلى سوريا بين الحين والآخر ثم يعود إلى لبنان». وقال الناشط الميداني الذي رفض الكشف عن اسمه «إن الأمر ليس سهلا لكن بالرشوة كل شيء يصبح ممكنا بما في ذلك دخول مدن سورية محاصرة». ويضيف الناشط: «صحيح أن التعاون بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والجيش السوري هو على أعلى مستوياته، لكن الحدود بين البلدين وعرة ومملوءة بالأشجار ومتداخلة بحيث إن ضبطها بالكامل يقارب المستحيل، على عكس الحدود السورية الصحراوية مع العراق، المكشوفة والعارية التي باتت خطرة على الثوار».

وأعرب الناشطون السوريون الميدانيون الذين التقيناهم عن فرحهم الشديد بقرارات جامعة الدول العربية الحازمة. ويقولون بأن أعضاءها «شربوا أخيرا حليب السباع، وبدأوا يسيرون في الطريق الصحيح».

لكن ناشطا ميدانيا تمكن من الذهاب إلى حمص وإدلب وصولا إلى القامشلي وعاد إلى لبنان مؤخرا يعلق بالقول: «الثورة السورية في خطر، وليس بمستبعد أن يتمكن النظام من قمعها في حال لم يؤخذ قرار دولي بتسليح الثوار». ويشرح الناشط الذي جال في أكثر من محافظة والتقى بمعارضين للتنسيق معهم: «يمكنني القول: إن النظام تمكن بالفعل من قمع الثوار في دير الزور وحتى درعا وحماه في ما الحسكة هادئة بالكامل. هؤلاء بشر، وليسوا ملائكة، حين ينزل 10 آلاف شخص إلى الشارع ويطلق عليهم الأمن النار بالرشاشات بشكل عشوائي، فهؤلاء سيعودون إلى بيوتهم، ولن يتمكنوا من الصمود». ويضيف الناشط «تتركز حرارة الثورة الآن بشكل جدي في 3 أماكن فقط، هي حمص حيث تدور معارك مسلحة حقيقية بين الثوار والنظام، بسبب قرب حمص من الحدود اللبنانية، وتمكن الثوار من تهريب السلاح. وهذا سر صمود حمص. وريف دمشق الذي يمكن نقل السلاح إليه من لبنان، وريف إدلب حيث ينقل بعض السلاح من تركيا، لكنه قليل نسبيا». ويضيف الناشط: «ما عدا ذلك، ما تسمعون عنه هو تحركات محدودة يقوم بها بعض الثوار بين الحين والآخر، لكن النظام يمسك بالفعل برقاب الناس حيث يشح السلاح، ويحكم قبضته، ومن يقول بأن جذوة الثورة لا تزال كما كانت يكذب على نفسه وعلى الناس».

ورغم أن بعض المعارضين المقيمين في لبنان الذين سألناهم، يعترفون بخمود جذوة الثورة في محافظات كانت مشتعلة سابقا مثل دير الزور ومدينة حماه، لكنهم يقللون من أهمية الأمر، معتبرين أنها «نار تحت رماد، وأن الثوار يعدون أنفسهم لجولات مقبلة ستكون أشرس».

هذا لا يطمئن الناشط الذي عاين الميدان بأم العين ويقول: إن الثوار الذين نسق معهم خلال جولته السورية «لا يرون مخرجا لحياتهم دون قرار بتسليحهم، فخسارة الثورة تعني موتهم المحقق أو في أحسن الأحوال اعتقالهم وتعذيبهم، لأن النظام لن يسامح من عمل ضده، كما أنهم غير متفائلين بتحقيق نصر على (أرمادا) مسلحة وهم عزل أو أشبه». ويضيف: «كل من يرفض التسليح هو خائن وموال للنظام، لأننا لا نرى أي مخرج ممكن غير هذا، ومن يرفض تسليحنا فليخبرنا عن البديل».

