فؤاد السنيورة: لو كنت مكان ميقاتي.. لامتنعت عن التصويت على تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية

رئيس الوزراء اللبناني الأسبق في حوارمع: «الشرق الأوسط» هناك تحالفات تسعى لإجهاض «الربيع العربي»

TT

عندما تجلس مع رئيس وزراء لبنان الأسبق فؤاد السنيورة، لا تستغرق وقتا طويلا لكي تدرك أنك أمام رجل دولة من الطراز الفريد، فهو سياسي بارع يعي كل كلمة تخرج من فمه ويزنها جيدا.

وفي أحد الفنادق المطلة على نيل القاهرة، التقت «الشرق الأوسط» مع السنيورة أثناء زيارته الأخيرة لمصر، حيث قدم تحليلا للوضع الذي تشهده المنطقة بعد «الربيع العربي» ومستقبله على لبنان، قائلا: «إن لبنان يعد المختبر السياسي للمنطقة العربية».

ويعتقد السنيورة أن هناك قوة مضادة لـ«الربيع» تعتمد أساسا على إيجاد مساحات شاسعة من الفرقة بين شتى مكونات المجتمعات العربية، مشيرا إلى وجود تحالفات ضد التغير في العالم العربي.

وفيما يقول كثيرون إن لبنان مغيب عما يحدث في جارته التاريخية سوريا، نفى السنيورة ذلك جملة وتفصيلا، قائلا: «عدم تدخلنا لا يعني أننا غير معنيين بما يجري في سوريا. فنحن لا نستطيع أن نكون غير مهتمين بما يجري في سوريا».

ورغم أن لبنان كان ضد التصويت على تعليق عضوية سوريا بالجامعة العربية، فإن السنيورة يقول: «لو كنت مكان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، لكنت سأمتنع عن التصويت ولم أكن لأقف في وجه الأكثرية العربية».

وأوضح السنيورة ردا على ما يقال عن وجود مخططات لاغتيالات سياسية في لبنان، أن هناك الكثير ممن يحاولون أن يروجوا لهذا الأمر، لكنه قال «لا يستطيع أحد أن يتنبأ بما يمكن أن يقوم به القتلة»، وإلى نص الحوار:

* كيف ترى المشهد السياسي في العالم العربي الآن؟

- هذه الانتفاضات التي يقوم بها الكثير من العرب في مختلف البلدان العربية التي عانت طويلا من فترات امتهان كرامتها وحرياتها تعبر عن سعي عربي حثيث لأن يكون هناك التزام بالمعايير الديمقراطية واحترام تداول السلطة، وأن يكون هذا التداول سلميا. فالذي جرى في تونس أشعل هذه الرغبة الواضحة في شتى الدول العربية من أجل أن تستطيع أن تعبر عن ذاتها وبالتالي تتمكن من المشاركة في رسم مستقبلها.

حقيقة تبين أن حراك الشعوب العربية، التي بدت ساكنة عبر سنوات كثيرة، كان ينتظر فقط الشرارة التي انطلقت من تونس على يد محمد البوعزيزي لتمتد إلى أكثر من دولة عربية، ولا سيما في ما أسميه «الجمهوريات الملكية» في العالم العربي.

تلك الحركات خرجت من أجل أن تقود للتغيير لصالح مزيد من الحريات والديمقراطية وتحسين مستوى المعيشة واسترجاع الأرض واحترام التداول السلمي للسلطة، ضد الأنظمة العربية التي سعت من أجل البقاء في السلطة لسنوات طويلة من خلال عملية التركيز على الوراثة في الأنظمة رغم أنها جاءت أصلا لتغير أنظمة الوراثة، وبالتالي هناك من يسعى إلى ما يقال عنه «حلف الأقليات».

ولا شك أن مساعي الشعوب نحو الديمقراطية تواجه كما نرى بالكثير من المساعي التي يقوم بها بعض الأشخاص وبعض الأنظمة لإفشال هذا التحول الديمقراطي الذي يرغب فيه الكثيرون. كما نشهد أيضا في هذه المرحلة مساعي لبث الفرقة بين المواطنين العرب.

