وكالة الطاقة الدولية تدين إيران.. وطهران ترد: لن نتراجع ولو لثانية واحدة

السعودية تتطلع إلى تعاون إيراني.. والمندوب الأميركي ردا على سؤال لـ «الشرق الأوسط» : على سلطانية وقف تصويب سهامه ضد الوكالة

علي أصغر سلطانية المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل عقد اجتماع أمناء الوكالة في فيينا أمس (أ.ب)
TT

تبنى مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عصر أمس قرارا جديدا يدين عدم التزام إيران بالقرارات الدولية التي تلزمها بتطبيق اتفاقات الضمان النووي، مطالبا إيران بالتعاون الكامل مع الوكالة لتوضيح المسائل العالقة لا سيما المزاعم التي تتهم النشاط النووي الإيراني بأبعاد عسكرية.

هذا، وكانت القوى دائمة العضوية بمجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا قد تقدمت بمشروع القرار الذي هدفت لتمريره بالإجماع إلا أن مشروع القرار وبطلب من دولة كوبا خضع للتصويت في مجلس وكالة الطاقة الذي يتكون من 35 دولة، فحصل على 32 صوتا فيما صوتت كل من كوبا والإكوادور ضده بينما امتنعت إندونيسيا عن التصويت.

هذا ويعرب القرار كما جاء في وثيقة اطلعت عليها «الشرق الأوسط» عن قلقه العميق والمتزايد بشأن المسائل العالقة حول برنامج إيران النووي بما في ذلك المسائل التي تحتاج إلى توضيح من أجل استبعاد وجود أبعاد عسكرية محتملة، مشددا مرة أخرى على القلق البالغ بأن إيران تواصل تحدي الشروط والالتزامات الواردة في القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلسي الأمن والمحافظين، مذكرا أن إيران ما لم تتعاون مع الوكالة على النحو اللازم فإن الوكالة لن تكون في وضع يمكنها من تقديم ضمانات موثوقة حول عدم وجود مواد وأنشطة نووية غير معلنة في إيران وبالتالي الخلوص إلى استنتاج بأن جميع المواد النووية في إيران هي في نطاق الأنشطة السلمية.

في سياق مواز يحث القرار إيران مرة أخرى على الامتثال بشكل كامل ودون إبطاء لالتزاماتها بموجب القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن والوفاء بمتطلبات مجلس محافظي الوكالة وتنفيذ البروتوكول الإضافي. كما يؤكد أنه من الضروري على إيران والوكالة تكثيف الحوار بينهما الهادف إلى تسوية على نحو عاجل جميع المسائل الجوهرية العالقة بغرض تقديم توضيحات بشأن تلك المسائل بما في ذلك إتاحة الوصول إلى جمع المعلومات والوثائق والمواقع والأشخاص المعنيين في إيران.

إلى ذلك، يعرب القرار عن دعمه المتواصل لحل دبلوماسي، داعيا إيران للانضمام بجدية ودون شروط مسبقة في محادثات بهدف استعادة الثقة الدولية في الطابع السلمي المحض لبرنامجها النووي مع احترام الحق الشرعي في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

من جانبه، قال المندوب الأميركي لدى الوكالة السفير غلين ديفيز، في مؤتمر صحافي عقده عقب الجلسة، ردا على سؤال من «الشرق الأوسط» إن اعتماد مجلس الحكام للقرار بالتصويت بدلا عن الإجماع، كما ظلت الولايات المتحدة وحلفاؤها يحاولون ويضغطون طيلة الفترة الأخيرة خاصة يومي انعقاد المجلس، لا يقلل من أهمية القرار أو يضعفه، وإن كان جيدا أن يتم اعتماد قرارات المجلس بالإجماع، مشيرا إلى أن الديمقراطية التي تسود عمل المجلس تتطلب الإذعان حتى لطلب دولة واحدة وذلك في إشارة لطلب دولة كوبا بضرورة التصويت، مواصلا أن قوة القرار تجيء في كونه يبعث رسالة هامة لإيران تقول بصوت واضح ولغة بينة إن المجتمع الدولي يطالبها بالإسراع في الامتثال وإن المجتمع الدولي يلتف حول الوكالة الدولية وما تصدره من معلومات ووثائق، مطالبا المندوب الإيراني بعدم تصويب سهامه ضد الوكالة بدلا من الرد على أسئلة الوكالة والعمل على مدها بما يبيض صفحة إيران ويعيد إليها ثقة المجتمع الدولي المفقودة في برنامجها النووي الذي أصبح مصدر قلق غير مقبول. وكرر القول إن المنفذ الوحيد أمام إيران هو الالتزام الكامل بالقرارات الدولية وليس توجيه الهجوم ومحاولة تشتيت الانتباه.

من جانبه، قلل المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية، السفير علي أصغر سلطانية من أهمية القرار، الذي وصفه بكونه مجرد دلالة جديدة على سيطرة حفنة دول غربية على الوكالة، شانا هجوما شديد اللهجة على يوكيا أمانو مدير عام الوكالة متهما إياه بالضعف وبالتردد وعدم اتخاذ قراراته إلا بعد استشارة الولايات المتحدة الأميركية ودول لها أجندة سياسية ضد إيران مما حول الوكالة كما قال من وكالة تقنية إلى جهاز مسيس يفتقد المصداقية كما يفتقد القدرة على الحفاظ على سرية المعلومات بل ويسعى لتسريبها، متسائلا كيف تسنى لأمانو عرض معلومات حواها ملحق خاص بتقريره وعرضها على 5 دول نووية سمى من بينها كلا من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا؟ ساخرا مما قال أمانو إنه عرض تلك المعلومات على دول قدمتها للوكالة وذلك بغرض التأكد من صحتها لا أكثر.

