فرنسا وتركيا تدعوان لتشديد العقوبات ضد الأسد.. وموسكو تناشد «ضبط النفس والحذر» في التعاطي مع الملف السوري

أوغلو يتحدث عن عقوبات اقتصادية ضد سوريا إذا لم تنفذ الخطة العربية.. وجوبيه يرفض تدخلا عسكريا خارج تفويض دولي

TT

دعت فرنسا وتركيا أمس إلى تشديد العقوبات ضد النظام السوري، في وقت ناشدت فيه روسيا «ضبط النفس والحذر» في التعاطي مع الملف السوري.

وصعدت تركيا انتقادها لسوريا وقالت إنها تعد لعقوبات ستستهدف الحكومة السورية لكنها لم تقدم مزيدا من التفاصيل. وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي آلان جوبيه في العاصمة التركية، إن هناك حاجة إلى تصعيد الضغوط على سوريا لوقف إراقة الدماء. وأضاف «القضية الأهم الآن هي زيادة الضغط على سوريا لوقف أعمال القتل. سيدعم هذا خطة الجامعة العربية. إذا لم تنفذ سوريا هذه الخطة فستكون هناك حاجة لاتخاذ بعض الإجراءات خاصة العقوبات الاقتصادية».

من جهته، قال جوبيه إنه يعارض التدخل في سوريا من جانب واحد وإن أي تدخل يجب أن يتم بتفويض من الأمم المتحدة، وحذر من كارثة إذا انزلقت سوريا إلى حرب أهلية. وأبدى جوبيه تشككه في أن ترد سوريا بشكل إيجابي على خطة سلام مقترحة للجامعة العربية ودعا إلى فرض عقوبات أكثر صرامة على دمشق. وقال إن فرنسا مستعدة للعمل مع المعارضة السورية. وردا على سؤال حول ما إذا كانت فرنسا تتوقع شكلا من أشكال التدخل التركي في سوريا قال جوبيه إنه يعارض أي تحرك من جانب واحد.

وأضاف «نحن ضد التدخل من جانب واحد.. إذا نفذ تدخل يجب أن تتخذ الأمم المتحدة القرار. وهذا هو رأي فرنسا دائما».

وقالت فرنسا إنها على اتصال بجماعات المعارضة السورية، وقال جوبيه إن باريس مستعدة للعمل مع المعارضة لكنه دعاها فيما يبدو إلى عدم استخدام المنشقين عن الجيش لشن هجمات ستؤدي إلى نشوب حرب أهلية في سوريا. وقال جوبيه: «نوجه دعوة إلى المعارضة السورية.. وهي تجنب الحرب الأهلية.. نأمل ألا يتم تعبئة الجيش، فهذه ستكون كارثة». وأضاف: «ندافع عن موقفنا الذي تبنيناه منذ البداية وهو الوقوف ضد العنف لكن حان الوقت لتوحيد جهودنا وفرض عقوبات أكثر صرامة. نحن بحاجة إلى دراسة هذا في الجمعية العامة للأمم المتحدة».

وفي إطار التحركات الفرنسية المكثفة لزيادة الضغوط على النظام السوري، التقى رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو أمس، وندد بتزايد القمع في سوريا، معتبرا أن الرئيس السوري لا يزال «يتجاهل» نداءات الأسرة الدولية، وقال فيون «نعتبر أن الوضع يتردى أكثر فأكثر، والأسد صم أذنيه بمواجهة الدعوات من جانب الأسرة الدولية ولم يف بوعود الإصلاح وما زالت أعمال القتل مستمرة». وتابع «نعتقد أنه لا غنى عن زيادة الضغوط الدولية وتقدمنا بمسودة قرار أمام الأمم المتحدة نأمل بأن تجد دعما واسعا قدر الإمكان». إلا أن بوتين دعا إلى إبداء «ضبط النفس والحذر» بالنسبة إلى الوضع في سوريا، وقال: «نحن ندعو إلى ضبط النفس والحذر، هذا هو موقفنا» إزاء سوريا، وذلك خلال مؤتمر صحافي في موسكو بعد يوم من تحذير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من حرب أهلية في سوريا. واتهمت روسيا المعارضة السورية بتأجيج الاضطرابات في البلاد، وهو الموقف الذي أثار حفيظة الغرب الذي يريد أن تنضم موسكو إلى الضغوط الدولية بشكل مباشر ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وكان دبلوماسيون من كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا قد تقدموا أول من أمس بمسودة قرار لدى لجنة حقوق الإنسان التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة تدين انتهاكات حقوق الإنسان من جانب الحكومة السورية للتصويت عليها الثلاثاء المقبل، بحسب توقعات المسؤولين.