* كيف ترى تلك المساعي المضادة؟

- أراها مساعي قوية تعتمد أساسا على وسائل تؤدي إلى تعزيز التباينات وإيجاد مساحات شاسعة من الفرقة بين شتى مكونات المجتمعات العربية، وبالتالي رأينا هناك في عدد من الدول العربية من يسعى إلى تكوين ما يسمى اتجاهات لتحالفات ضد التغيير في العالم العربي وإيجاد مجموعات تتشبث بالأنظمة الراهنة.

* ماذا تعني بهذه النقطة تحديدا؟

- ما أعنيه هو أن هناك من يسعى من أجل إيقاظ الخلافات بين مكونات المجتمعات العربية سواء كانت هذه المكونات دينية أو مذهبية أو عرقية، وبالتالي فبدلا من أن تكون هذه التباينات في مجتمعاتنا العربية مصدر غنى ومصدر ثروة ونحاول أن نبني عليها بما يعزز هذا التنافس الإيجابي بين مكونات هذه المجتمعات العربية، نجد من ينادي بنوع من الاتحاد بين الأقليات في العالم العربي، وفي هذا المجال بالذات شاهدنا من يحاول الإثارة في العالم العربي من خلال التركيز على هذه التباينات من أجل أن تقف هذه المجموعات ضد حركة التغيير في العالم العربي، وهذه الحركة هي حركة طبيعية لأنها فعليا بعد فترة طويلة من السكون وحالة من الركود في العالم العربي أو عدم الحراك، وبالتالي ظن المجتمع الدولي أن العالم العربي هو استثناء لما يجري من حولنا في العالم.

* إلى أي مدى تشكل تلك الفروقات خطرا على حركة التغيير في العالم العربي؟

- نسمع الكثير من التشكيك في حركة التغيير العربية وفي ما يسمى بـ«الربيع العربي» ومحاولة إيجاد مخاوف تتعلق بالفروقات بين مكونات الشعوب العربية، لكن من الطبيعي أن نبحث عن أسبابها ونحاول أن نعالجها لا من خلال مزيد من إيجاد التشكيك في حركة التغيير العربية وحركة «الربيع العربي». ففي كل المجتمعات العربية هناك فروقات في مكونات المجتمع، وكان ينبغي أن تتجه إلى الاستغناء عن هذه الفروقات والانطلاق بالاستناد إلى احترام هذه الفروقات الخاصة بكل مكون والعمل على الاستفادة من هذه الفروقات لصالح الجميع، بدلا من أن تكون عاملا للاختلاف وعاملا للفرقة في مكونات هذا المجتمع.

* زرت الفاتيكان والأزهر الشريف في غضون فترة قصيرة، ما الذي تهدف إليه من تلك الزيارات؟

- الذي دعاني إلى الذهاب إلى الفاتيكان والتواصل معه هو ما يمثله من قوه معنوية في العالم وأيضا دوره في مجتمعاتنا العربية وللتباحث مع الفاتيكان وللتداول بهذا الشأن، ولتسليط الضوء على حقيقة ما يجري من حركة في العالم العربي والجدوى المهمة من وصول أفضل فهم للفاتيكان بخصوص هذه الحركة وإدراك ماذا ترمي إليه، وأهمية التعاون مع هذا الحراك العربي بما يؤدي إلى تغيير حقيقي نحو الأفضل.

ثم قررت زيارة الأزهر الشريف بما يمثله في عالمنا العربي والإسلامي، خاصة في ضوء هذا الحراك الكبير الذي انطلق به الأزهر، ولا سيما من خلال شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في ما يتعلق بالورقتين اللتين أطلقهما مؤخرا، وهو ما يؤكد على مفهوم الأزهر لحركة التغيير العربية والدعوة إلى المزيد من الديمقراطية والانفتاح وتفهم الدور الذي يمكن للأزهر أن يلعبه، وما يمكن للمجتمعات العربية أن تنطلق منه نحو التأكيد على الحريات وعلى التداول السلمي للسلطة، وأيضا على الإدارة السليمة للشأن العام العربي، وبالتالي فإننا نعتقد أن الأزهر بما يمثله وبما يطلقه من أفكار قادر على أن يعطي نموذجا مهما نحو فهم الإسلام لحركة التغيير العربية، وأيضا لما يمكن أن تمثله مجتمعاتنا العربية، ونحن في لبنان، بما درجنا عليه خلال هذه السنوات الطويلة من دور أساسي في موضوع التنوع الذي نتميز به في لبنان، وبالتالي الدور الذي لعبه لبنان على مدى عدة عقود من الانفتاح ونظام ديمقراطي مبني على التداول السلمي للسلطة، وأيضا مبني على تجربتنا الطويلة بإخفاقاتها ونجاحاتها - أصبحنا نمثل نموذجا في الانفتاح ونموذجا في العيش المشترك بالمنطقة العربية.