يشرح النشطاء الذين خبروا الميدان أن الحدود التركية أغلقت عمليا في وجوههم رغم كل ما يقال سياسيا عن الموقف التركي المتشدد والغاضب من نظام بشار الأسد. فسوريا هددت بتسليح «حزب العمال الكردستاني» في تركيا في حال سلحت تركيا المعارضين السوريين أو تساهلت في تهريب السلاح إليهم، وهو ما جعل أي تهريب للسلاح من تركيا أمرا شديد الصعوبة في الوقت الراهن. فالنظام في تركيا لا يريد أن يتورط مع 15 مليون كردي موجودين على أرضه، وهو يعمل ألف حساب قبل أن يقوم بأي خطوة عملية، لمساعدة الثوار. ويشرح أحدهم «نحن نعرف جيدا لبنان ومناطقه وقراه، وهو امتدادنا العربي والجغرافي، ونتحدث لغة الناس، في ما المناطق التركية نجهلها ونجهل لغة أهلها». أما الحدود العراقية فيصفونها بأنها «معادية» لهم، ويعتبرون النظام العراقي حليفا للنظام السوري. ويشرح أحد المعارضين أنه «بعد تشديد الحصار العربي والدولي على النظام، صار تحركه محصورا بريا باتجاه العراق وصولا إلى إيران شرقا، وباتجاه لبنان وحلفائه من حزب الله غربا. وبالتالي ليس للمعارضين سوى المنفذ اللبناني، رغم كل التضييق الذي يمارس على المعارضة، وحالات الاعتقال». وحين نشكك في وجود اعتقالات لعدم وجود إثباتات على ذلك. يخرج لنا أحد المعارضين الناشطين بطاقة بيضاء مختومة من الأمن العام اللبناني ويقول: «لقد كنت موقوفا لمدة أسبوع، صحيح أنني لم أضرب لكنني شتمت وأهنت، ووضعت في مكان لا يليق حتى بالحيوانات، وتم التحقيق معي، ولما لم يصلوا إلى شيء، أفرجوا عني على أن أغادر الأراضي اللبنانية خلال 48 ساعة».

وبالفعل فإن البطاقة رسمية ومختومة وموقعة من ضابط مسؤول، تعطي الناشط مدة يومين فقط لمغادرة لبنان. لكن المعارض السوري يقول بأنه يقوم باتصالات مع جهات لبنانية لحل مشكلته، ولا يزال خارجا عن القانون في الوقت الراهن.

لا ينكر الناشطون الميدانيون، الذين يعتبر مجرد ذكر أسمائهم هو تهديد مباشر لهم، أن أموالا تصل للمعارضة لشراء السلاح، لكنها تبرعات فردية ولا تزال غير كافية. والمشكلة الأساسية التي يواجهها الثوار، كما شرحوا لنا، حتى حين تتوفر جهة مثل المجلس الانتقالي الليبي مستعدة لتوفير السلاح لهم، فإنها تحتاج لمسار واضح، ولجهة محددة بمقدورها التعامل معها، وهي لا يمكن أن تكون إلا المجلس الوطني السوري. و«معضلتنا الآن، أن المجلس الوطني لم يعترف به بعد، ولم يتخذ موقفا مع تسليح الثوار». يعرب الناشطون الميدانيون عن حزنهم «لأن أموالا يتم التبرع بها لتسليحهم، تذهب نهبا، وتضيع لأنها تصل إلى أيدي وصوليين وانتهازيين. بهذا المعنى فإن من يتبرع ليس متأكدا من أن أمواله ستذهب للتسليح، والثوار تتم سرقة أموالهم قبل وصولها إليهم».

وحين نسأل: لكن ما هي الوسيلة لدخول الأسلحة التي تطالبون بها إلى سوريا ما دامت كل الحدود شبه مغلقة أمامكم؟ عندها لا يتردد الثوار الناشطون ميدانيا في القول: «الآن لا توجد غير الحدود اللبنانية، إلا إذا حدثت تطورات من نوع آخر».

ويختم أحدهم: «في المرحلة الأولى كنا نريد أن نثبت للعالم أننا ثوار مخلصون ولسنا عملاء مدسوسين. في المرحلة الثانية كانت مهمتنا أن نؤكد بأن ثورتنا سلمية، أما الآن في هذه المرحلة فنريد أن نقنع الجميع بأن السلمية لم تعد ممكنة مع هذا النظام، وعلى برهان غليون أن يقتنع بذلك وأن لا يرضخ للضغوطات التي تمارس عليه».