ومن شأن تمرير مسودة هذا القرار زيادة الضغوط على مجلس الأمن الدولي للتحرك إزاء الأزمة السورية. وكانت روسيا والصين قد استخدمتا «الفيتو» الشهر الماضي ضد مشروع قرار بمجلس الأمن يدين حملة القمع التي تقوم بها القوات السورية. وجاءت دعوة بوتين لضبط النفس بعد أن سأله صحافي إذا ما كانت روسيا ستدعم قرارا في الأمم المتحدة يدين النظام السوري، ولم يكن واضحا ما إذا كان رد بوتين يتعلق مباشرة بذلك. غير أن بوتين أكد أن روسيا مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي. وقال بوتين «لا ننوي تجاهل رأي شركائنا وسنتعاون مع الجميع».

وبعد أن حذر وزير الخارجية الروسي أول من أمس من أن العمليات التي يشنها «الجيش السوري الحر» ضد القوات النظامية تقرب سوريا من حرب أهلية، اعتبر المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أمس أن تلك الهجمات ليست سوى نتيجة لـ«الإصرار الأعمى والوحشي» للرئيس بشار الأسد على قمع شعبه. وأضاف المتحدث الفرنسي في مؤتمر صحافي «ما يحدث، وبالتحديد هذا النوع من الأوضاع، ليس سوى نتيجة لهذا الإصرار الأعمى والوحشي لبشار الأسد على قمع شعبه منذ أشهر». وتابع فاليرو «يجب ألا نتعجب في مثل هذه الظروف من أن نصبح في مواجهة أوضاع من هذا النوع، من ثم فالضرورة ملحة لكي يتجند الجميع في المجتمع الدولي لكي يتوقف كل ذلك».

وكانت المعارضة السورية أفادت بأن منشقين عن الجيش هاجموا الأربعاء مركزا للاستخبارات الجوية قرب دمشق، في هجوم هو الأول من نوعه منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية الواسعة ضد نظام الأسد قبل ثمانية أشهر. وأدانت الولايات المتحدة هذا العمل معتبرة أن أعمال العنف تصب في مصلحة النظام. وردا على سؤال حول تنامي ظاهرة الانشقاق عن الجيش السوري قال فاليرو إنه يأمل بأن يشكل هذا الأمر «مصدر قلق للنظام»، معتبرا أنه «يكشف عن أنه باتت هناك ثغرات في السلسلة التراتبية للجيش، لأن هناك عسكريين في سوريا أصبحوا يرفضون تنفيذ الأوامر الوحشية التي تعطى لهم».

وتابع فاليرو «كلما زاد عدد المنشقين ضعفت قدرة نظام دمشق على القمع»، مضيفا أن «حركة التأكل داخل الجهاز العسكري السوري تتواصل، وكلما تواصلت ضاق الخناق على النظام».

وخلص فاليرو إلى القول بأن «كل شيء يشير إلى أننا نعبر باتجاه مراحل جديدة، في الداخل مع انشقاقات داخل الجهاز القمعي، وفي الخارج مع تزايد عدد الدول التي بدأت تتحرك جديا مثل تركيا والجامعة العربية».