* الحديث عن الأزهر الشريف يقودنا إلى الاستفسار عن أحوال الطائفة السنية في لبنان.. هل فعلا أصبحت الطائفة السنية طائفة مستضعفة منذ اغتيال رجل السنة القوي ورئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري؟

- السنة في لبنان جزء من مكونات الشعب اللبناني، وهم من المؤمنين بلبنان وباستقلاله وبحريته وبسيادته، وأيضا من المؤمنين بلبنان ضمن إطاره العربي بحيث يكون جزءا من هذا المحيط الواسع والذي نتقاسم معه تاريخا وحاضرا وآمالا مستقبليه، وبالتالي فالواقع أنه ليست الطائفة السنية أو ما يسمى بـ«السنة» في لبنان هم فقط الذين خسروا رفيق الحريري، ولكن الواقع أن لبنان والعرب خسروا «رفيق الحريري»، اللبنانيون خسروا رفيق الحريري كقائد وطني كبير سعى لإعادة بناء بلده وتعزيز الديمقراطية والحريات والسيادة، وعروبة لبنان، والتأكيد على ديمقراطيته وعلى تنوعه وأيضا التأكيد على اتفاق الطائف الذي كان شريكا في صنعه في نهاية الثمانينات، وبالتالي أيضا خسره العرب لأنه كان يمثل وجها متنورا تقدميا عاملا من أجل تعزيز الانصهار الاقتصادي والانفتاح على العالم والعمل من أجل أن تعطى صورة حية نابضة في العالم، سواء كان للعرب أو للمسلمين، والدور الذي كان يلعبه بين لبنان وأشقائه العرب، أكان ذلك مع جمهورية مصر العربية أو مع المملكة العربية السعودية، أو مع «الشقيقة» سوريا، عندما خسر لبنان رفيق الحريري خسره العرب جميعا، وكان ذلك أمرا شديد الصعوبة على لبنان.

* البعض يقول إن الانتقام يتحكم في الكثير من خبايا المحاكمة؟

- نسعى بقوة لمحاكمة قتلة الحريري، ولكن لم يكن مسعانا من أجل الانتقام، نحن سعينا من أجل أن تكون هناك محكمة دولية لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، من أجل أن نضع حدا نهائيا لمسألة الفرار من وجه العدالة، لبنان خسر على مدى عدة عقود اثنين من رؤساء الجمهورية وثلاثة من رؤساء الوزارة وعددا من الوزراء والنواب ورجال الفكر ورجال الصحافة وعددا من رجال الدين، وكل هؤلاء الذين تعرضوا للاغتيال الإرهابي على مدى تلك السنوات لم يستطع لبنان أن يضع يده على المجرمين الذين نفذوا هذه الاغتيالات وبقي المجرمون طلقاء.

* لكن في لبنان حتى الآن لم تبارح أزمة تمويل المحكمة مكانها، وأحد أقطاب الحكومة قال «من يرد تمويلها فليدفع من جيبه».. فكيف ستسير الأمور؟

