واشنطن تخطط لتوجيه ضربة لطهران بإعلان عقوبات جديدة على النفط

تحشد لتأييد دولي لاستهداف البنك المركزي الإيراني أو مزيد من القيود على صناعة البتروكيماويات

إيراني يمر من أمام مبنى السفارة الأميركية السابق في طهران، أمس، وقد وضع في مدخله تمثال يحاكي نصب الحرية في الولايات المتحدة، إلا أن قضبان سجن أضيفت إليه (أ.ف.ب)
TT

تخطط إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لفرض جولة جديدة من العقوبات على صناعة البتروكيماويات في إيران، وفقا لما ذكره أحد المسؤولين الغربيين الذي أطلع على هذه الخطط أول من أمس، وذلك بعد أقل من أسبوعين عقب نشر تقرير للأمم المتحدة يحتوي على أدلة توضح أن الحكومة الإيرانية كانت تعمل على صنع سلاح نووي.

وستبنى العقوبات، التي من المتوقع أن يتم الإعلان عنها غدا، على أساس التدابير القائمة بالفعل ضد صناعة النفط والغاز في إيران، والتي تهدف للحد من الاستثمار الأجنبي في المصافي وغيرها من المرافق. وقال المسؤول إنه من المتوقع أن تعلن الدول الأوروبية عن اتخاذ تدابير مماثلة عندما يجتمع قادتها في وقت لاحق من هذا الأسبوع.

وتأتي هذه العقوبات بعدما انتقدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تعد بمثابة هيئة لمراقبة الأنشطة النووية خاصة بالأمم المتحدة، طهران، الجمعة، ولكن هذا الانتقاد لم يصل إلى حد التهديد بفرض المزيد من الضغوط أو اتخاذ المزيد من الإجراءات للحد من البرنامج الإيراني لتخصيب اليورانيوم المثير للجدل.

وقد قامت الولايات المتحدة في أعقاب صدور التقرير بالعمل على حشد تأييد دولي لفرض عقوبات جديدة على إيران، حيث ركزت الولايات المتحدة على فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني أو وضع مزيد من القيود على صناعة البترول.

ولكن هناك عقبات تعوق فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني، وذلك لأن الصين واليابان ودولا أخرى تعتمد عليه في القيام بالمعاملات المالية الخاصة بعمليات شراء النفط، كما أن البيت الأبيض متردد أيضا في اتخاذ تدابير يمكن أن تؤدي إلى ارتفاعات حادة في أسعار النفط وإحداث هزة في الاقتصاد الأميركي الهش. وعلى الرغم من أن تفاصيل العقوبات الجديدة ما زالت غير واضحة، حيث رفضت وزارة الخزانة الإدلاء بأي تعليق، فإن المسؤول قال إنها تركز على الاستثمارات في صناعة البتروكيماويات في إيران بشكل أكبر من تركيزها على الإقلال من مبيعات النفط، التي قد تؤثر سلبا على السوق.

وقد لقي انتقاد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الوقت نفسه استجابة فورية وحادة من إيران، التي أكدت أن الأدلة التي يحتويها تقرير الوكالة ملفقة من قبل أعداء الجمهورية الإسلامية. وقد أصر المبعوث الإيراني لدى الوكالة على أن بلاده لن يكون هناك ما يردعها ولو «لثانية واحدة» عن تنفيذ برنامجها النووي، الذي تقول إنه مخصص للأغراض السلمية. وقال هذا الدبلوماسي إن إيران ستقاطع اجتماعا لدول الشرق الأوسط كان مقررا أن يتم عقده الأسبوع الحالي، والذي تمت الدعوة له لمناقشة سبل تخليص العالم من الأسلحة النووية.

وقد جاءت هذه التبادلات في ختام اجتماع مغلق لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المكون من 35 عضوا، والذي استمر لمدة يومين في مقر الوكالة في فيينا، وقد احتوى تقرير الوكالة، الذي صدر الأسبوع الماضي، على عدد كبير من الأدلة التي أدت إلى استنتاج مفاده أن هناك اشتباها حقيقيا في أن إيران تعمل في السر لبناء سلاح نووي، وأنها من المرجح أن تكون مستمرة في بذل الجهود لتحقيق ذلك.

ولم يشر القرار الختامي، الذي تمت الموافقة عليه بأغلبية ساحقة، إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضد إيران، أو إحالة المسألة إلى مجلس الأمن لاتخاذ ما يراه من إجراءات، وهو ما يعكس وجود توازن دبلوماسي بين القوى الغربية الحريصة على تكثيف الضغط على إيران واثنتين من القوى الدبلوماسية الكبرى، وهما روسيا والصين، اللتان تتبنيان خطا دبلوماسيا أكثر اعتدالا.

