بدء أعمال أول مؤتمر للحوار بين القضاء والإعلام في كردستان

تحت شعار «سيادة قانون ديمقراطي ضمانة لتحقيق حرية الصحافة»

TT

انطلقت صباح أمس في مدينة أربيل أعمال المؤتمر الأول للحوار بين السلطة القضائية والصحافة تحت شعار «سيادة قانون ديمقراطي ضمانة لتحقيق حرية الصحافة»، بمشاركة عدد كبير من القضاة والصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي بكردستان.

وحدد المؤتمر سبعة محاور أساسية يتناقش فيها القضاة والصحافيون على مدار يومين، وهي «الالتزام بقانون تنظيم العمل الصحافي رقم 35 لسنة 2008 الصادر عن البرلمان الكردستاني من قبل المحاكم المحلية، وأداء الجهات التنفيذية (الشرطة والمحاكم) وحقوق الصحافيين، والشفافية في محاكم كردستان، وحقوق الصحافي وفقا لقانون تنظيم العمل الصحافي، وواجبات الصحافي إزاء تنفيذ القانون، وموقف القاضي في مراعاة حقوق الصحافيين، ودور الادعاء العام في القضايا الصحافية، وأخيرا دور الجهات المعنية بالصحافيين والحرية الصحافية».

وحاولت «الشرق الأوسط» التي حضرت المؤتمر استقراء آراء المشاركين فيه وأهداف المؤتمر، وتحدث أولا القاضي رزكار محمد أمين الذي سبق أن ترأس أولى جلسات محاكمة رئيس النظام السابق صدام حسين، والذي كان المؤتمر قد نظم بمبادرة شخصية منه، حول الأسباب التي دعته إلى الدعوة لتنظيم هذا الحوار بين السلطة القضائية والصحافة، فقال «هناك إشكالية في العلاقة بين السلطة القضائية والصحافة، رغم أن الاثنتين تؤديان عملا عاما فيه خدمة المجتمع، فالصحافي يدافع عن الحقوق والحريات الجماعية من خلال عمله، والمحاكم والقضاة يقومون بدورهم بحماية تلك الحقوق والحريات عبر تطبيق القانون، وهذا يعني أن هناك عينا تراقب الحقوق والحريات في المجتمع، وجهة أخرى تطبق القانون لضمان ممارسة تلك الحريات في إطار القانون العام، ولأن الطرفين مستقلان في أداء عملهما، فإنهما يحتاجان إلى المهنية والاستقلالية، ولكن أثناء تنفيذ القانون تتغير المفاهيم بسبب سوء الفهم والخلاف في كيفية تطبيق نصوصه، من هنا تنشأ الإشكاليات. وبالمقابل هناك صحافيون لا يعرفون حدودهم وكيف يدافعون عن حقوقهم وحرياتهم، سواء كان ذلك قصدا أو عن غير قصد، فيقعون بدورهم في أخطاء قانونية». وأضاف «هناك مسألة أخرى أود أن أشير إليها، وهي دور الجهات التنفيذية في تطبيق القانون، أي الشرطة الذين قد يتعاملون مع المتهمين بمخالفات النشر بشكل عنيف، وحتى بشكل غير قانوني في بعض المرات، كل هذه الأمور تؤدي إلى حدوث اصطدامات بين الطرفين، جزء منها يجب أن يحل في إطار القانون، والجزء الآخر عبر الحوار المباشر. لذلك بادرنا بطرح فكرة عقد هذا المؤتمر ليكون جزءا من مهمة إعادة بناء الثقة وإيجاد فهم مشترك بين الطرفين، وتوضيح بعض المفاهيم الغامضة.. نحن نحتاج إلى بناء علاقة ثقة بين الجانبين لأنهما ليسا عدوين، بل إنهما في خندق واحد، وهو خندق الدفاع عن الحقوق والحريات، فالهدف الأساسي من هذا المؤتمر إذن هو كسر هذا الحاجز بين الإعلام والقضاء، وإيجاد فرصة للتحاور بينهما».

ورأى القاضي شوان محيي الدين علي، رئيس مجلس الشورى بإقليم كردستان، أن «هذا المؤتمر تأخر جدا، وكان يفترض عقده مبكرا لتلافي سوء الفهم الحاصل بين الجانبين، نحن كممثلي السلطة القضائية لا نقول إنه ليست هناك أخطاء في القضاء بل نعترف بذلك، ولكن في المقابل هناك تقصير من جانب الصحافيين أيضا، لذلك يجب أن نجلس معا لنتحاور بروح من المسؤولية والشفافية لكي نضع معا أسسا مشتركة لتحقيق الهدف الأسمى والمهمة الأساسية للقضاء والإعلام، وهو خدمة المجتمع وتحقيق العدالة، نحن نعمل من خلال هذا المؤتمر على خلق ثقافة مشتركة بين الطرفين وإزالة الخلافات القائمة بينهما، وإعادة بناء جسور الثقة والتفاهم بين هاتين المؤسستين الرائدتين في المجتمع، ولتحقيق ذلك أعتقد أن القاضي يحتاج إلى أن تكون لديه ثقافة إعلامية وصحافية، وبالمقابل أن يكون لدى الصحافي وعي قانوني حتى لا يقع في الأخطاء والتجاوزات».

من جهته، تحدث هلكورد عبد الوهاب، مدير عام الإعلام بوزارة ثقافة حكومة الإقليم وهي الجهة الراعية للمؤتمر، قائلا «هناك أزمة فعلية بين القضاء والصحافة، فالعلاقة غير مستقرة بينهما، وتجلى ذلك بوضوح أثناء الأحداث والمظاهرات التي شهدتها مناطق في كردستان قبل شهور عديدة، كما كانت هناك تجاوزات عديدة من الصحافة في حقوق بعض الأفراد والمجتمع، والمشكلة أن معظم القضاة يلجأون إلى قانون العقوبات العراقي أثناء النظر إلى الشكاوى والقضايا المتعلقة بالصحافة، فليس هناك سوى التزام قليل بقانون الصحافة الصادر عن البرلمان الكردستاني، ولذلك نحن نسعى من خلال هذا المؤتمر إلى تلافي هذه الخلافات وحل الإشكاليات القائمة وتجديد الثقة بينهما، وسنعمل بنهاية المؤتمر على رفع التوصيات والمقترحات المطروحة خلال المناقشات والنتائج التي سنتوصل إليها من خلال هذا الحوار إلى مجلس القضاء ونقابة الصحافيين، لتحويلها إلى البرلمان لإجراء التعديلات الضرورية على بعض القوانين المتعلقة بهذا الجانب».