- تمويل المحكمة هو أحد متفرعات ما يسمى بالتعاون مع المحكمة، فالتمويل هو أحد المتفرعات وليس هو الهدف الأساسي، ولكن الهدف الأساسي هو التعاون. طبيعي عندما يتعاون لبنان، عليه أن يلتزم وينفذ ما بادر إلى الالتزام به من حيث المبدأ، وبالتالي أن يدفع لبنان ما يتوجب عليه، هذا جزء من الالتزام الشامل في موضوع التعاون مع المحكمة، لا سيما أن هذا الموضوع هو عملية نابعة من قرار أصبح جزءا من القانون الدولي، ولم يعد بإمكان لبنان ولا أحد في لبنان أن يتهرب من هذا الموضوع، لأنه أصبح جزءا من القانون الدولي، وهناك أمثلة شاسعة في هذا الشأن، حيث اتخذ مجلس الأمن قرارا مؤخرا تحت البند السابع وكان يتعلق بتطبيق العقوبات على إيران، وعارض القرار البرازيل وتركيا وقتها، لكن بعد أن أقر، عبرت البرازيل وتركيا عن التزامهما بالقرار.. وأيضا روسيا عمليا لم تصوت لصالح قرار المحكمة الدولية، ولكن عندما صدر القرار تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة وأصبح جزءا من القانون الدولي، بادرت روسيا بالالتزام به، فأصبح موضوع القرار رقم «1757»، جزءا من القانون الدولي وتحت البند السابع، وبالتالي أصبح ملزما للبنان، من أجل سمعته وعلاقاته مع المجتمع الدولي، ولأن ذلك هو الباب الذي يؤكد على تصميم لبنان واللبنانيين على أن لبنان لن يستمر بلدا ترتكب فيه الجرائم الإرهابية، ويبقى في معزل عن الالتزام، وبالتالي يصبح مرتكبو الجرائم طلقاء.

* لكم مقولة شهيرة بأن لبنان «المختبر السياسي» للمنطقة.. كيف تنعكس التحولات التي تشهدها المنطقة في «الربيع العربي» على بيروت؟

- لا شك أن لبنان عانى الكثير، واستفاد الكثير أيضا من كونه ذلك المختبر والمكان الذي تشكل فيه الحريات جزءا أساسيا من حياة اللبنانيين، ويشكل لبنان عمليا رئة تتنفس منها كثير من الدول العربية على مدى عقود طويلة.. وبالتالي فهذا الحراك العربي الذي يؤدي إلى تعزيز الديمقراطية، هو إثبات لنجاح النظام الديمقراطي في لبنان، وإنه كلما توسعت الديمقراطية في العالم العربي، فإن ذلك تأكيد على سلامة توجهات لبنان، وذلك لاعتماده على نظامه الديمقراطي وعلى التداول السلمي للسلطة، وكذا احترامه للحريات. فنحن سعداء بهذا التحول الديمقراطي في العالم العربي، لكن أيضا يجب أن نقر بأن النظام الديمقراطي مهما قلنا عن بعض مساوئه، فإنه مما لا شك فيه، هو أفضل نظام يمكن أن يضمن للإنسان حرياته ويحترم القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان، خاصة في ظل التنوع الموجود في الدول العربية، ولذلك كلما تحولت هذه الدول العربية نحو مزيد من الديمقراطية، كان ذلك حماية حقيقية واستقرارا في تلك المجتمعات بشكل صحيح يضمن استمرارها.

* إذن، كيف ينعكس ما يدور الآن في سوريا على مجريات الأمور في لبنان؟

- سوريا دولة شقيقة، ونحن في لبنان لدينا جار وحيد هو سوريا، حيث يحدنا من الغرب البحر المتوسط ومن الشمال والشرق سوريا ومن الجنوب هناك حالة حرب بيننا وبين إسرائيل، وكنا دائما من المنادين بأن لبنان بلد حريص على استقلاله وعلى سيادته وعلى عدم تدخل الآخرين في أوضاعه الداخلية، وبالتالي نحن عندما نطالب بألا يكون هناك أي تدخل في أوضاع لبنان الداخلية، فمن الأولى بنا أن نطبق هذا الأمر على أنفسنا، بألا نتدخل في الشأن الداخلي لسوريا، لأننا لا نؤمن بهذا الأسلوب وليس لنا مصلحة، كما أننا غير قادرين على التدخل في الشأن السوري.

* وهل يعني ذلك أنكم غير معنيين بما يجري في سوريا؟

- بالطبع لا، فعدم تدخلنا لا يعني أننا غير معنيين بما يجري في سوريا. فنحن لا نستطيع أن نكون غير مهتمين بما يجري في سوريا، ولبنان مع «الربيع العربي»، وعبرنا عن وجهة نظرنا بصراحة على مدى الأشهر الماضية، وكنا من أول الذين عبروا عن هذا الموقف، بشكل واضح وصريح.. نحن ضد استعمال العنف في ما يسمى بـ«التعامل مع المدنيين»، ونحن مع الاستماع والحوار بين الأنظمة والمواطنين، لكن على أساس احترام رغبة الشعوب العربية في الحرية والتداول السلمي للسلطة واحترام القانون والحريات الأساسية، فهذا هو موقفنا. وتمنينا لو أن النظام في سوريا بادر منذ وقت طويل للاستماع لرغبة الشعب السوري في الحرية، ولكن هذا الأمر بين الحكم السوري وشعبه.. وما نتمناه هو ما يتمناه الشعب السوري لنفسه.

