طالباني يخول نائبه الخزاعي بالتصديق على قرارات الإعدام

العراق ينفذ العقوبة بحق تونسي وعشرة آخرين بينهم امرأة

صورة أرشيفية لقبة ضريح الإمام العسكري في سامراء بعد تفجيرها في فبراير 2006 من قبل تنظيم القاعدة (أ.ب)
TT

بعد أقل من شهر على مناشدة الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع، الرئيس العراقي جلال طالباني إصدار عفو خاص عن المدان الرئيسي بتفجير قبتي سامراء التونسي الجنسية يسري فاخر، فقد صادقت رئاسة الجمهورية على أحكام الإعدام الصادرة بحق 11 مدانا بتهم الإرهاب، من بينهم فاخر الذي يعد مهندس أحداث العنف الطائفي في العراق 2006 - 2008. وجاء تنفيذ حكم الإعدام بحق هؤلاء المدانين وضمنهم قيادي «القاعدة» يسري فاخر، بعد نحو خمس سنوات من إلقاء القبض عليهم، وبعد أكثر من أربع سنوات من صدور أحكام الإعدام بحقهم.

وزارة العدل العراقية أعلنت في بيان لها حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه عن تنفيذ أحكام الإعدام بحق 11 مدانا بينهم امرأة وتونسي الجنسية مدان بتفجير الإمامين العسكريين، بعد صدور المراسيم الجمهورية بحقهم. وقال البيان إن «الوزارة نفذت اليوم (أمس) حكم الإعدام بحق المتهم يسري فاخر التونسي الجنسية والمدان بتفجير الإمامين العسكريين عام 2006، إضافة إلى تنفيذها حكم الإعدام بحق 10 آخرين بينهم امرأة». وأضاف البيان أن «تنفيذ أحكام الإعدام تم وفقا لأحكام المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، والمواد 406 و421 و197 من قانون العقوبات العراقي».

من جهته، أعلن وكيل وزارة العدل بوشو إبراهيم، أن «الجهات المختصة بالوزارة نفذت حكم الإعدام الصادر من القضاء العراقي ضد المجموعة المسؤولة عن جريمة تفجير الإمامين العسكريين في فبراير (شباط) 2006، ومن بينهم المسؤول الأول في الجريمة التونسي الجنسية يسري فاخر». وأضاف إبراهيم أن «عملية تنفيذ الحكم تمت أمس (أول من أمس) الأربعاء بعد اكتمال الإجراءات القانونية للتنفيذ».

وكانت رئاسة الجمهورية قد صادقت على حكم الإعدام بعد مصادقة محكمة التمييز العراقية عليه ضد المتورطين في حادثة تفجير مرقد الإمامين العسكريين عام 2006. ويأتي تنفيذ هذه الأحكام بحق التونسي بعد نحو شهر من مطالبة الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع نظيره العراقي جلال طالباني بإصدار عفو عن السجين التونسي في العراق يسري فاخر، الذي أصدرت بحقه المحكمة الجنائية المركزية في العراق، في الحادي عشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2006، حكما بالإعدام لمشاركته في تفجير مرقد الإمامين العسكريين، وقتل الصحافية أطوار بهجت في سامراء في 22 فبراير 2006. ويأتي تنفيذ هذه الأحكام بالإعدام بعد جدل طويل داخل الطبقة السياسية العراقية لجهة الموقف من أحكام الإعدام.

وفي الوقت الذي أثارت فيه عملية تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين المزيد من الجدل السياسي والقانوني، فإن رفض الرئيس العراقي جلال طالباني التوقيع على أحكام الإعدام قد أثار الكثير من الجدل والصراعات داخل الكتل السياسية، خصوصا لجهة تنفيذ أحكام الإعدام في حق بعض رموز النظام السابق، وفي المقدمة منهم وزير الدفاع الجنرال سلطان هاشم، ورئيس الأركان الجنرال حسين رشيد التكريتي. وفي وقت كان فيه نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي قد اشتهر خلال الدورة الرئاسية السابقة، حين كان أعضاء مجلس الرئاسة يتمتعون بحق الفيتو، برفضه المصادقة على أحكام الإعدام، فإن مجلس الرئاسة الحالي لا يتمتع أي من أعضائه، بمن فيهم الرئيس، بحق الفيتو على أحكام الإعدام الصادرة من المحاكم الجنائية العراقية.

وفي هذا السياق، فقد منح الرئيس جلال طالباني صلاحياته لتنفيذ أحكام الإعدام إلى نائبه خضير الخزاعي الذي تولى بدوره المصادقة على الأحكام المحالة إلى الرئاسة من القضاء. وبالفعل فقد صادقت رئاسة الجمهورية على إعدام 53 مدانا، بينهم خمسة من مختلف الجنسيات الأجنبية. وكان وزير العدل حسن الشمري قد أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي عن تسلم الوزارة 40 مرسوما جمهوريا بالإعدام. وكانت حادثة تفجير قبتي الإمامين العسكريين في مدينة سامراء (120 كم شمال غرب بغداد) والتي أعلن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين مسؤوليته عن تنفيذها قد فجرت أحداث العنف الطائفي في العراق، تلك الأحداث التي أسفرت عن مقتل أكثر من 120 ألف مواطن عراقي وتهجير ونزوح أكثر من مليونين آخرين في داخل البلاد (إقليم كردستان) أو دول الجوار وفي المقدمة منها سوريا والأردن ولبنان.

كما عمقت تلك الأحداث المأساوية الانقسام المجتمعي الحاد في العراق، الأمر الذي جعل الحراك السياسي في البلاد منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم محكوما بما ترتب عليها من تبعات، خصوصا مع تزايد نفوذ الميليشيات لا سيما تلك المدعومة من إيران، في مقابل نفوذ تنظيم القاعدة الذي كان يتخذ من عدد من المحافظات الغربية في البلاد ملاذات آمنة له قبل أن يبدأ نفوذه في التضاؤل عقب قيام أبناء تلك المحافظات بدءا من الأنبار بمطاردته عبر ما عرف بمجالس الإنقاذ أو الصحوات، والتي حظيت بدعم أميركي كبير خلال الفترة التي كان يتولى فيها الجنرال ديفيد بترايوس مهمة قيادة القوات الأميركية في العراق.