مريم داعلي لـ «الشرق الأوسط» : أتعاطف كثيرا مع حركة «20 فبراير» لأنهم أيدوا التغيير

أصغر مرشحة في انتخابات المغرب درست في بريطانيا واختارت أفقر مناطق الدار البيضاء

مريم داعلي أصغر مرشحة في الانتخابات المغربية («الشرق الأوسط»)
TT

لم تخف مريم داعلي، أصغر مرشحة مغربية، وهي من النساء القلائل اللائي يترأسن لائحة في دائرة جغرافية، مدى الصعوبات التي تواجهها في «منطقة مولاي رشيد» في الدار البيضاء، وهي الدائرة الانتخابية التي اختارت الترشح فيها باسم حزب الأصالة والمعاصرة، مبرزة أن هذه المنطقة تعاني مشاكل «التهميش والفقر» وأنها من حيث حجم وخبرات المتنافسين تعتبرها «دائرة موت»، مشيرة إلى أن معظم المترشحين معها لهم تجربة برلمانية سابقة، وهي لا تتردد في أن توجه لهم انتقادات باستعمال طرق غير نزيهة في حملاتهم الانتخابية في الدائرة، التي تتنافس فيها 22 لائحة حزبية.

مريم داعلي، شابة تبلغ من العمر 23 سنة، من أب كان يساريا في حين تنتمي والدتها إلى حزب الأصالة والمعاصرة. حصلت على شهادة البكالوريا الفرنسية في الرياضيات في الدار البيضاء عام 2006، وعاشت أربع سنوات في لندن بعد أن أنهت دراستها الجامعية حيث حصلت على إجازة في إدارة الأعمال برتبة مشرفة من جامعة «ويست مينستر»، تدربت في مكتب للمحاماة في أميركا، وتدير اليوم مقاولة تجارية في الدار البيضاء. تعتبر مريم من الوجوه الجديدة التي قررت أن تخوض غمار المنافسة في الانتخابات المغربية التي ستجري بعد أسبوع، وكانت تزكيتها من حزب الأصالة والمعاصرة مثار نقاش داخل الحزب، خاصة أنها أعلنت رغبتها في الترشح وكيلة للائحة جغرافية بدل الترشح ضمن اللائحة الوطنية للنساء، وهناك كانت ستكون فرصها كبيرة للفوز. وفي ما يلي نص الحوار الذي أجرته «الشرق الأوسط» معها في الدار البيضاء.

* ما أهم الصعوبات التي تواجهينها بعد أيام من انطلاق الحملة الانتخابية؟

- أجد صعوبات كثيرة، تكمن بالأساس في طبيعة الدائرة التي ترشحت بها من حيث مشاكل التهميش والفقر التي تعانيها ومن حيث المتنافسين، إذ إن منطقة مولاي رشيد تعرف نوعا من العزوف السياسي نظرا لفقدان سكانها الثقة بالمرشحين، وعدم حماسهم للمشاركة في الانتخابات، مما يتطلب كخطوة أولى إقناعهم بالتصويت، كواجب وطني من أجل التغيير، سواء على حزب الأصالة والمعاصرة أو أي حزب آخر، أما على مستوى المتنافسين فمعظم الأحزاب تشارك بمرشحين لهم تجارب سابقة في البرلمان، على خلاف وضعيتي إذ إنها أول تجربة أخوضها وأنا أصغر مرشحة سنا، إلى جانب إقدامهم على استغلال فقر سكان المنطقة.

* لماذا اخترت حزب الأصالة والمعاصرة من دون باقي الأحزاب الأخرى؟

- أولا لأنه حزب جديد ليس له ماض يمكننا محاسبته عليه، وثانيا لأنه أعطى الفرصة للشباب في ممارسة العمل السياسي، وخير مثال على ذلك كونه منحني تزكية على خلاف برلماني سابق من الحزب له تجربة كبيرة، وذلك إيمانا من الحزب بدفع الشباب لبناء مغرب جديد والمساهمة في مشروع الإصلاح.

* لماذا اخترت الترشح في لائحة جغرافية بدل الاستفادة من عدد المقاعد المخصصة للنساء في اللائحة الوطنية؟

- كان قرارا مرفوعا إلى أعلى سقف من التحدي، لأني أردت أن أفوز بثقة الناخبين وليس الاستفادة من نظام «الكوتة» (الحصة)، وعلى الرغم من أنها أول تجربة لي كمرشحة فإنني أطالب بالتغيير كشابة وامرأة في دائرتي الانتخابية، وهذا الأمر يفضي بالضرورة إلى إقناع جميع الشباب بأهمية المشاركة في الانتخابات، وأسعى إلى إثبات برنامج حزب الأصالة والمعاصرة الذي وضع ثقته بي.

