ممثل ليبيا في الأمم المتحدة: لولا تحرر تونس قبل ليبيا لفشلت الثورة الليبية

عبد الرحمن شلقم: ندعو القطريين للوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف الليبية.. ونحن لا نريد أن نخسرهم

عبد الرحمن شلقم يتسلم جائزة «منتدى ميدايز» («الشرق الأوسط»)
TT

قال عبد الرحمن شلقم، ممثل ليبيا في الأمم المتحدة، إن أكثر شعب وأكثر حكومة ساعدت الليبيين خلال الثورة، هي الحكومة والشعب التونسي، مشيرا إلى أن التونسيين احتضنوا اللاجئين الليبيين ودافعوا عنهم وسمحوا بدخول السلاح للثوار. وقال: «لولا تحرر تونس قبل ليبيا لفشلت الثورة الليبية. لذلك أقول إن الخطة التنموية في ليبيا يجب أن تكون خطة مشتركة مع تونس».

وانتقد شلقم بشدة ما سماه التدخل القطري في الشؤون الداخلية لليبيا. وقال خلال لقاء صحافي على هامش «منتدى ميدايز» في طنجة «إخواننا القطريون ساعدونا كثيرا، لكنهم الآن يتدخلون في شؤوننا الداخلية، وهذا سيسيء إليهم وسيلغي كل ما قاموا به». ودعا شلقم قطر «إلى الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف الليبية» وقال: «لسنا ضد إخواننا القطريين، أنا أعرف الأمير منذ فترة وأعرف ولي العهد ورئيس الوزراء. لذلك أقول لهم لا نريد أن نفقدكم، لا نريد أن نخسركم، لا تدعونا نصطدم بكم احترمونا يا أخي».

وبخصوص مهمة حلف الناتو في ليبيا، أوضح شلقم أنها قد انتهت. وقال: «الناتو انتهى دوره من ليبيا. فالقرار الأممي 19 - 73 واضح، ويتعلق بحماية المدنيين من القذافي وكتائبه. أما اليوم فقد ذهب القذافي وذهبت كتائبه إلى الأبد». وبخصوص الأموال الليبية المجمدة في الخارج، والتي تخضع لمراقبة لجنة العقوبات في مجلس الأمن، أشار شلقم إلى أن ليبيا لا تواجه أي مشكلة في الإفراج عن هذه الأموال التي تقدر بنحو 200 مليار دولار. وأضاف: «المشكلة التي نواجهها حاليا هي في كيفية إنفاق هذه الأموال. ففي الوقت الحالي ليست لدينا الأجهزة القادرة على إنفاقها». وأضاف أن ليبيا استعملت مليار دولار من هذه الأموال في إغاثة الجرحى، واستعملت مبالغ أخرى في مسائل أساسية كالمرتبات وشراء المواد الأساسية.

وأوضح شلقم أن ليبيا لديها موارد مالية كبيرة، مشيرا إلى أن إنتاج النفط بلغ 700 ألف برميل يوميا، وتصدير الغاز عبر الأنبوب البحري نحو إيطاليا، يدر شهريا نصف مليار دولار. وقال: «لا نتوفر اليوم على القدرة الاستيعابية لكل هذه الأموال»، مشيرا إلى أن الحكومة التي سيتم إعلانها بداية الأسبوع المقبل هي حكومة انتقالية مهمتها إعداد الدستور وبناء المؤسسات، وأنه يجب انتظار الحكومة التي سينتخبها الليبيون ديمقراطيا بعد إرساء أسس الدولة لتضطلع بالمهام التنموية. كما أوضح شلقم إلى أن ليبيا ليست أيضا في حاجة إلى الكفاءات، مشيرا إلى أن عدد الخريجين الليبيين من الجامعات الأميركية يناهز 20 ألف، وأن 4 آلاف من الأطر العليا والخبرات الليبية تشغل في الولايات المتحدة، و3 آلاف في بريطانيا، وآلاف أخرى في بلدان الخليج. وقال: «لا نحتاج في ليبيا لا إلى أموال ولا إلى كفاءات، فما نحتاجه فعلا هو تأسيس دولة، بنيان قادر على قيادة مرحلة التنمية والتغيير، لكن الاستحقاق الأهم لدينا هو استعداد الناس لدخول مرحلة ما بعد الطغيان، ما بعد الحكم الشمولي، وفي ذلك نحن نحتاج إلى مساعدة».

وأضاف شلقم قائلا: «الديمقراطية ليست حقنة تحت الجلد تستوردها من المغرب أو تستوردها من البرتغال أو من أميركا. الديمقراطية تربية وتكوين وهذا سيأخذ وقتا طويلا. والمهم هنا هو الاستعداد داخل ليبيا لأن ممارسة الديمقراطية أصعب بكثير من الحكم الديكتاتوري، فالديمقراطية هي فن إدارة الاختلاف فيما الديكتاتورية هي فرض الاتفاق. وإدارة الاختلاف أصعب بكثير من فرض الاتفاق».

وأشار شلقم إلى أن ليبيا بعد سنوات من حكم القذافي وجدت نفسها من دون أحزاب ولا نخب سياسية ولا مثقفين ولا زعامات. وقال: إن الليبيين لا يعرفون حتى أسماء الوزراء. وأشار إلى أن المجتمع الليبي يعرف حيوية سياسية في اتجاه بزوغ أحزاب تعبر عن توجهات الليبيين. وحول التخوف من الأصوليين، قال شلقم إنه ليس قلقا من ذلك. وقال خلال تدخله في إحدى ندوات منتدى ميدايز في طنجة إن التيارات الإسلامية الموجودة في الساحة معتدلة، فقط نحو مائة إلى مائتين عنصر من بينهم متطرفون، لكنهم لا يقلقونه.

وانتقد شلقم استعمال الدين للوصول إلى السلطة. وقال إن ما يجب أخذه من الإسلام هو حزمة القيم. وأضاف: «أركان الإسلام خمسة معروفة، ولا أعتقد أن هناك دولة تتشهد وتصلي وتصوم وتحج». ووصف الدولة بأنها هي عبارة عن خيال إداري عال لا دين لها. وقال: «في ليبيا لدينا 200 مليار دولار، المطلوب هو كيف سنستعملها في التنمية، في التعليم والصحة والبناء، ما يطلبه الليبيون اليوم هي برامج مدققة حول هذه الاستعمالات، وليس خطابات آيديولوجية».

يشار إلى أن منتدى «ميدايز» كان قد منح جائزته هذه السنة إلى عبد الرحمن شلقم الذي تسلمها بالنيابة عن الشعب الليبي أول من أمس في طنجة.