القوى الإسلامية تسير على خطى حزب مبارك في حشد أنصارها

خصصت حافلات لنقلهم من المحافظات البعيدة

TT

قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات البرلمانية، احتشد أمس في ميدان التحرير آلاف من المصريين أغلبيتهم الساحقة من المنتمين للقوى الإسلامية في مصر، للمشاركة في مليونية «حماية الديمقراطية» بينهم أعداد كبيرة من المتظاهرين القادمين من خارج القاهرة، حيث تكدست مئات الحافلات التي جلبت المتظاهرين في المناطق المحيطة بميدان التحرير في مشهد ذكر الكثيرين بالحافلات التي استخدمها الحزب الوطني (المنحل) في جلب أنصاره أثناء الاستحقاقات الانتخابية المختلفة عبر عقود.

وعلى مقربة من ميدان التحرير، توقفت عشرات الحافلات التي جلبت المتظاهرين من محافظات مصر المختلفة للمشاركة في الجمعة التي طغى عليها القوى الإسلامية والتي نجحت في حشد الآلاف من أنصارها، ويقول سيد محمد، 41 عاما، أحد سائقي الحافلات القادمة من دمياط (المدينة المصرية الساحلية) بنظرة غير مكترثة «البلد في خسارة جامدة والتيارات الإسلامية مش حاسة بقيمة البلد.. محدش يحس بقيمة مصر إلا اللي عاش وأتغرب بره». وعبر سنين، قام الحزب الوطني المنحل بحشد أنصاره في مختلف الاستحقاقات الانتخابية عبر نقل الآلاف من أنصاره في حافلات للمشاركة والتصويت لصالحه في الانتخابات التي كانت دوما ما تشهد نسب مشاركة ضعيفة من المواطنين. واعتمد على نفس الحيلة الكثير من رجال الأعمال المنتمين للحزب حيث تم نقل الآلاف من الموظفين الحكوميين إلى مقار دوائرهم الانتخابية للتصويت لمرشحي الحزب.

اللافت أن الظاهرة لم تختف باختفاء الحزب نفسه، حيث واصلت القوى السياسية الاعتماد عليها لحشد أنصارها من الأماكن البعيدة للظهور في موضع قوي أمام كاميرات الإعلام، وكان المشهد الأبرز لذلك في مليونية «الإرادة الشعبية والهوية الإسلامية» في 29 يوليو (تموز) الفائت. وفيما كانت أصوات المتظاهرين العالية تصل لعنان السماء، أسند محمد ظهره لكرسي القيادة في حافلته غير مبال بالشعارات الرافضة للمجلس العسكري ووثيقة السلمي، وارتشف محمد قليلا من كوب الشاي الساخن بيديه قبل أن يتحدث عن قصة نقل المتظاهرين لميدان التحرير: «الحكاية بدأت بعد الثورة بكام شهر، لما الناس طلبت مننا ننقل الأفراد اللي تبعهم للميدان، للمشاركة في المليونيات اللي بيدعوا ليها».

بدوره يعتبر محمد ما يقوم به عملا روتينيا بغض النظر عن البعد السياسي في القصة برمتها، حيث أوضح أنه ينقل المتظاهرين من محافظته الساحلية بغض النظر عن توجهاتهم السياسية لكنه أشار إلى أن الظاهرة نفسها ترتبط الآن أكثر بالتيارات الإسلامية.

يقول محمد بلغته العامية البسيطة: «ننقل المتظاهرين كأي شيء آخر، يأتي شخص ليتعاقد معي على توصيل عدد من الأفراد إلى المكان الفلاني مقابل المبلغ الذي أطلبه، ولكني لا أهتم من هو هذا الرجل أو ماذا يفعل»، ولكنه أضاف: «لكن هذا الأمر تكرر معي أكثر من مرة منذ تنحي مبارك فيطلب مني بعض الأشخاص الذهاب لميدان التحرير لنقل أتباعهم إلى هناك».

لكن محمد الذي تعرف من خلال رحلاته بين محافظته والقاهرة على توجهات أنصار القوى الإسلامية يرفض فكرة التظاهر نفسها في هذه الفترة، حيث يقول ملتفتا إلى المتظاهرين بميدان التحرير: «ربنا يهديهم.. مصر ماتستحقش مننا كده»، فمحمد الذي لم يشترك في الثورة من البداية، أيدها أملا في مستقبل أفضل له ولأولاده ولكنه يعارض بشدة أي مظاهرات أو اعتصامات بعدما تنحى مبارك تؤثر على أحوال البلاد أو تؤدي لتعطيل العمل أو قطع الطريق.

وقبل أيام من الانتخابات البرلمانية، يخشى مراقبون أن تكرر القوى السياسية وعلى رأسها القوى الإسلامية من ظاهرة نقل أنصارها لمراكز الاقتراع مما يؤثر على العملية الانتخابية بشكل كبير لصالح مرشحيهم.

وفيما كان ركاب حافلة محمد من أنصار القوى الإسلامية يتظاهرون بقوة وحماس ضد وثيقة السلمي للمبادئ الدستورية ولصالح تسليم السلطة لحكومة مدنية في أسرع وقت ممكن، تحدث محمد بنبرة يملأها الأمل عن مطالبه هو للمستقبل في مصر قائلا: «أنا نفسي رئيس مدني يمسك البلد بعيد عن التيارات دي خالص.. بس أنا عاوز واحد يكون برضو عنده دين ومحترم وعادل».