المجلس العسكري يغيب عن المشهد السياسي في مليونية «حماية الديمقراطية»

المصريون في انتظار الرسالة الـ«81»

TT

مع دوران عقارب الساعة خلال فعاليات المظاهرة المليونية، أمس، التي طالبت بتسليم السلطة في البلاد لرئيس مدني منتخب، انتظر المصريون الرسالة رقم (81) للمجلس العسكري (الحاكم)، لكنه لم يصدر بيانا يستبق فيه المظاهرات، كما اعتاد خلال الأشهر الماضية، وهو ما فاقم حدة هواجس الشارع المصري تجاه نيات «العسكري»، وبخاصة مع اقتراب موعد إجراء أول انتخابات برلمانية تشهدها مصر بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير (شباط) الماضي.

وظلت أمينة عبد الحميد، وهي ربة منزل شابة، تتابع بقلق وسائل الإعلام المصرية والعربية والمواقع الإلكترونية يوم أمس، متلهفة لأن تلتقط بصيصا من النور يطمئنها على مستقبل أبنائها الصغار ووضع البلاد؛ لكن المجلس العسكري فضل الصمت هذه المرة كـ«تعليق على مليونية تطالب برحيله». وأثار غياب رسالة المجلس العسكري التحذيرية التي يتم بثها عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وأصبحت تقليدا تنتظره القوى السياسية قبل دعواتها للتظاهر، علامات استفهام كثيرة. وكانت آخر رسالة أصدرها «العسكري» وحملت رقم «80» تضمنت تهنئة للمصرين بمناسبة عيد الأضحى.

وبينما علق سياسيون على غياب رسائل المجلس العسكري بقولهم إن «عدم صدور الرسالة الـ(81) مقصود، نظرا للغضب الشديد في الشارع المصري»، ويرى محللون أن المجلس العسكري مطالب بتبديد الغموض الدائر حول عدد من النقاط بأسرع صورة ممكنة من أجل بث الطمأنينة في قلوب المصريين، ومن أبرز تلك النقاط المثيرة للهواجس هي الإجراءات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية.

وجدد غياب تواصل المجلس العسكري مخاوف من تكرار أخطاء نظام مبارك، وقال مراقبون إن ردود فعل مبارك البطيئة كانت سببا رئيسيا في ما جرى خلال الثورة. وعلقت المواطنة المصرية أمينة، قائلة: «أطالب (العسكري) بالتفاعل بصورة أسرع لحمايتنا من الوقوع تحت طائلة البلبلة التي قد تؤدي إلى عواقب وخيمة». وسبق أن أحجم المجلس العسكري عن إصدار تعليق عن آخر مظاهرة مليونية شهدتها مصر يوم «جمعة المطلب الوحيد» في 28 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي طالبت بتسليم السلطة إلى رئيس وبرلمان مدنيين منتخبين في موعد أقصاه مايو (أيار) المقبل. لكن كانت آخر رسالة للمجلس العسكري في مليونيات أيام الجمعة، في «جمعة استرداد الثورة» يوم 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، وكان لافتا تخلي المجلس عن ديباجته التي تؤكد على حق التظاهر السلمي، واكتفى المجلس حينها بتأكيد تحذيراته، بقوله: «إن القوى التي دعت إلى المظاهرة تتحمل مسؤولياتها الوطنية في التنظيم والتأمين والحفاظ على كافة المنشآت الخاصة والممتلكات العامة، وإن أي تجاوز ضد وحدات القوات المسلحة أو المنشآت الهامة، هو تهديد للأمن القومي وسيتم التعامل معه بمنتهى الشدة والحزم ومحاسبة مرتكبيه».

وسبق «مليونية استرداد الثورة» بأسبوع، ظهور المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في وسط مدينة القاهرة، بملابس مدنية، وهو الظهور الذي آثار تكهنات عديدة بشأن نية المجلس العسكري في نقل السلطة إلى المدنيين.

وخلال 10 أشهر من عمر الثورة المصرية، حاول المجلس العسكري أن يحتفظ بمسافة ثابتة مع الجميع؛ لكن ثمة فترات شهدت ما وصف بأنه تقارب بين بعض القوى والمجلس أكثر من غيرها.

وعقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) مباشرة، تنامت العلاقة بين المجلس العسكري وقوى الشباب والأحزاب السياسية من خلال رسائله على صفحته الرسمية على الإنترنت، وهو ما مثل مسايرة لنمط الثورة التي قام بها شباب ومثلت مواقع التواصل الاجتماعي إحدى دعائمها، إلا أن ذلك التقارب شهد فتورا وتباعدا؛ بل وهجوما علنيا، عقب رفض المجلس العسكري تحديد جدول زمني لنقل السلطة، ونيته في إصدار وثيقة خاصة بالمبادئ الأساسية الحاكمة للدستور، عبر إعلان دستوري ملزم أعدها الدكتور علي السلمي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وتقديم نشطاء سياسيين إلى محاكمات عسكرية. وقال جمال عيد، مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، إن اختفاء رسالة المجلس العسكري الـ«81» مقصودة، موضحا أن المجلس العسكري اختفى تماما عن المشهد السياسي منذ ما يقرب من أسبوع بناء على نصيحة أحد المقربين منه، نظرا لغضب الشارع المصري. وتوقع عيد عدم صدور أي رسالة عن المجلس للتعليق على مليونية أمس، مؤكدا أن المصريين والثوار لم يعودوا في حاجة لرسائل «المجلس العسكري» بعد أن شعروا بعودة روح «ثورة يناير» من جديد.