وقد أعرب القرار عن «القلق العميق والمتزايد حول القضايا العالقة بشأن البرنامج النووي الإيراني»، وحث إيران على العودة إلى المحادثات وكبح نشاطها النووي، كما حددت قرارات مجلس الأمن السابقة. وقد وافق المجلس على البيان بنسبة 32 إلى 2، حيث اعترضت عليه كل من كوبا والأكوادور، وامتنعت إندونيسيا عن التصويت. ولم يحدد القرار موعدا نهائيا لإيران للامتثال لمطالب الوكالة المتمثلة في السماح للمفتشين التابعين للوكالة بتفقد المواقع النووية الإيرانية وتحقيق مزيد من الانفتاح بشأن البرنامج النووي للبلاد. وقد رحب البيت الأبيض في بيان له بالانتقادات الحادة التي وجهتها الوكالة لإيران، مشددا على أن القضية التي يقيمها تقرير الوكالة ضد إيران قضية متكاملة الأركان، حيث ذكر البيان أن «تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية والإجراء الذي اتخذه مجلس المحافظين اليوم يفضح نهائيا وعلى نحو حاسم خواء كل المطالبات الإيرانية، ويعزز من مطالب العالم بأن تكف إيران عن الخداع وترقى إلى مستوى التزاماتها الدولية».

وقال المبعوث الإيراني لدى الوكالة، علي أصغر سلطانية، إن بلاده لن توقف تخصيب اليورانيوم ولو حتى لـ«ثانية واحدة»، وفقا لما ذكرته وكالة «رويترز»، بعد أن رفض في وقت سابق التكليف الذي ينص عليه التقرير واصفا إياه بأنه «غير ملزم قانونا، وبالتالي فهو غير قابل للتطبيق». وقال سلطانية إن بلاده لن تشارك في الاجتماع المزمع عقده لدول الشرق الأوسط في الأسبوع المقبل تحت رعاية الوكالة، والذي من المحتمل أن تشارك فيه إسرائيل والدول العربية.

ويبدو أن القوى الغربية التي ضغطت طويلا على إيران لوقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم، والمتمثلة في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، غير قادرة على استخدام تقرير الوكالة، الذي كان قويا بشكل غير متوقع، في إيجاد توافق في الآراء بشأن اتخاذ إجراءات أقوى ضد إيران، ويعكس القرار المعتدل نسبيا بدلا من ذلك وجود جدل دبلوماسي مطول ومكثف مع روسيا والصين ومعظم الدول الأخرى المعنية بشكل مباشر.

وقد اتهم سلطانية في وقت سابق الوكالة الدولية بتهديد حياة العلماء الإيرانيين من خلال قيامها بنشر أسمائهم في ملحق التقرير الذي صدر الأسبوع الماضي حول الاشتباه في قيام إيران بصنع أسلحة نووية. وقال سلطانية في رسالة أرسلها إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو: «إن قيام الوكالة بنشر أسماء العلماء النوويين الإيرانيين قد جعلهم هدفا للاغتيال من قبل الجماعات الإرهابية، فضلا عن جعلهم هدفا للاغتيال من قبل النظام الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات الأميركية».

وقد نشرت وكالة‌ أنباء الجمهورية الإسلامية، الممولة من قبل الدولة، أجزاء من الرسالة التي أشارت إلى أنه تم قتل الكثير من العلماء النوويين الإيرانيين في حوادث نسبتها إيران إلى إسرائيل وأجهزة الاستخبارات البريطانية والأميركية. واعتبر سلطانية أن الكشف عن أسماء الخبراء الإيرانيين يمثل انتهاكا لقواعد الوكالة، وقال إن طهران تحتفظ بحقها في طلب تعويضات من الوكالة عن أي ضرر يصيب موظفيها أو ممتلكاتها نتيجة للتقرير، وهو ما يمكن أن يعتبر إشارة للمخاوف التي أعربت عنها طهران مرارا من قيام إسرائيل بشن ضربة عسكرية على منشآتها النووية. وقد تضمن تقرير الوكالة الحديث عن هجوم إسرائيلي محتمل، وهي خطوة قال وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، في الأسبوع الماضي عنها إنه سيكون لها «تأثير خطير» على منطقة الشرق الأوسط، وربما على القوات الأميركية في المنطقة، من دون أن تشكل إعاقة جدية للبرنامج النووي الإيراني.

وكان بانيتا قد أعلن رغبته في مقابلة إيهود باراك، نظيره الإسرائيلي، حيث أشار إلى أنه سوف يتحدث معه عن «العواقب» المحتملة جراء توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، وذلك في أثناء حديثه مع الصحافيين المسافرين معه إلى أحد المنتديات الأمنية في كندا، وهو المكان الذي من المقرر أن يجتمع فيه مع باراك.

* خدمة «نيويورك تايمز»