* لكن العلاقة بين سوريا ولبنان ليست بهذه السلاسة، وذات يوم وصف الرئيس الحريري «الأسد» بأنه رأس العلة في بيروت.. وكثير من التحليلات أكدت أن هذه التدخلات كانت وراء خسارتكم للأغلبية النيابية مطلع هذا العام.. من وجهة نظركم كيف سينعكس هذا الترنح لنظام الأسد على التوازنات السياسية في لبنان؟

- أولا في ما يتعلق بخسارتنا للأكثرية النيابية، أقول إننا خسرناها بطريقة تعتبر نوعا من الانقلاب، حيث قام البعض بالتأثير على بعض النواب الذين تحولوا من مكان إلى آخر، وذلك خلافا للمواقف التي انتخبوا على أساسها، والانتماءات التي أعلنوها، وعلى أساسها حصلوا على أصوات الناخبين، وبعدها قام البعض بتغيير مواقعه بناء على ما جرى من ضغوط ومن تهويل ومن محاولة اجتذاب وإغراء.

* هل تعني بكلامك السياسي البارز وليد جنبلاط؟

- أعني كل الذين انتقلوا من مكان إلى آخر، وأعتقد أنني أعني هنا الرئيس ميقاتي وغيره من الأشخاص الذين ترشحوا، استنادا إلى تلك المواقف التي عبروا عنها وصرحوا بها أمام ناخبيهم.. والآن نرى أن هناك متغيرات في المنطقة، وما زلنا معتمدين على قاعدة يختصرها بيت للشاعر المتنبي قال فيه: «وحالات الزمان عليك شتى.. وحالك واحد في كل حال».. نحن موقفنا لم يتغير.. ونحن ثابتون على مواقفنا ومواقعنا بالقيم التي نسعى إليها.

* هل تراهنون على المتغيرات في سوريا؟

- نحن لا نراهن على هذه المتغيرات، ولكن نحن نتعامل مع هذه المتغيرات كيفما يجري، وأعتقد أن الذي سيجري هو ما سيكون في مصلحة المواطنين السوريين.. ونحن الآن نشهد تحولات كبيرة في المنطقة ومواقف في الجامعة العربية.

* لو كنت مكان الرئيس ميقاتي وما زلت في موقعك كرئيس لوزراء لبنان.. ماذا كنت ستفعل في عملية التصويت على القرار الخاص بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية؟

- أعتقد أنني لو كنت مكان الرئيس ميقاتي، لكان موقفي واضحا في جهة التزامه بمسألة «الربيع العربي»، مقدرا الظروف التي نمر بها في لبنان بحكم أننا مجاورون للشقيقة سوريا.. وبالتالي كان موقفي سيكون «الامتناع عن التصويت».. وليس الوقوف في وجه هذه الأكثرية العربية، وأن يكون موقعنا كما كنا دائما، أمناء على المبادئ والقيم التي كان عليها لبنان.. والحقيقة، في هذا الخصوص، أنه على الشخص دائما في هذه المواقف أن يتذكر ماذا يقول وفي أي مناسبة ولمن يقول.. أما أن تتقلب المواقف هنا.. بمعنى أننا نقول شيئا ثم نعود ونفعل شيئا عكسه تماما، فليس ذلك في مصلحة لبنان، وليس هذا أمرا مفيدا حتى لسوريا.

* وهل تخشى من حدوث موجة اغتيالات جديدة في لبنان استنادا إلى ما يتم تناوله إعلاميا؟

- هناك الكثير ممن يحاولون أن يروجوا لهذا الأمر.. ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بما يمكن أن يقوم به «القتلة»، لكن لا أعتقد أن هذا الأمر سيصب في مصلحتهم في النهاية.. نحن نعيش فترة متغيرة في العالم العربي، وهذا التيار الجارف المتجه نحو الديمقراطية والانفتاح، هو أمر معاكس لما يسعى إليه من يحاولون أن يخططوا في «العتمة» لارتكاب مثل هذه الجرائم.