مخاوف من تدني الإقبال على التصويت.. والحكومة تحث المغاربة على المشاركة

TT

قبل أسبوع من الاقتراع في الانتخابات التشريعية المبكرة الأولى التي تجرى بعد اعتماد الدستور الجديد، وضعت السلطات المغربية لافتات ولوحات إعلان ضخمة في الشوارع الرئيسية وأمام محطات المسافرين في جميع المدن المغربية، لحث المغاربة على المشاركة بكثافة في التصويت، في ظل وجود مخاوف كبيرة من تدني نسبة المشاركة في الانتخابات على غرار ما حدث في انتخابات 2007، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة 37 في المائة.

وللمرة الأولى، اقترحت رئاسة الحكومة على الأحزاب السياسية التفكير في إجراءات ميدانية لتشجيع الناخبين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي للإدلاء بأصواتهم، حيث ترأس عباس الفاسي، رئيس الحكومة، اجتماعا مع قيادات جميع الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات التشريعية، خصص للتداول بشأن سبل الرفع من نسبة المشاركة في هذه الانتخابات «كشرط أساسي لانتخاب مجلس نواب قوي وحكومة قوية». وكان من بين الاقتراحات تنظيم مسيرات شعبية للتوعية بأهمية التصويت، إلا أنه تم التراجع عن الفكرة واعتبرت «غير مجدية»، واقترح في المقابل أن يتم التواصل مع المواطنين مباشرة وبشكل يومي خلال الأسبوع الذي يسبق يوم الاقتراع. كما أن قرار إلغاء المسيرات اتخذ لتجنب أي صدام في الشارع مع الداعين لمقاطعة الانتخابات، وهم حركة 20 فبراير الشبابية وجماعة العدل والإحسان المحظورة وأحزاب يسارية راديكالية.

جدير بالذكر أن نسبة المشاركة في التصويت تختلف من منطقة إلى أخرى، حيث يضعف الإقبال على الاقتراع في المناطق الشمالية، فيما تعرف المناطق الجنوبية خصوصا الصحراوية أعلى نسبة مشاركة. وللمرة الأولى سيصوت المغاربة عن طريق الإدلاء ببطاقة الهوية، وليس بطاقة الناخب كما جرت العادة في الاستحقاقات الانتخابية الماضية.

وكتبت على اللافتات التي تدعو المغاربة إلى التصويت عبارات من قبيل «أيها المواطنون والمواطنات بادروا إلى التصويت في اقتراع للمساهمة في بناء الديمقراطية الحقيقية» و«التصويت واجب وطني على كل المواطنين والمواطنات»، كما أن الشعار الرئيسي لهذه الحملة الذي يعرض في مختلف وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة، هو «لا نسمح في حقنا لغيرنا ونسهم في التغيير الذي تعرفه بلادنا»، وهو شعار بالعامية المغربية ليصل إلى أكبر نسبة من الناس.

كما تعرض القنوات التلفزيونية وصلات إعلان يومية تهدف إلى تشجيع الناخبين على المشاركة بكثافة في التصويت، وربطت إحدى الوصلات بين إقبال المغاربة على التصويت المكثف لصالح الدستور الجديد في يوليو (تموز) الماضي، وبين التصويت في الانتخابات التشريعية. واتخذ حزب سياسي هو «جبهة القوى الديمقراطية» من حث الناخبين على التصويت شعارا لحملته الانتخابية، حيث يقول الشعار «بتصويتكم المكثف التغيير ممكن».

وكانت وزارة الداخلية المغربية أطلقت حملة واسعة لحث المغاربة على التسجيل في لوائح الناخبين، وهي العملية التي استغرقت شهرا انتهى في 28 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وشاركت فيها مختلف وسائل الإعلام. وأعلنت الوزارة أخيرا عن نتائج عملية تجديد اللوائح الانتخابية العامة التي تمت ما بين 28 سبتمبر (أيلول) و5 نوفمبر 2011، حيث بلغ عدد الناخبين المسجلين في اللوائح المذكورة بعد حصرها يوم السبت الماضي، ما مجموعه 13 مليونا و626 ألفا و375 ناخبا، منهم 55 في المائة من الرجال و45 في المائة من النساء. ويصل عدد الناخبين المسجلين في هذه اللوائح في المدن إلى 61.60 في المائة، و38.40 منهم في القرى. أما بالنسبة للأعمار فإن 56.27 في المائة لا تتعدى أعمارهم 35 سنة، و17.80 في المائة تتراوح أعمارهم بين 36 و45 سنة، و25.93 في المائة تتجاوز 45 سنة.

وفي هذا السياق، توقع الدكتور محمد يحيى، عميد كلية الحقوق بطنجة، أن تعرف نسبة المشاركة في التصويت ارتفاعا مقارنة مع انتخابات 2007، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الانتخابات التشريعية الحالية تتم في نطاق دستور جديد أحدث العديد من التغييرات على مستوى المؤسسات السياسية في المغرب، كما أدخلت تعديلات مهمة على عدد من القوانين ذات العلاقة بالانتخابات، مثل القانون التنظيمي لمجلس النواب، وقانون الأحزاب، بالإضافة إلى توسيع أجهزة الرقابة حيث لم تعد وزارة الداخلية وحدها المشرفة على تتبع الانتخابات، بل تم إشراك مؤسسات أخرى مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي يشرف على عمل المراقبين المستقلين للانتخابات، كما أن السلطة القضائية ستلعب دورا مهما في هذه الاستحقاقات، وكلها مؤشرات، في نظر يحيى، قد تكون محفزا للمغاربة من أجل التصويت بكثافة، ناهيك عن أن 87 في المائة من المترشحين هم من الوجوه الجديدة كما قال.

وأوضح يحيى أن طريقة التعامل مع هذه الانتخابات من قبل السلطات تبدو مغايرة، وتتميز بالجدية والحزم حتى الآن، حيث لم تعد السلطة تمارس الحياد السلبي تجاه الخروقات التي تشوب الانتخابات كما كان الأمر في السابق.

وفسر يحيى تفاوت نسب المشاركة في الانتخابات بين الشمال والجنوب بكون 40 في المائة من سكان الشمال أتوا من مناطق متفرقة من المغرب، وهؤلاء في العادة لا يشاركون في التصويت لأنهم لا ينتمون إلى المنطقة، التي تعرف صراعات بين أقطاب سياسية ووجوه انتخابية ظلت تحتكر الترشح في الانتخابات منذ مدة طويلة.

وانتقد يحيى الصحافة المغربية المستقلة، التي تعد أكثر انتشارا، في رأيه، وقال إنها تلعب دورا سلبيا قد يساعد في عزوف الناس عن التصويت بسبب تركيزها على السلبيات ورصد أخطاء السياسيين، وأحيانا نشر أخبار زائفة تتعلق بالانتخابات. فيما تلعب الإذاعات والتلفزيونات الحكومية دورا إيجابيا نسبيا، في حث الناس على المشاركة في التصويت.