مؤكدا أن القرار وغيره من أوامر لن تثني إيران عن حقها في نشاط نووي آمن. معلنا أن إيران ستواصل تخصيب اليورانيوم ولن توقفه كما أنها لن تستجيب لأية مطالب تفرضها دول تمييزية مزدوجة المعايير، مؤكدا أن إيران لم تحول حتى غرام يورانيوم واحد لسلاح نووي، مواصلا أن إيران لن تستقبل في الوقت الحالي البعثة التي اقترحها مدير عام الوكالة وذلك لأن بلاده بصدد إعادة النظر في موعد وصول البعثة وما ستقوم به، محملا مدير عام الوكالة تبعة ذلك. وقال سلطانية إن الجمهورية الإسلامية لن توقف تخصيب اليورانيوم ولو حتى «لثانية واحدة» موضحا أن بلاده لن تتراجع في النزاع مع القوى الكبرى.

كما أعلن سلطانية عن أن بلاده لن تشارك في اجتماع حول منطقة منزوعة السلاح النووي في الشرق الأوسط تنظمه الأسبوع المقبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقال في رد على سؤال «الشرق الأوسط»: «كيف يمكننا أن نشارك فيه؟»، متذرعا بالقرار الذي اتخذته الوكالة وبرفض إسرائيل توقيع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.

وكانت الدول العربية وإسرائيل قد أعلنت عن موافقتها على المشاركة في الاجتماع، وسط آمال ضئيلة بأن يسفر عن نتيجة ملموسة.

من جانب آخر، ورغم ما بدا واضحا في لغة البيان الذي أصدرته وكالة الطاقة من «ليونة» إزاء إيران، فقد أشارت مصادر دبلوماسية في تعليق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن القرار قد يفتح المجال أمام فرض حزمة عقوبات أكثر تشددا حتى ولو من قبل دول بصورة فردية، ووفقا لذات المصادر فإن إيران دن شك تواجه موقفا دوليا لا تحسد عليه بعد أن صدر في حقها 11 قرارا دوليا من مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدءا من عام 2004 بالإضافة لشكويين أحالتا ملفها لمجلس الأمن عام 2006 و2009، بجانب 4 قرارات صدرت بحقها من مجلس الأمن الدولي.

في سياق آخر، استبعدت مصادر أن يبادر مجلس الأمن لاستصدار حزمة عقوبات خامسة ضد إيران خشية إغضاب الصين وروسيا اللتين تربطهما بإيران علاقات اقتصادية بما في ذلك تعاون نووي، ومعلوم أن الدول الغربية بما في ذلك الولايات المتحدة كانت قد سعت لترضيتهما بتخفيف لغة القرار حتى توافقا عليه وإلا اعتبر أكثر ضعفا.

إلى ذلك، رحبت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بقرار مجلس المحافظين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية وقالت كلينتون: «لقد أرسل العالم رسالة واضحة ومحددة لطهران حول القلق البالغ من الأدلة التي كشف عنها تقرير المدير العام للوكالة الأسبوع الماضي، الذي قدم تأكيدات واضحة لما تعتقده الولايات المتحدة منذ فترة طويلة - على الرغم من النفي المستمر – من أن الحكومة الإيرانية واصلت استخدام تكنولوجيات ومعدات لبرامج تصنيع أسلحة نووية».

وأضافت كلينتون: «قالت إيران إنها تسعى للطاقة النووية لأغراض سلمية فقط، ومع ذلك فإن تقرير المدير العام للوكالة ومجلس المحافظين يؤكد أن المجتمع الدولي لا يجد أي مصداقية في ما تقوله إيران».

كما رحبت فرنسا بالقرار «الحازم» وهددت بفرض «عقوبات عليه لا سابق لها» على إيران في حال رفضت الالتزام بواجباتها الدولية.

وكانت المملكة العربية السعودية قد أبدت دعمها لجهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تطالب إيران بضرورة الإسراع في التعاون بشكل جدي مع الوكالة بغية توفير التوضيحات المتعلقة بالأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامج إيران النووي، مؤيدة مناشدة مدير عام الوكالة وما نصت عليه القرارات الملزمة الصادرة عن مجلس المحافظين والقرارات الإلزامية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، باتخاذ خطوات في اتجاه تحقيق التنفيذ التام لاتفاق الضمانات المعقود مع إيران والتزاماتها الأخرى.

جاء ذلك ضمن البيان الذي ألقاه باسم المملكة، أمام مجلس حكام الوكالة في اجتماعه أمس، الدكتور خالد بن محمد سليمان، نائب رئيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة. وأشار البيان إلى أن المملكة كانت تتطلع إلى استجابة وتعاون إيران الكامل مع القرارات التي أصدرها مجلس حكام الوكالة بشأن تطبيق اتفاق الضمانات إلا أن التقرير الأخير الذي أعده مدير عام الوكالة والمعروض أمام المجلس قد خلص إلى وجود مخاوف جدية حيال الأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامج إيران النووي مما يثير القلق والشكوك والمخاوف حيال البرنامج النووي الإيراني