إجراءات أمنية مشددة في ريف دمشق بعد عملية حرستا

ناشط لـ «الشرق الأوسط»: النظام لا يمكنه السيطرة على المدينة

TT

تزايدت بشكل كبير الإجراءات العسكرية في معظم مناطق ريف دمشق بعد العملية النوعية التي نفذها الجيش السوري الحر في منطقة حرستا التابعة لمحافظة ريف دمشق، حيث استهدفت قواته مجمعا كبيرا للمخابرات الجوية، واشتبكت مع عناصر الحراسة موقعة قتلى وجرحى. فتمت إضافة حواجز أمنية، وشدد الحصار على مدن كثيرة تعاني منذ أشهر من انتشار الدبابات في شوارعها.

وقامت عناصر الجيش والأمن الموالية للأسد، وفقا لناشط ميداني يقيم في المدينة بتطويق معظم المقار الأمنية المنتشرة في المحافظة، خشية تعرضها لهجوم مماثل من قبل عناصر الجيش السوري الحر الذين يوجدون بكثرة في مدن ريف دمشق.

وأشار الناشط المعارض لـ«الشرق الأوسط» إلى أن اشتباكات عنيفة وقعت يوم أمس بين عناصر منشقين رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين والقوات النظامية الموالية للأسد، وقال: «الاشتباكات تحدث بشكل متقطع في معظم مدن ريف دمشق، لكنها تركزت منذ يوم أمس في محيط مدينة دوما التي تعد بؤرة حامية للاحتجاجات ضد نظام الأسد». كما يؤكد الناشط الذي تربطه علاقة تنسيق جيدة مع الكثير من عناصر الجيش السوري الحر الموجودين في المدينة «أن الجيش المنشق سيواصل عملياته ضد مراكز أجهزة الأمن التابعة للأسد، طالما أن القمع مستمر والاعتقالات والتعذيب في تزايد».

المدينة التي تحيط العاصمة السورية دمشق بشكل دائري من جميع الجهات، وتبلغ مساحتها نحو 18.018 كيلومتر مربع، ليست المرة الأولى التي تشهد اشتباكات عسكرية. فقد كانت قد تعرضت الشهر الماضي لحملة أمنية عنيفة من قبل قوات الأمن والجيش الموالين للأسد بهدف البحث عن جنود منشقين رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين وانضموا إليهم. فعاشت مناطق سقبا وحمورية وكفربطنا وجسرين ومديرة ومسرابا وشرق حرستا ودوما وعربين والكسوة وفقا لناشطين معارضين أياما صعبة، حيث انتشر القناصة على أسطح الأبنية وتم تثبيت الرشاشات الثقيلة على سيارات الجيش والأمن، فيما منع الأهالي والموظفون والطلاب من الخروج إلى أعمالهم ومدارسهم وسط عملية تمشيط كاملة للأراضي والبيوت واعتقالات عشوائية طالت عشرات الشبان من أهالي هذه المناطق.

وعن هذه الحملة الشرسة التي تعرضت لها المدينة، يقول الناشط المعارض «إن أكثر من 40 ألف عنصر من الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري تتبع للنظام الحاكم هاجموا ريف دمشق واشتبكوا مع الجيش السوري الحر في عدة مناطق من الغوطة الشرقية، وسط حملة اعتقالات عشوائية طالت عوائل بأكملها ومداهمة مزارع وبيوت وإغلاق كامل للمحال التجارية وحرق للممتلكات وإرهاب للنساء والأطفال مع قطع كامل للاتصالات عن المناطق المحاصرة». وأضاف «تخلل العملية العسكرية حدوث انشقاق كبير بين الجيش والأمن بمدينة عربين بريف دمشق وفي مدن أخرى تتبع للمحافظة، وجرت اشتباكات شديدة بين الطرفين».

ويقول أحد منظمي مظاهرات ريف دمشق «إن المدينة تعاني من انخفاض الزخم الاحتجاجي بعد الضربة العسكرية الشرسة التي تعرضت لها على يد عصابات الأسد إضافة إلى العدد الهائل من الشباب الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم داخل سجون الأسد، جاءت عملية الجيش السوري الحر لتعيد الثقة والأمل للمتظاهرين الممنوعين من الخروج في أي مظاهرة بسبب الحصار العسكري المفروض على معظم مناطق المحافظة». وأضاف: «النظام السوري لا يمكنه السيطرة على مناطق مدينة ريف دمشق، السكان هنا تربطهم علاقات قرابة فإذا استشهد أحد المتظاهرين في مدينة ما، من المحافظة، سيخرج جميع الأهالي للتظاهر انتقاما له»، كما أشار الناشط المعارض إلى أن «الحملات العسكرية التي تشنها آلة الحرب التابعة لنظام الأسد كانت تخفف من وتيرة الاحتجاجات الشعبية، لكن من الآن وصاعدا سيتم الرد على أي حملة اعتقالات أو اقتحامات تقوم بها ميليشيات الأسد بعملية مضادة من قبل الجيش السوري الحر، هذا الأمر سيحدث توازنا على الأرض وسيسمح بخروج المظاهرات من جديد، فالناس في ريف دمشق مصرون على إسقاط نظام الأسد، مهما كلف الأمر من تضحيات مادية وبشرية»، حسب الناشط السوري.

وقد كان ضباط منشقون عن الجيش السوري الموالي للأسد أعلنوا عن تشكيل الجيش السوري الحر، الذي يضم جنودا رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين في التاسع والعشرين من شهر يوليو (تموز) الماضي، مؤكدين في بيانهم التأسيسي أنه «سيتمّ التعامل مع قوات الأمن التي تقوم بقتل المدنيين ومحاصرة المدن على أنها أهداف مشروعة حيث سيقومون باستهدافها في جميع أنحاء الأراضي السورية من دون استثناء».

ويطالب الكثير من الناشطين السوريين المجلس الوطني السوري المعارض برئاسة برهان غليون بفتح قنوات تنسيق مع الجيش السوري الحر والاعتماد عليه في المرحلة المقبلة.