* تزكيتك من قادة حزب الأصالة والمعاصرة أثارت نقاشا داخل الحزب خاصة لدى بعض الأعضاء الذين يرون أنك تفتقدين للتجربة السياسية، ماذا حدث بالضبط؟

- لا بد في البداية أن أوضح أن الممارسة السياسية ليست هي الممارسة الانتخابية، ذلك أني مارست العمل السياسي منذ سنين، لكن الآن تبقى هذه أول تجربة لي كمرشحة في الانتخابات المقبلة. أما الذين يشككون في قلة تجربتي للممارسة السياسية فلأنهم يعتقدون أنه ليست لي تجربة في الفوز بمقعد انتخابي في الدائرة التي ترشحت بها، لذلك فأنا أفند هذا القول، ولا أعتبره معيارا سواء في الممارسة السياسية أو الانتخابية، لأن الرهان هو التعلم وخوض تجربة تنافس جديدة في الانتخابات، فأنا جامعية ومثقفة وأتوفر على مستوى جيد من التواصل إلى جانب الصدق والمصداقية، وأعتقد أني مؤهلة كمرشحة.

* ما تقييمك للشأن السياسي في المغرب منذ انطلاق الحراك العربي حتى إقرار دستور جديد؟

- أرى أن ذلك أنتج صحوة سياسية عند المغاربة، حركة «20 فبراير» الشبابية خرجت مطالبة بالتغيير، وتم ذلك بانخراط المغرب في مسلسل إصلاحات واسع أفرز دستورا جديدا، فيجب علينا تثمينا للإصلاح واستمرارا في التغيير، الانخراط في التصويت يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حتى يضمن الجميع تفيعل الدستور وتشكيل حكومة تمثل الشعب والمصلحة العامة للبلاد. أنا أتعاطف كثيرا مع حركة «20 فبراير» لأنها أيدت التغيير وطالبت بإسقاط الفساد والاستبداد، لكني أختلف معها حول مقاطعة الانتخابات، إذ يجب عليها الدعوة إلى المشاركة في التصويت من أجل إزالة رموز الفساد على اعتبار الانتخابات التشريعية هي آلية من آليات التغيير.

* من كان وراء ترشحك في هذه الانتخابات التشريعية أو ممارستك السياسية؟

- كنت أعتبر منذ سنوات دراستي في المرحلة الثانوية أن الحديث في السياسة أمر لا نستطيع التداول فيه، نظرا للانتماء اليساري لوالدي وما عرفته تلك المرحلة من اعتقالات وتعسفات، لكن بعد سنوات ترشحت والدتي مع حزب الأصالة والمعاصرة، وكان ذلك عام 2009 في انتخابات المجالس البلدية وفازت، ومنذ ذلك الحين وأنا على اطلاع ومتابعة للشأن السياسي في المغرب، مما أثار داخلي رغبة الانخراط في العمل السياسي، إضافة إلى أجواء الربيع العربي الذي ساعدني على تبني مواقف سياسية عديدة، فأصبحت أرى ضرورة المساهمة في التغيير من داخل المؤسسات التشريعية وليس فقط الاقتصار على الشارع.

* ولماذا اخترت الأصالة والمعاصرة؟

- اخترت الحزب بمبادرة شخصية، وهم اختاروا تزكيتي لإعطاء فرصة للشباب، وقد التزمت بالإجراءات واللوائح الداخلية للحزب، إذ حين تقدمت بترشيحي في منطقة مولاي رشيد، رفضت تزكية مرشح آخر من نفس الحزب وهو برلماني سابق، لكنه لم ينضبط ورحل إلى حزب آخر، وحصل على تزكية منه في نفس المنطقة، فأصبح منافسا لي في دائرة مولاي رشيد بعد أن كان حريا به الانسحاب من الترشح وتزكيتي، لكن على الرغم من كل ذلك فإن حماسي تضاعف لخوض معركة المنافسة في هذه الدائرة وتحقيق الفوز بمقعد فيها.

* يرى حزب العدالة والتنمية أن حزب الأصالة والمعاصرة تم تأسيسه أساسا للقضاء عليه، وأن التحالف من أجل الديمقراطية الذي يضم ثمانية أحزاب كان القصد منه عزله عن المشهد السياسي؟

- لا أظن ذلك، لأننا في بلاد تعيش تعددية حزبية، وكل حزب له برنامج سياسي وله الحرية في التحالف مع أي حزب يريد، والحاسم في ذلك هو التصويت واحترام اختيار الناخب، والقول بذلك يسير في اتجاه أن حزب العدالة والتنمية بنى أطروحته السياسية على مفهوم «الضحية»، وكان طوال مساره السياسي يقدم نفسه باعتباره ضحية لسياسة وزارة الداخلية والأحزاب الأخرى.