حملة فاترة في مراكش.. و4 نساء يخضن التجربة

متابعون: «وقود التنافس» يتركز في ضواحي المدينة

فاطمة الزهراء المنصوري، عمدة مدينة مراكش، من حزب الأصالة والمعاصرة، خلال إحدى جولاتها الانتخابية (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
TT

فتور انتخابي وقلة حماس وشبه لا مبالاة في مراكش.. هي أبرز السمات التي يمكن أن نلخص بها أجواء بداية حملة الانتخابات التشريعية، التي ستجري يوم الجمعة المقبل في المغرب.

فبعد مرور أكثر من أسبوع على بداية الحملة الانتخابية، بالكاد يلحظ المراكشيون وجود المرشحين ويتواصلون معهم، حيث انطلقت عملية طرق الأبواب خجولة فيما يتم توزيع المنشورات الانتخابية بطريقة فيها بعض العشوائية.

ويتنافس 44 مرشحا ومرشحة للفوز بتسعة مقاعد مخصصة لثلاث دوائر انتخابية جغرافية على مستوى مدينة مراكش، حيث يتنافس في دائرة «سيدي يوسف بن علي» 11 مرشحا، ضمنهم مرشحة واحدة، في الوقت الذي يتنافس فيه 15 مرشحا، ضمنهم مرشحتان في دائرة «جيليز»، فيما يتنافس في دائرة «المنارة» 18 مرشحا، ضمنهم مرشحة واحدة.

ومن بين النساء المتنافسات هناك فاطمة الزهراء المنصوري، عمدة المدينة، وهي من حزب الأصالة والمعاصرة، في دائرة «سيدي يوسف بن علي»، والحسنية الرويسي من حزب الاتحاد المغربي للديمقراطية في دائرة «المنارة»، وجميلة عفيف من حزب الأصالة والمعاصرة بدائرة «جيليز»، وبديعة بيطار من حزب الاتحاد الدستوري بدائرة «جيليز»، وهذه هي المرة الأولى التي تخوض فيها أربع نساء غمار الانتخابات في الدوائر الجغرافية في مراكش أملا في دخول البرلمان.

ومن بين الوجوه الرجالية المعروفة في مراكش هناك عدنان بن عبد الله من حزب الأصالة والمعاصرة، ومحمد العربي بلقايد، ويونس بن سليمان من حزب العدالة والتنمية، ونجيب رفوش (ولد العروسية) من حزب الاتحاد الدستوري، ومحمد بلعروسي من حزب الاستقلال، وإدريس أبو الفضل من حزب الاتحاد الاشتراكي، وإسماعيل البرهومي من حزب التجمع الوطني للأحرار.

وتضمنت بعض الملصقات، التي وزعها بعض المرشحين على المنازل أو في بعض الأزقة، شعارات وبرامج تتقاطع مع بعضها في كثير من مضامينها، حيث نقرأ في شعار لمرشح من حزب الحركة الشعبية: «الوحدة رهاننا والتنمية هدفنا»، فيما نقرأ في شعار لمرشح من حزب الأصالة والمعاصرة: «جميعا، المغرب إذن، بكل ثقة»، ونقرأ في شعار مرشح من الحزب الديمقراطي الوطني: «معا لبناء مغرب ديمقراطي حداثي».

ويرى عدد من المتتبعين للشأن المحلي أن «وقود التنافس» للظفر بأحد المقاعد التسعة بين المتنافسين سيتركز بشكل أساسي في ضواحي المدينة، ويؤكدون أن الذي سينجح في استقطاب أكبر عدد من ناخبي المداشر والقرى والأحياء الشعبية بدوائر «المنارة» و«سيدي يوسف بن علي» و«جيليز» هو الذي سيكون في مقدوره حجز مقعده تحت قبة البرلمان. ويتوقع عدد من المتتبعين أن تكون أصوات الضواحي والقرى عاملا أساسيا في رفع نسبة المشاركة على مستوى دوائر مراكش.

ويتجسد ذلك في نظر عدد من المتتبعين، «مفارقة» لافتة للانتباه، حيث إن المدينة الحمراء، المعروفة بإشعاعها الدولي وقدرتها على استقطاب أكبر التظاهرات العالمية، تكون خلال كل موعد انتخابي تشريعي تحت رحمة ضاحيتها، وهي مسألة أملتها معطيات تقسيم الدوائر الانتخابية حيث جمع شارع محمد الخامس الباذخ في دائرة «جيليز» مثلا مع قرى مثل «أولاد حسون» و«واحة سيدي إبراهيم» و«الويدان وأولاد دليم»، كما جعل قرى «تسلطانت» وبعض الأحياء العشوائية ضمن دائرة «سيدي يوسف بن علي» وجعل قرى «إسعادة» و«السويهلة» و«آيت إيمور» و«الأوداية» و«أكفاء» و«سيد الزوين» ضمن دائرة «المنارة».

ويعتقد إدريس الكريني، أستاذ الحياة السياسية بجامعة القاضي عياض، أن «الانتخابات التشريعية المرتقبة تجري في سياق استثنائي ومتميز، فهي تأتي في أجواء مصحوبة بحراك مجتمعي يطالب بإصلاحات حقيقية وفي سياق دستور جديد يفترض التنزيل». ولاحظ الكريني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الحملة الانتخابية، في مراكش، خصوصا، والمغرب، عموما، بعد أزيد من أسبوع، تنطوي، من خلال متابعة أجوائها، على قدر كبير من الفتور وقلة الحماس.

وعزا الكريني هذا الفتور إلى عدة اعتبارات «أولها الوعي السياسي الذي تنامى مع الحراك المجتمعي، فضلا عن رفع حركة (20 فبراير) لمجموعة من الشعارات التي انتقدت الأحزاب وقواعد اللعبة وطالبت بالصرامة مع الفساد والمفسدين، والارتباك الذي اتسم به عمل الأحزاب في الآونة الأخيرة نتيجة الإسراع في إعداد الترتيبات لإجراء هذه الانتخابات السابقة لأوانها، إضافة إلى تخوف المرشحين من التورط في سلوكيات منافية للقانون بعد أن أعلنت الدولة عزمها مواجهة هذه السلوكيات بصرامة ضمانا لنزاهة الانتخابات، كما أن معظم الأحزاب السياسية لا تتوافر على إدارة متطورة للتواصل مما جعل الحملات تأخذ، في كثير من الأحيان، طابع الاحتفالية و(البهرجة) من خلال توظيف الطبول والمزامير، فيما اتخذت الشعارات و(البرامج) صورا بعيدة عن الواقعية»، الشيء الذي يؤكد، في رأي الكريني، «عجز الأحزاب عن طرح برامج تحمل قدرا من المستجدات الواقعية والموضوعية والمواكبة للتحولات المجتمعية». وربط الكريني بين الفتور الذي يميز بداية الحملة الانتخابية وتقسيم الدوائر الجغرافية، بقوله إن عددا من الأحزاب السياسية تركز تكثيف تحركاتها في المناطق القروية حيث نسبة الولاءات الشخصية والنزوعات القبلية تكون مرتفعة، وخاصة أن تقسيم الدوائر يعكس هذا التشتت في كثير منها ويجعل حسم المعركة داخل هذه المدينة أو تلك مرتبطا بحسمها داخل مناطق قروية، أيضا. وتوقع الكريني أن تكون الأيام الثلاثة الأخيرة من زمن الحملة الانتخابية حاسمة في استمالة الناخبين، وخاصة أن كثيرا منهم يمكن أن يغير موقفه في آخر لحظة.